توصل العلماء إلى أنه يمكن الاستفادة من الأحلام كوسيلة غير تقليدية للعلاج ودون أن تترك أية مضاعفات ، وبالرغم من تشكيك البعض في جدوى العلاقة بين الحلم والمرض إلا أن بعض العلماء اتخذوا بالفعل الخطوات اللازمة لتفعيل هذه العلاقة حيث قاموا بإنشاء المعامل المتخصصة في هذا المضمار .
يقول د. ماهر القبلاوى خبير العلاج الطبيعي: العلماء لا يكتفون بطرق العلاج الموجودة حالياً، وتعتبر الأحلام أحد الأمور المنغلقة التي يفتش الطب وراءها للحصول على بدائل حديثة للوقاية والعلاج من الكثير من الأمراض، ويشجعهم على ذلك أن العلاج بالأحلام سيكون بلا أية مضاعفات أو أخطار على صحة المريض .
ويضيف د. القبلاوى معلومة مهمة وهي أن قدماء الفراعنة والصينيين استخدموا الأحلام في العلاج ويقول: كان ذلك قبل الميلاد وحتى الآن مازال بعض الهندوس والصينيين يمارسون العلاج بالأحلام مما جعل العلماء والباحثين يقومون بإنشاء وحدات ومعامل متخصصة في هذا الشأن.
ويرى د. القبلاوي ضرورة أن نفرق بين نوعين من الأحلام، أحدهم لا قيمة له وبالتالي لا يبنى عليه حكم في تشخيص المرض أو علاجه وهو الحلم الذي يحدث بعد الذهاب للفراش مباشرة والذي يصاحب الحمى وارتفاع درجة الحرارة نتيجة تأثر النائم بعوامل خارجية كالبرودة مثلاً، أما الأحلام التي يقصدها العلماء فهي التي تحدث أثناء منتصف الليل وآخر فترة النوم، ويكون فيها النائم مستريحاً في فراشه لا يشكو من أي ألم ولم يتعرض لمؤثرات خارجية قبل نومه.
تشخيص المرض
ويؤكد د. محمد صفوت خبير الطب النفسي على أن الأحلام سوف تكون أحد أهم الوسائل العلاجية الفعالة في المستقبل وليس من المستبعد أن يقوم عليها علم بذاته له أسسه وقواعده ،حيث أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمشاكل الفرد وحياته الواعية، فالحلم يرسم صورة واضحة للحالة الذاتية التي يرفض العقل الواعي أن يعترف بها إلا مكرهاً، وهنا تأتى أهمية الحلم في معالجته لمعظم المشكلات النفسية لدى الفرد.
ويرى د. صلاح حسنين استشاري الأمراض الباطنية أن الأحلام قد تكون تحذيراً غيبياً لبعض الأمراض العضوية،وأثبت العلم الحديث بالفعل أن هناك علاقة ما بين الأحلام وبعض الأمراض، فمثلاً لوحظ أن إصابات الشرايين تسبقها دائماً كوابيس.
ولكن ليس في كل الأحوال وإنما في تلك التي تتكرر بصفة دورية، والعجيب أن تلك الكوابيس تستمر بعد اكتشاف المرض بصورة قصيرة، وقد أثبت العلماء أن هذا النوع من الأحلام يحدث نتيجة للاحتقان في أوردة الصدر والقلب.
وما يتبعها من اختناق، ومخ الإنسان به بعض البرامج الغريزية الطبيعية وأخرى تكون مكتسبة بواسطة الخبرات، وأثناء فترة النوم تتكون بنوك للمعلومات بما يستجد، وهكذا يصبح من الممكن تماماً تشخيص المرض حتى ولو كان عضوياً وليس نفسياً فقط.
كيفية العلاج
وحول كيفية العلاج بالأحلام يقول د. سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة: تم مؤخراً الكشف عن أحد أهم الأبحاث العلمية والذي تناول آليات عمل الحلم وكيفية بنائه ، فعند تهيئة المناخ والظروف الملائمة يصبح في إمكان المرء أن يشكل أحلامه كما يفعل النحات بالصلصال.
وهذا التشكيل يكون موجهاً لعلاج المرض نفسياً أو عضوياً ، وهذا يؤكد أن الأحلام ليست من أمور الصدفة التي لا تتكرر ولا يمكن بناؤها من جديد، بل إنها مرتبطة بما يسمى بالإصغاء إلى ذلك الاندفاع الداخلي نحو النمو.
وحول إمكانية التحكم في محتويات الحلم يقول د. حامد زهران أستاذ علم النفس وعميد كلية التربية بجامعة عين شمس سابقاً: في بعض الأحيان يمكن أن نتحكم في محتويات الحلم وذلك عن طريق الإيحاء قبل النوم بشيء ما ونحن نرى ذلك من خلال عملية التغريف العقلي التي تتبع أحياناً مع بعض المرضى النفسيين.
ويؤكد د. زهران على ان المؤثر الخارجي أحد العوامل المهمة في تشكيل الحلم والتحكم في محتوياته ، فمثلاً إذا شاهد المرء فيلماً من أفلام الرعب فمن الممكن أن يكون حلمه مزعجاً على عكس مشاهدة فيلم مرح ورومانسي، وعلينا أن نختار التوقيت المناسب لتتبع الأثر التكويني للحلم، فالنوم الطبيعي يتكون من أربع مراحل مختلفة ومتكررة تسمى «الدورة».
وتتكرر هذه الدورة مرتين أو ثلاث مرات أثناء فترة النوم الخفيف والنوم العميق، وأهم هذه المراحل مرحلة النوم العميق التي تصاحبها حركة سريعة في العين مع تغيرات في نتائج جهاز رسم المخ الكهربائي، وهنا يحدث الحلم ويستمر مدة تقارب النصف ساعة.
والخلاصة كما يقول د. زهران أننا إذا تحكمنا في محتوى الحلم مع معرفة دقيقة بميعاد حدوثه فإنه يمكننا إقحام الحلم الذي نريده ،ولكن إلى الآن مازال الأمر في طور البحث والتحليل عن حلم مقصود يوضع بدقة ليقوم اللاشعور بترجمة لما يحدث أثناء النوم ويمكن الاستفادة منه.