صقر الشبيب.. مزاج حاد شديد البرم ببعض جوانب الحياة اليومية

يعد صقر الشبيب شاعر الكويت في عصره، صدر له ديوان شعر، وألفت في حياته وأدبه مؤلفات خاصة، وأدرج اسمه في شعراء العرب في العصر الحديث، وله ذكر خاص في «أدب الخليج». وفي كتاب «صقر الشبيب وفلسفته في الحياة» أن ولادته كانت حوالي 1312 هجرية «تقابل 1896م» أصيب صقر بالعمى وهو ابن تسع سنوات على إثر مرض لم يفلح معه العلاج المتوفر آنذاك في الكويت.

كان صقر من أسرة فقيرة: فوالده تعيّش من الغوص مدة ثم عالج مهنة صيد السمك. تعلم في الكويت، وتابع دراسة لم تكتمل في الاحساء، وعاد إلى الكويت، وزاده الثقافي تلك الدروس، ومطالعات استعان فيها على من كان يقرأ له من الأصحاب والأصدقاء. وخلف الشاعر ديواناً في نحو 460 صفحة، قال فيه الباحثون انه قد لا يكون وافيا بجميع اشعاره.

وقد تصدر الكتاب المذكور قصيدة لصقر كأن المؤلف يرد بإيرادها على ما قيل في بعض مواقف صقر من عدد من العلماء ـ في ذلك الوقت ـ وفي هذه القصيدة:

ولله في ما يفعل الله حكمة

يفوت بها كتمانها العقل والحسّا

فمن حكمة فوق العقول سما بها

أطاف بنا خشن الحوادث والملسا

يطيف بنا سعد الخطوب ونحسها

ويمنعنا تعليلنا السعد والنحسا

في أبيات أخرى فيها تسليم بالقضاء والقدر، وتسليم بعجز الإنسان عن اقتحام المغيب.. الخ.

والذي جلب الكلام على صقر الشبيب أنه كان ذا مزاج حاد، قليل الصبر على أحواله، شديد البرم ببعض جوانب الحياة اليومية. ولم يوفق في أكثر من زواج، فكان هذا الإخفاق تغذية لروح الدعابة المرة، مع قدر كبير من الشكوى المرة أيضاً.

وقد جمع ديوانه أحمد البشر الرومي وقدم له أيضاً وحظي بمراجعة من عبد الستار فراج وفي الصفحة 348 منه: قيل له قيل لصقر الشبيب ماذا تكتب تحت رسمك؟ فكتب «أملى على من كتب» الأبيات.. وهي ثلاثة.

ومن هنا يذهب العجب أو الاستغراب حين يُرى شعر كتبه شاعر على صورته على الرغم من فقدانه بصره. واذا قرأنا الأبيات أدركنا أن هذه الاشارة من السائلين كانت فرصة أخرى لصقر لكي يبث شكواه المريرة، وأول الأبيات:

هذا خيال امرئ مذ شب ما اشتملت

على المسرة ـ حتى شاب ـ اضلعه

فهو ينفي ان يكون عرف أياماً من المسرة أو أوقاتاً من السرور. ولنقل «من الرضا» وقد ناقشت الدكتورة نورية الرومي شكوى صقر الشبيب، وأرجعت أكثرها إلى شدة التبرم، والضيق، وعدم الاحتمال.. وألمحت إلى ان الشاعر كان يتناسى أحيانا العناية التي كان يلقاها.

وقد قال:

وحسبك أنني أعمى مُقلّ

مُضَاعُ في الكويت بلا طلاب

وما استعذبت لي فيها مقاما

وكيف وقد أقمت على عذابي

فهو مقل: قليل المال، ويمكن ان نفهم العبارة على أنه لا مال عنده، وهو مضيع، معذب.

وله قصيدة طريفة بعث بها إلى رئيس البلدية ليرفع عنه غلط الجابي الذي يطرق بابه حالا بعد حال يتقاضاه الرسوم «ومن أين؟» ومن القصيدة:

طلبُوا منّي ما تس...

ليمهُ شقّ عَلَيَّهْ

خَفيت حاليْ عليهمْ

وهي بالفقرِ جَلِيَّهْ..

فأتوا يبغون عندي

ما يَدي منه خَليّةْ!

ومن هنا كانت أبياته التي نظمها لتوضع تحت صورته جزءاً من شكوى حاله، أو هي صورة أخرى بائسة: مرسومة بالكلمات، والأبيات كاملة هي:

هذا خيال امرئٍ مذ شب ما اشتملتْ

على المسرّة حتى شاب أضْلُعُهُ

ما إنْ تناول من آماله سَبباً

إلاّ رأى مُدْيَةَ الأيام تقطعهُ

وأيّ صادٍ من الأحرار ما وقفت

دُنْيَاهُ عن كلّ ما يرْويْه تدفعهُ؟!

يقول من عادة الأيام «أحداث الحياة» أن تمنع العطشان من الوصول إلى ما يرويه ويطفئ ظمأه والمُراد نقص نصيبه في الدنيا وسوء حظه.

الأكثر مشاركة