(سامي برهان) فنان تشكيلي سوري حروفي من مواليد حلب عام 1929. اهتم بالخط العربي منذ نعومة أظفاره، تتلمذ على يد الخطاط حسين حسني عام 1954. درس التصوير والنحت وصك العملة في إيطاليا، وأقام فيها لسنوات طويلة قبل أن يعود مؤخراً إلى موطنه.

نهضت تجربة الفنان سامي برهان الحروفيّة على نوع من الاختزال الشكلي، والاقتصار على الضروري المعبر منه، كما قام بتطعيم أعماله، بعناصر زخرفيّة، وكتابات عربيّة، جاءت على شكل حكم وأقوال مأثورة. تطورت تجربة الفنان برهان أثناء إقامته في إيطاليا لتأخذ شخصية حروفيّة متفردة، قائمة على نوع من الهجائيّة العربيّة في تكوينها، وعلى مضامين وشعارات حضاريّة، تستمد أصولها من التراث العربي، وتتجه بآفاقها نحو المضامين الإنسانية والفكرية والتربوية المعاصرة.

بعد اغتراب طويل عن الوطن، عاد الفنان سامي برهان إلى مسقط رأسه وهو يحمل جملة من المشاريع والأماني، من بينها إشادة بيت ما بين حلب وقلعة سمعان، يمضي فيه ما تبقى من العمر.وبالتالي أن يتحول هذا البيت إلى منتدى يجتمع فيه الشبان المتعطشون للمعارف، لتتفتح أمامهم آفاق الفكر والإبداع، ويقوم بينهم تقارب فكري ثقافي، فلعلهم يصبحون أول قطرة في تيار شاب خلاق يروي جذور شجرتنا العتيقة، فتعطي مزيداً من الثمار الخيرة لهذه الأمة الطيبة. بالمقارنة ما بين أعماله القديمة والحديثة، نجد أن الفنان سامي برهان، حقق إضافة هامة على صعيد اللغة البصريّة، وعلى صعيد التجربة الحروفيّة العربية بشكل عام، فقد تغيرت بنية اللوحة لديه. تغيرت عناصرها وألوانها، واقتربت كثيراً من لوحة الفنان الراحل محمود حماد، حيث يتواكب اللون والخط، والبناء التكويني المدروس والمتين والثراء اللوني الذي يتوضع في الحرف والخلفيّة.

بمعنى آخر: أصبح العمل الجديد للفنان سامي برهان يُنسب بسهولة ويسر، إلى اللوحة والصورة، حيث تؤدي كافة العناصر التشكيلية فيها مهامها المناطة بها:

اللون الجميل، العميق الإيحاء، المتدرج الدرجات، والتكوين الحروفي السابح فوق المساحة اللونية، الداخل فيها جزءاً لا يتجزأ منها، وهو تكوين متماسك، قوي الحضور، يشغل غالبية مساحة اللوحة، لكن دون إقحام أو ضجيج أو نشاز، بل يتآلف وينسجم ويتكامل مع ما حوله من ألوان وأشكال، ليؤدي معها، حالة متوافقة، تذهب بالعين بعيداً، في رحلة تمتع وتُثير وتحرض، دون أن يكون المتلقي بحاجة لإدراك الدلالة المباشرة، أو المعنى الذي يقدمه النص الحروفي الذي أشاد الفنان به تكوين اللوحة.

بمعنى آخر: اللوحة الحروفية الجديدة لسامي برهان، أصبحت متكاملة تشكيلياً. تقدم نفسها بسهولة ويسر، لكل متلقٍ، عربياً كان أم أجنبياً، ذلك لأن القيم الجمالية التي نهضت عليها، تجردت من دلالة الكلمة المباشرة، إلى دلالة بصريّة أشمل وأعمق، تؤديها لغة بصرية عربية الخواص والروح، أكاديمية المشارب والخبرات، متفردة الأسلوب والصياغة، يتعانق فيها التصوير بالعمارة.

والنحت بالرسم، والإعلان بالغرافيك. لغة فنية حروفيّة تحمل مقومات تفرد واضح، ليس في التشكيل السوري الحروفي فحسب، بل والعربي أيضاً.

د. محمود شاهين