تزخر الهند بالكثير من المعالم التاريخية والحضارية ذات المعمار المتميز والتاريخ العريق الذي يشي بصلته العميقة في ماضٍ كانت له ملامحه الخاصة وبصمته الفريدة. فالمساجد والمنائر التي تركها المغول المسلمون في عموم الهند تعد من النفائس النادرة هندسةً ومعماراً وتقنية رياضية ندر أن وجدت في مناطق أخرى و«قطب منار» هو معلم تاريخي هندي يقع في دلهي وتعد منارته الأطول من نوعها في الهند وثاني أطول المنارات في تاريخ العالم الإسلامي بعد منارة الجيرالدا في أشبيلية.

وكان «قطب الدين أيبك» وهو أول حاكم تركي من المماليك ممن أسسوا سلطنة دلهي ونشروا الإسلام في ربوعها هو الذي بدأ ببناء هذه المنارة عام 1193 فبنى المستوى الأول منها، فيما أكمل بقية المستويات خليفته «إلتمش»، أما المستوى الأخير فأكمله فيروز شاه تغلق عام 1368 لتكون من عجائب البناء الإسلامي الشاخص حتى اليوم رغم مرور أكثر من سبعة قرون بطولها البالغ 250 قدماً.

تشكل معمار هذه المنارة من انتزاع أجزاء من سبعة وعشرين معبداً هندوسياً وبنيت من الحجر الرملي الأحمر بنسب رياضية وهندسية غاية في الدقة والإتقان، متوجة بالمرمر الأبيض في طبقاتها العليا ومزخرفة بالآيات القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل بارز يمكن للرائي قراءتها.وتم بناء المنارة على أنقاض «لال كوت» البرج الأحمر لمدينة دلهي القديمة الذي بناه راي بيثورا عام 1180 آخر حاكم هندوسي لإمارة دلهي ويوجد بداخلها درج حلزوني يعد 379 درجة، يمكن عن طريقه الوصول إلى القمة .

وتم غلقه في وجه الجمهور بسبب حالات الانتحار الغريبة التي حدثت في القمة، إذ لا يتماسك من يصل هناك وهو يرى دلهي كاملة أمامه فيشعر بالارتفاع الحقيقي لها. يبلغ القطر في القاعدة 3. 14 م فيما لا يتجاوز ال7. 2 متر في أعلى المبنى. وتعد هندستها أعجوبة معمارية اختلط فيها الفن الهندي بالإسلامي العربي التركي ولم تعرف سنوات البناء ولا المهندس الذي أشرف على تصميم هذا المزيج الجميل من البناء والحفر على الحجر.

نيودلهي ـ وارد بدر السالم