يبدو أن ثقة الأندية المصرية في المدرسة البرتغالية في التدريب، انتقلت بالتبعية إلى الاتحاد المصري لكرة القدم، الذي أعلن أخيراً التعاقد مع المدرب البرتغالي روي فيتوريا، لتولي الإدارة الفنية لمنتخب مصر الأول، خلفاً للمدرب الوطني إيهاب جلال، وعقب التعاقد مع فيتوريا، باتت المدرسة البرتغالية هي الأكثر حضوراً في مصر حالياً بواقع 5 مدربين.
وزاد عدد المدربين البرتغاليين في الكرة المصرية، وذلك وسط غياب تام لباقي المدارس الأجنبية، ومن بين 18 فريقاً يمثلون قوام الدوري الممتاز في مصر، يوجد 5 مدربين أجانب فقط، 4 من المدرسة البرتغالية، والاستثناء الوحيد هو اليوناني تاكيس جونياس، المدير الفني لفريق بيراميدز.
ولجأ قطبا الكرة المصرية، الأهلي والزمالك، إلى المدرسة البرتغالية في التدريب، حيث تعاقد الأهلي أخيراً مع البرتغالي ريكاردو سواريش، فيما يتولى مواطنه المخضرم، جوسفالدو فيريرا، الإدارة الفنية للزمالك، وذلك بالإضافة إلى نونو ألميدا مدرب فريق فاركو وجوفارن فييرا مدرب فريق إنبي.
تجربة ثانية
ويعتبر فيتوريا هو التجربة البرتغالية الثانية في تاريخ منتخب مصر، حيث سبقه مواطنه، كارلوس كيروش، الذي تولى تدريب «الفراعنة»، في الفترة من سبتمبر 2021 وحتى مارس 2022، وجاء رحيله بعد الإخفاق في تحقيق لقب بطولة كأس الأمم الأفريقية، والخسارة أمام منتخب السنغال في المباراة النهائية، وكذلك فشل التأهل إلى كأس العالم المقبلة (قطر 2022)، وفي فترة تولي كيروش تدريب منتخب مصر، كان مواطنه البرتغالي نيلو فينجادا، يعمل في منصب المدير الفني لاتحاد الكرة المصري.
واستجاب مسؤولو اتحاد الكرة المصري إلى الضغوط الجماهيرية وقرروا في لحظة غضب رحيل كيروش، وحدث انقسام بين أعضاء الاتحاد حول مصير المدرب البرتغالي، لكن بعد أن هدأت الأوضاع، كانت هناك محاولات للإبقاء على كيروش، لكنها باءت بالفشل، وتولى المهمة من بعده إيهاب جلال الذي قاد «الفراعنة» في ثلاث مباريات فقط، وجاء رحيله أسرع من المتوقع.
وبعد رحيل جلال، جاء التعاقد مع فيتوريا بعقد يمتد لأربع سنوات، مقابل 2 مليون و400 ألف دولار سنوياً، أي سيحصل على 200 ألف دولار شهرياً، ويتواجد معه 4 مساعدين من بينهم مدرب حراس المرمى.
ويحضر المدرب البرتغالي إلى مصر الأسبوع المقبل، ومعه معاونوه، على أن يظهر للمرة الأولى في مؤتمر صحافي لتقديمه إلى وسائل الإعلام والجمهور، في 20 الجاري، وستكون مباراة القمة بين الأهلي والزمالك، في نهائي كأس مصر، في 21 الجاري، هي أول مباراة يحضرها فيتوريا من الملعب.
وتباينت الآراء حول تعيين فيتوريا (52 عاماً) لتولي تدريب منتخب مصر، وفي الوقت الذي اعتبر البعض أن تعاقد مسؤولي الكرة في مصر مع فيتوريا بعقد طويل الأجل، سيمثل نقلة كبيرة للكرة المصرية ورسم خطط التطوير والتحديث، مع بناء منتخب قوي يمكنه استعادة لقب كأس الأمم الأفريقية، والتأهل إلى مونديال 2026، إضافة إلى كونه مدرباً جيداً كان محط اهتمام مسؤولي النادي الأهلي المصري، قبل أن يتم التعاقد مع سواريش.
وكتب المعلق بلال علام عبر صفحته على تويتر: إن فيتوريا مدرب كبير وله تجارب ناجحة خصوصاً مع فريق بنفيكا البرتغالي، وأنه قادر على صنع الفارق مع منتخب مصر وتقديم أداء جيد وتحقيق نجاحات كثيرة، ولفت إلى إشادة المدرب بيب غوارديولا بمواطنه فيتوريا في كتابه، ويرى علام أن فيتوريا قادر على إعادة «الفراعنة» إلى منصات التتويج مجدداً.
مخاوف
فيما يتخوف أصحاب الرأي المغاير من أن روي فيتوريا لم يسبق له تدريب المنتخبات، وهو الرأي الذي أيده لاعب الأهلي ومنتخب مصر السابق مجدي عبد الغني، ولفت إلى أن مدرب منتخب مصر الجديد، تمثلت خبراته مع الأندية فقط، ولم يسبق له تدريب المنتخبات، وهو الأمر الذي يحتاج إلى خطط مختلفة عن الأندية، كون تجمعات المنتخبات تقام على فترات بعيدة، كما أنه يحتاج إلى متابعة عدد كبير من لاعبي الأندية المصرية لوضع التشكيل الأنسب للمنتخب.
وبدأ فيتوريا مسيرته التدريبية عام 2004 وتنقل بين أندية الدرجة الثانية والثالثة في البرتغال، وفريق الشباب لنادي بنفيكا، وجاءت أولى خطواته في دوري المحترفين البرتغالي مع نادي فيتوريا غماريش، ثم انتقل لتدريب بنفيكا، ومنه إلى النصر السعودي، قبل محطته الأخيرة مع نادي سبارتاك موسكو الروسي، ما فتح باب التساؤل حول قرار اختيار فيتوريا لقيادة الفراعنة؟
وحصل روي فيتوريا على 8 بطولات هي، الدوري البرتغالي مرتين وكأس البرتغال مرتين وكأس الدوري البرتغالي مرة وكأس السوبر البرتغالي مرة والدوري السعودي مرة وكأس السوبر السعودي مرة.
وفي حالة استكمال فيتوريا مدته المتفق عليها مع المنتخب المصري، سيكون أطول مدرب أجنبي يقود «الفراعنة»، حيث سبق وقاد مايك سميث تدريب مصر خلال الفترة من 1985 حتى 1988 وتوج خلالها مع منتخب مصر ببطولة كأس الأمم الأفريقية في نسخة عام 1986 التي أقيمت في القاهرة.
المهمة الأولى
وستكون أول مهام فيتوريا الرسمية مع المنتخب المصري، في مواجهتي منتخب مالاوي سبتمبر المقبل، لصالح التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس الأمم المقررة في كوت ديفوار يناير 2024، ويتذيل «الفراعنة» المجموعة بـ3 نقاط، من فوز وحيد أمام غينيا وخسارة أمام إثيوبيا بهدفين نظيفين.
وعلى الأرجح لم يكن التعاقد مع البرتغالي روي فيتوريا من فراغ، وإنما جاء مدفوعاً بقناعة لدى الثنائي حازم إمام ومحمد بركات، عضوي مجلس إدارة اتحاد الكرة، بتوافق المدرسة التدريبية البرتغالية مع طريقة لعب منتخب مصر، خصوصاً مع تولي اثنين من المدربين البرتغاليين قيادة قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك، وهو ما من شأنه أن يحدث توافقاً في الفكر التدريبي بين مدرب المنتخب ومدربي القطبين، خصوصاً وأن لاعبي الأهلي والزمالك يمثلان القوام الأساسي للمنتخب، وقد يكون ذلك التوافق أحد عوامل التطور وتحقيق نتائج إيجابية خلال المرحلة المقبلة.
نجاحات سابقة
وفي السابق، حققت المدرسة البرتغالية نجاحات جيدة على الساحة الكروية المصرية، خصوصاً مع فريقي الأهلي والزمالك، ويعد المدرب البرتغالي مانويل جوزيه، هو الأكثر نجاحاً بين مواطنيه بالدوري المصري، حيث قاد فريق النادي الأهلي لتحقيق الألقاب محلياً وقارياً.
كما نجح البرتغالي جوسفالدو فيريرا في تحقيق الثنائية المحلية، الدوري والكأس، في ولايته الأولى مع الزمالك، في موسم (2014 – 2015)، ويسعى المدرب المخضرم لتكرار الإنجاز ذاته في ولايته الحالية مع الفريق الأبيض، كما حقق الزمالك لقب الدوري مع البرتغالي فينجادا عام 2004.
لكن بعيداً عن تحقيق البطولات، هناك مدربون ممن يحملون الجنسية البرتغالية، كانت لهم تجارب متواضعة مع الأندية المصرية، منهم جورفان فييرا المدير الفني الحالي لفريق إنبي، الذي خاض تجارب سابقة مع الزمالك وسموحة والإسماعيلي، ومن بين التجارب الثلاث حقق بطولة واحدة مع الفريق الأبيض، إضافة إلى إيناسيو وكاجودا وباتشيكو مع الزمالك أيضاً، وأنطونيو أوليفيرا وجوزيه بيسيرو مع الأهلي، وبيدرو بارني مع الجونة والإسماعيلي، وليونيل بونتس مع الاتحاد.