في قلب المشهد الرياضي النسائي في الإمارات، تقف ميثاء بن ضاوي عضو مجلس إدارة اتحاد الإمارات لكرة السلة، كأحد الأسماء اللامعة التي وضعت بصمة حقيقية في مسيرة كرة السلة النسائية، بعد أن تسلّحت بالشغف والخبرة، وكرّست وقتها وجهدها لبناء قاعدة صلبة، تُشكل مستقبل اللعبة في الدولة.
حين انضمت ميثاء إلى اتحاد كرة السلة، كانت اللعبة لا تزال محصورة في فئة السيدات، ببطولات محدودة، وفرص أقلّ للانتشار، لكن رؤيتها كانت أكبر من ذلك بكثير، بدأت رحلتها بتوسيع القاعدة، لتشمل الشابات والناشئات والأشبال، وصولاً إلى البراعم، وتعمل الآن على استهداف فئة «الصغار»، التي تسبق مرحلة البراعم، إدراكاً منها لأهمية التكوين المبكر في إعداد جيل قادر على تمثيل الأندية والمنتخبات مستقبلاً.
ورغم هذه الخطوات الجريئة، لم تغفل ميثاء بن ضاوي عن التحديات التي لا تزال تواجه اللعبة، وتحدثت عن قلة الأندية الداعمة، حيث يقتصر النشاط حالياً على ثلاث جهات في الشارقة وأبوظبي، بينما تغيب أندية دبي عن المشهد، رغم التاريخ الجيد للعبة فيها، هذا التراجع في الحضور، يشكل عائقاً أمام نمو السلة النسائية، ويجعل من الضروري إعادة إحياء هذه اللعبة في إمارات مثل عجمان والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين، التي ترى فيها ميثاء بن ضاوي خامات واعدة، تستحق أن تُكتشف وتُصقل.
وقالت ميثاء بن ضاوي: إن من أبرز أولوياتها اليوم، هو خلق بيئة تدريبية شاملة، من خلال تنظيم دوريات منتظمة ومسابقات جديدة، وعقد شراكات استراتيجية تفتح باب الاحتراف أمام اللاعبات، مع التركيز على تأهيل الكوادر الفنية من مدربات وحكام، لضمان استدامة المنظومة وتكاملها.
وشهدت دبي مؤخراً تنظيم بطولة دبي الدولية لكرة السلة، تُوّج بها فريق بيروت اللبناني، وهي بطولة تراها ميثاء بن ضاوي خطوة مهمة، تؤكد أن الإمارات باتت وجهة رياضية مؤثرة في المنطقة، لكنها تُعبّر أيضاً عن تطلعها لأن ترى بطولة مماثلة تُنظّم للفرق النسائية، ما سيمنح اللاعبات الإماراتيات فرصة للاحتكاك بفرق قوية، ويعزز من ثقة الجماهير والجهات الراعية في إمكانات المرأة الإماراتية في الرياضة، حيث قالت لـ«البيان» بنبرة حماس واضحة: «البطولات وحدها لا تكفي، نحتاج لرعاة وشركاء يؤمنون باللعبة النسائية، ويقفون خلفها».
ومع كل هذه الخطط، لا تنكر ميثاء بن ضاوي أن اللاعبات المواطنات يواجهن عقبات لا تتوقف عند حدّ قلّة الفرص الاحترافية، بل تشمل أيضاً صعوبة التوفيق بين التزامات الحياة والدراسة واللعب، فضلاً عن اعتماد بعض الأندية على اللاعبات المحترفات أو المقيمات، ما يُضعف فرص المواهب المحلية في الاستمرار، وقالت ميثاء بن ضاوي: «نعمل على خلق توازن، نحافظ فيه على بناتنا، ونمنحهن الفرصة، بالتوازي مع الاستفادة من الخبرات الخارجية».
ولأن الاحتراف لا يأتي من فراغ، فقد نظّم الاتحاد معسكراً خارجياً في واشنطن دي سي، بالتعاون مع السفارة، ترك أثراً كبيراً في تطوير الأداء الفني للاعبات، وتسعى ميثاء لتكرار هذه التجارب، وتوسيع رقعتها، لتشمل أكبر عدد ممكن من اللاعبات الموهوبات.
النجاحات الإقليمية، بحسب ميثاء بن ضاوي، لا تزال في بدايتها، حيث حققت الفرق النسائية مراكز متقدمة في بطولات خليجية، لكن التحدي الحقيقي هو الاستمرارية، وهو ما يتطلب دعماً أكبر من الأندية، وزيادة عدد المباريات ذات المستوى العالي، والتدرّج في تطوير الجانب البدني والمهاري للاعبات، أما على صعيد المدارس والجامعات، فتؤكد ميثاء أن هناك تعاوناً قائماً مع وزارة التربية والجهات الرياضية، لإدماج اللعبة في البرامج التعليمية، باعتبار أن الاستثمار في الأجيال الصغيرة، هو الأساس لأي مشروع رياضي ناجح.
وفي ختام الحديث، أشارت ميثاء بن ضاوي إلى عنصر لا يقل أهمية عن أي خطة أو بطولة، وهو الإعلام، حيث ترى أن التغطية الإعلامية الحالية، ما زالت دون المستوى المطلوب، وأن كرة السلة النسائية تستحق مساحة أكبر على الشاشات والمنصات، بما ينعكس على حجم المشاركة، ويمنح اللعبة دفعة جديدة نحو الأمام.