يمتلك عدد من المدربين الإماراتيين شهادات تدريبية عليا تؤهلهم للاحتراف الخارجي لقيادة أندية كبيرة لها وزنها، لكن يظل السؤال قائماً لماذا يحجم مدربونا المواطنون عن التواجد في الدوريات الخارجية سواء أكانت عربية أم آسيوية أم حتى أوروبية وهل يفتقد مدربونا لطموح الاحتراف؟
أم أن فكرة التسويق خارجياً تظل غائبة تماماً عن احتراف المواطنين، أم أن الخلل في التسويق الجيد لفكرة الاحتراف الخارجي، أم هو خوف من فشل التجربة.
على مدى السنوات الطويلة الماضية تظل 3 تجارب احترافية خارجية عالقة بالأذهان الأولى ثمانينيات القرن الماضي بعد تولي المدرب علي حسن تدريب أحد فرق سلطنة عمان لفترة وجيزة.
والثانية للدكتور عبدالله مسفر حينما تولى مهمة تدريب منتخب الأردن الأول قبل أربع سنوات بعد أن أبلى المسفر بلاءً حسناً مع النشامى، والتجربة الثالثة والأخيرة عندما تعاقد جمال الحساني مع فريق اللواء السعودي خلال الموسم الكروي السابق.
فيما تلقى هلال محمد عرضاً للعمل في سلطنة عمان ولكنه اعتذر، كما تلقى مهدي علي عرضاً لتولى تدريب منتخب العراق الأول، ومن ثم منتخب البحرين للناشئين، ولم يقبل بأي من العرضين.
دعم الاتحاد
أكد الدكتور عبدالله مسفر صاحب التجربة الأبرز في الاحتراف الخارجي أن المدرب الوطني يحتاج إلى الدعم المعنوي إلى جانب منحه الثقة لكي يتواجد خارجياً ويشعر بوجوده، لافتاً إلى أن اتحاد الكرة يجب أن يلعب دوراً مهماً في دعم مدربه المحلي لكي يظهر في الدوريات الخارجية، وضرب مسفر مثالاً بالاتحادين الألماني والبلجيكي، اللذين يقومان بدعم ودفع رواتب مدربيهم الذين يدربون في أفريقيا وحتى في الدوريات الأخرى.
مشيراً إلى أن المدرب في هذه الدول يكتسب خبرات كبيرة ويتطور شيئاً فشيئاً بين الدوريات حتى يصل إلى مبتغاه بالإشراف على منتخب كبير أو نادٍ له وزنه، كما حدث هذا السيناريو مع الألماني أوتوفيستر الذي تولى تدريب منتخب بنغلاديش، حيث تعرفت عليه في إحدى البطولات الآسيوية.
والتي شارك فيها منتخب الشباب الإماراتي ومنتخب بنغلاديش، ونوه إلى أن رواتب المدرب تحملها الاتحاد الألماني كاملة طوال تواجده في بنغلاديش لينتقل بعد ذلك إلى تدريب منتخب الشباب السعودي ويخوض تجربة مع الزمالك ثم المريخ السوداني والذي حقق معه نتائج لافتة أفريقياً لينتقل بعده إلى تولي تدريب أسود الكاميرون.
دفع الرواتب
وأضاف مسفر: يجب أن يحذو اتحاد الإمارات حذو بعض الاتحادات الأوروبية بدفع رواتب المدربين المواطنين إذا أتيحت لهم فرصة التواجد الخارجي، مشيراً إلى أن ظهور أي مدرب لن يكون داخلياً وإنما الاحتراف الخارجي هو من يثقل خبرات وقدرات المدرب المحلي والذي يتمنى أن تتاح له الفرصة في أحد الدوريات الأخرى من حولنا.
وأشار إلى أن انتشار المدربين اليابانيين والكوريين في دول مانيمار وكمبوديا نابع من اهتمام اتحادات هذه الدولة بالمدربين وتوفير كل السبل الكفيلة للنهوض بالكوادر التدريبية إلى جانب دعمهم أيضاً مادياً ومعنوياً وأن الهدف من ابتعاثهم لاكتساب الخبرات ونحن في الإمارات في أشد الحاجة لهذه النوعية، لكن أعود وأقول إن اتحاد الكرة لا يعير هذا الأمر جل اهتمامه.
وفيما يتعلق بتجربته مع منتخب الأردن، أشار مسفر إلى أنها تعتبر تجربة ناجحة بكل المقاييس وتحدياً كبيراً لنفسي.
حيث اكتسبت خبرة إضافية، وقال توليت تدريب النشامى خلال 15 مباراة وتمكنت من قيادة المنتخب إلى نهائيات كأس آسيا وبنيت للاتحاد الأردني فريقاً صلباً تم الاعتماد عليه خلال ثلاثة مواسم منذ رحيلي عن تدريب الأردن وأعتقد أنني من أرسيت قوام المنتخب الأردني الحالي وحققت معهم نجاحات لا ينكرها إلا مكابر.
استغلال الفرص
من جانبه، دعا جمال الحساني مدرب اللواء السعودي السابق زملاءه من المدربين المواطنين إلى ضرورة استغلال أي فرصة تدريبية تأتيهم أو عرض لتحقيق حلم الاحتراف الخارجي، والذي يختلف كماً وكيفاً عن التواجد في الدوريات المحلية.
وقال يجب أن يقبل المدرب الوطني بأي عرض يأتيه من الخارج بغض النظر عن الدرجة التي يلعب فيها النادي، معرباً عن أمله في أن يرى عدداً كبيراً من المدربين في الدوريات الخارجية، وكذلك اللاعبين ليمثلونا خير تمثيل، مشيداً بتجارب حكامنا المواطنين الذين نرفع لهم القبعات وهم يجوبون القارات شرقاً وغرباً من أجل رفع اسم الإمارات.
وفي اعتقادي أن حكامنا خير سفراء للرياضة وهم شرف كبير لنا ومصدر فخر، معرباً عن أمله في أن يكون القادم أفضل للمدربين واللاعبين ويلجوا عصر الاحتراف الخارجي.
تجربة اللواء
وتحدث الحساني عن تجربته السابقة مع نادي اللواء السعودي والذي ما كان يمتلك عنه أي معلومات لولا تواصله مع عدد من المدربين السعوديين الذين بسطوا له الأمور كثيراً وحفزوه على قبول عرض إدارة النادي السعودي الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية، مشيراً إلى أنه قبل التحدي على الرغم من أن الفريق كان يعاني كثيراً في دوري الدرجة الثانية ومهدد بالهبوط إلى دوري الدرجة الثالثة.
مشيراً إلى أنه خاض مغامرة صعبة جداً وكان لديه طموح كبير بأن يتمكن من تثبيت أقدام الفريق في دوري الدرجة الثانية.
وقال نجحت في تحقيق ذلك وعشت تجربة احتراف المدرب الخارجية بكل تفاصيلها خصوصاً وأنني ولأول مرة ابتعد عن وطني وعن أهلي، فضلاً عن كوني توليت تدريب النادي السعودي ولم يكن هناك أي وقت للراحة وعشت تجربة المدرب المغترب بكل حذافيرها، على الرغم من أن السعودية تظل وطني الثاني والملاعب السعودية لا تختلف كثيراً عن ملاعب الإمارات.
كما وصف تجربته بالناجحة بعد أن تمكن من إبقاء الفريق في الدرجة الثانية وليتم تجديد العقد معه للموسم الثاني توالياً بعد النجاحات التي تحققت لكن ولظروف خارجة عن الإرادة تركت تدريب فريق اللواء السعودي، وحتى بعد أن غادرت السعودية تركت الفريق في المركز الثاني ومنافساً قوياً على الصعود وبفارق نقطة وحيدة عن المتصدر للمسابقة.
كفاءة وترويج
أكد بدر طبيب مدرب فريق التعاون أن الإمارات يتواجد بها عدد من المدربين من أصحاب الكفاءات وحصلوا على شهادات تدريب عليا ولكنهم يفتقدون للترويج اللازم من قبل وكلائهم، منوهاً إلى أن المدرب الوطني يمكن أن يقود أقوى الأندية العربية أو الأجنبية وضرب طبيب المثل بتجربة الدكتور عبدالله مسفر مع النشامى والذي أبلى معهم بلاءً حسناً.
وذكر طبيب أن التجربة خير مثال لنجاح المدرب المواطن وأنه يمكن أن يحقق النجاحات المطلوبة متى ما أتيحت له الفرصة، ونوه إلى أن الإمارات تملك عدداً كبيراً من المدربين المتميزين، الذين سبق أن تولوا مهمة إدارة المنتخبات الوطنية وبعض الأندية، وحققوا معهم نجاحات كبيرة.
ولكن مشكلة المدرب الوطني تكمن في عدم وجود تسويق جيد له، وزيادة ثقة من الوكلاء والترويج الفعال له، ولذلك يقع العبء كله على كاهل المدرب المواطن في تطوير قدراته، والتسويق لنفسه.
وظيفة محلية
في حين، قال سعيد حمود المحرزي رئيس مجلس إدارة نادي مسافي: حينما نتحدث عن فرص الاحتراف للمدرب لا بد من مراعاة توافر عوامل النجاح في البلدان، التي سيقوم بالتدريب بها، فأحياناً تفتقد إلى تلك العوامل، وبالتالي تكون فرص النجاح محدودة، والمدرب هو من يدفع الثمن، كما أن مدربينا يترددون قبل قبول فرص الاحتراف نظراً لأن الأغلبية تملك وظيفة محلية خلاف التدريب.
ويختتم المحرزي قائلاً: «نحن نفتقد إلى المدرب النجم، والاحتراف الخارجي يبحث عن المدرب النجم في مجال عمله، لذلك لا بد أن يكون هناك تسويق فعّال للمدرب المواطن لكي ينال فرصة الاحتراف الخارج.
300
تشير الإحصائيات الأخيرة إلى تواجد قرابة 300 مدرب مواطن حاصل على رخصة تدريب رسمية، لكن غالبيتهم لا يكاد يحصل على فرصة في الدوريات المحلية ناهيك عن الاحتراف الخارجي.
ويتواجد حالياً مدربون فقط على رأس عملهم في كل من دوري أدنوك للمحترفين الذي يتواجد فيه عبد العزيز العنبري مدرب خورفكان وحيداً فيما يتواجد 6 مواطنين في دوري الدرجة الأولى هم محمد جالبوت (دبا الحصن)، بدر طبيب (التعاون)، محمد الطنيجي (الذيد)، فهد الدبل (مسافي)، معتز عبدالله (الجزيرة الحمراء)، محمد علي (سيتي).