النيران الصديقة.. 134 عاماً من التشويق

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكل الأهداف العكسية، الناتجة عن ما بات معروفاً بـ «النيران الصديقة»، فصلاً مشوقاً في مباريات كرة القدم، طوال 134 عاماً على صعيد الأندية والمنتخبات، إلى الحد الذي صار النظر إليها على أنها بمثابة الهدايا الذهبية التي تقدم مجاناً على طبق من ذهب من لاعب إلى فريق منافس، ما قد يقود إلى إحراز لقب بطولة كبرى، أو تغيير مسار ذلك اللقب، أو الخروج من دائرة الصراع على لقب. 

باختصار، يمكن تعريف أهداف النيران الصديقة، بأنها تلك الأهداف التي يسجلها لاعب في شباك فريقه لمصلحة فريق منافس آخر، وسط حالة من الذهول إلى حد الصدمة التي غالباً ما تنتاب مدرب وفريق وجماهير اللاعب، وبما يجعل الليلة التي تلي يوم تسجيل الهدف العكسي، ظلماء في عيون فريق وجماهير ذلك اللاعب!

ومنذ أن عرف نقاد وجماهير كرة القدم، أهداف النيران الصديقة قبل 134 عاماً، وبالتحديد في عام 1888 عندما سجل غيرشوم كوكس هدفاً تاريخياً في مرمى فريقه استون فيلا الإنجليزي لمصلحة نظيره وولفرهامبتون، ازداد مستوى التشويق الناتج عن تلك الأهداف، وصارت لها قصص مثيرة وحكايات راسخة في ذاكرة جماهير «الساحرة المستديرة» في مختلف أقطار الكرة الأرضية.

مباراة مفصلية

ويزداد تأثير أهداف النيران الصديقة كثيراً عندما تأتي في مباراة نهائية، أو مفصلية في أي محطة من محطات الصراع على اللقب، وبما يسفر عن قلب وقائع وخلاصات المباراة، رأساً على عقب سواء في داخل المستطيل الأخضر أو من على مدرجات الملعب.

وبكل تأكيد، فإن تسجيل لاعب ما هدفاً بالنيران الصديقة لمصلحة الفريق المنافس، لا ينظر إليه من زاوية التعمد أو القصد في التسجيل، بقدر ما هو نوع من عدم التركيز، كونه أبرز أسباب التسجيل في الشباك، والذي ينتج عن الارتباك والخطأ في إبعاد الكرة من أمام المرمى، أو نتيجة ارتطام تلك الكرة بأي جزء من أجزاء جسم ذلك اللاعب.

وفي دراسة إحصائية نُشرت في عام 2018، فإن عدد الأهداف العكسية المسجلة بالنيران الصديقة، قد بلغ 11 هدفاً في «مونديال» روسيا، وهو عدد كبير ولافت، وضع «مونديال» روسيا 2018 في المرتبة الأولى، مقارنة مع ما تم تسجيله عكسياً في «مونديال» البرازيل 2014، والذي شهد تسجيل 5 أهداف عكسية، و7 أهداف في «مونديال» فرنسا 1998.

مشوار البطولة

وفي دوري أدنوك للمحترفين لكرة القدم في الإمارات، وبعد مضي 8 جولات، برزت أهداف النيران الصديقة، وإن لم تتحول إلى ظاهرة، لكن مؤشرها بدأ بالارتفاع، خصوصاً مع بقاء 18 جولة من مشوار البطولة، ما يعني إمكانية أن يرتفع عدد أهداف النيران الصديقة مع الجولة الأخيرة للبطولة.

وشهدت الجولات الـ 8 من دوري أدنوك، تسجيل 6 أهداف عكسية أو بالنيران الصديقة، 3 منها في جولة واحدة هي السادسة، وذلك عبر سعود سعيد، لاعب عجمان في الجولة الثالثة من البطولة في مباراة فريقه أمام الشارقة، والتي انتهت لمصلحة الشارقة بثلاثة أهداف لهدفين.

وارتفعت محصلة أهداف النيران الصديقة في دوري أدنوك، بتسجيل 3 أهداف في الجولة السادسة، بإمضاء خليفة الحمادي، لاعب الجزيرة في مباراة فريقه أمام شباب الأهلي، والتي انتهت لمصلحة شباب الأهلي بهدفين لهدف، وأحمد برمان لاعب العين في مباراة فريقه مع الوحدة، والتي انتهت لفائدة العنابي بثلاثة أهداف لهدفين، وريان مينديز مهاجم النصر أمام بني ياس، وانتهت بالتعادل بهدف لمثله.

وفي الجولة السابعة من دوري أدنوك، سجل علاء زهير، لاعب الوحدة، هدفاً عكسياً لمصلحة الظفرة في مباراة الفريقين، والتي انتهت لمصلحة العنابي بأربعة أهداف لهدفين، فيما سجل محمد مرزوق، لاعب شباب الأهلي، هدفاً عكسياً في شباك فريقه لمصلحة العين في مباراة الفريقين ضمن الجولة الثامنة، والتي حسمها شباب الأهلي لمصلحته بهدفين لهدف.

تصور ذهني

الدكتور ناصر العامري، أخصائي علم النفس الرياضي، شدد على أن العمل مع لاعبي كرة القدم دائماً ما يحتاج إلى جهد نفسي يوازي العمل الميداني والنظري، لرفع مستوى التصور الذهني لدى اللاعبين، لافتاً إلى أن الأخطاء عادة ما تأتي نتيجة وضع نفسي محدد يعيشه اللاعب في لحظة ما، ثم فني يتعلق بقلة التركيز لدى اللاعب الذي يسجل هدفاً في مرمى فريقه لمصلحة المنافس، أو نتيجة الضغوط الناتجة عن أهمية المباراة، وارتفاع مؤشر حساسية النتيجة، ما يؤدي إلى نوع من الارتباك، خصوصاً لدى اللاعب قليل الخبرة.

وأشار إلى أن تأثيرات تسجيل الهدف بالنيران الصديقة، ترافق اللاعب الذي سجل الهدف خلال وبعد المباراة، وتلازمه حتى بيته ومع أسرته، خصوصاً إذا ما تم تسجيل ذلك الهدف في مباراة نهائية تشهد فقدان فريقه لقب بطولة مهمة، مشيراً إلى أن التأثيرات تزداد أكثر على اللاعب مع تحميل الجماهير له كامل المسؤولية، مشيداً بمقدرة بعض المدربين والإداريين والاختصاصيين في انتشال اللاعب المعني من دائرة الشعور بالذنب الناتج عن تسجيل هدف عكسي في شباك فريقه.

مباراة نهائية

خالد عبيد، نجم كرة القدم الإماراتية السابق، لفت إلى أن أهداف النيران الصديقة، حالة معروفة في عالم كرة القدم، تنتج غالباً عن خطأ يقع فيه اللاعب الذي يسجل هدفاً في شباك فريقه لفائدة المنافس، مشيراً إلى أن حجم تأثير ذلك الهدف، يزداد فيما لو جاء في مباراة نهائية يخسرها فريقه، معتبراً تلك الأهداف، مزيجاً من الفرح والحزن في آن واحد، فرح للفريق المستفيد، وحزن للاعب وفريقه الذي دخل في شباكه الهدف العكسي.

وأشار إلى أن أهداف النيران الصديقة، غالباً ما تكتسب وضعاً معيناً، خصوصاً في مباريات «الديربي» أو«الكلاسيكو» مستذكراً شريط «ديربي» النصر والأهلي (شباب الأهلي) في عام 1986، عندما شهدت دقائقه الأخيرة تسجيل جمال الوارشو هدفاً عكسياً لمصلحة النصر، من كرة عرضية وصلته من محمد كرم، حاول الوارشو إرجاعها لحارس مرماه، لكن الكرة دخلت الشباك، وفاز النصر في ذلك «الديربي»، ما أسهم في حصول العميد على درع الدوري، وأيضاً، تسجيل اللاعب صالح سالم، هدفاً عكسياً لمصلحة فريق الشعب (السابق)، عندما حاول تشتيت الكرة، لكنه أودعها في شباك النصر، لافتاً إلى أن المفرح في تلك المباراة، أن النصر فاز بها، ما قلل من مستوى الضغوط على اللاعب صالح سالم.

Email