شهدت الرياضات الجوية في الإمارات، نموًا متسارعا انتقلت خلاله من مجرد أنشطة ترفيهية إلى قطاع رياضي متكامل تعززه الاستثمارات الضخمة والدعم الحكومي المستمر.
هذا التطور السريع عزز من مكانة الإمارات ودبي تحديداً كوجهة عالمية في مجال الرياضات الجوية، وجعلها تستقطب الرياضيين المحترفين والهواة من جميع أنحاء العالم.
وبدأت أولى الخطوات الجادة نحو ترسيخ الرياضات الجوية مع تأسيس جمعية الإمارات للطيران في أغسطس 1997، وضمت الجمعية مجموعة من الشباب الإماراتيين المتحمسين، الذين عملوا على نشر ثقافة الطيران بمختلف أنواعه، خاصة القفز بالمظلات.
وقال نصر حمودة النيادي، رئيس مجلس إدارة اتحاد الإمارات للرياضات الجوية، إن الجمعية ساهمت في وضع أسس قوية لهذه الرياضة التي ساهمت الإنجازات الدولية اللافتة لفريق الإمارات العسكري في تهيأت قاعدة جماهيرية عريضة لها، وضاعفت من التطلعات للانخراط في هذه الرياضة المثيرة والمشوقة.
وبدأت الإمارات بتنظيم فعاليات وبطولات على المستوى المحلي، تمهيدًا للانطلاق نحو العالمية، وكانت البداية مع تنظيم النسخة الثانية من بطولة آسيا في إمارة أم القيوين عام 2005، وتبعتها تنظيم نسخة جديدة من البطولة في الفجيرة عام 2008.
ومثلت هذه البطولات أرضية صلبة لاكتساب الخبرة في تنظيم الفعاليات الكبرى، وأثبتت قدرة الإمارات على استضافة فعاليات رياضية عالمية المستوى.
في عام 2009، ظهرت فكرة تنظيم بطولة دبي الدولية للقفز بالمظلات، وبعد دراسات مستفيضة لاختيار الموقع المثالي، وقع الاختيار على منطقة ساحلية متميزة لتأسيس موقع سكاي دايف دبي، الذي أصبح لاحقًا أحد أهم مراكز القفز بالمظلات في العالم.
وأقيمت النسخة الأولى من البطولة عام 2009 بمشاركة أكثر من 300 قافز من 35 دولة، وشهدت نجاحًا كبيرًا وضع دبي على خارطة الرياضات الجوية العالمية.
وتوالت النجاحات مع تنظيم النسخة الثانية من بطولة دبي الدولية عام 2010، بما مهد الطريق لاستضافة بطولة العالم للقفز بالمظلات عام 2012.
وتميزت هذه البطولة بمشاركة واسعة ضمت أكثر من 1600 قافز من مختلف أنحاء العالم، تنافسوا في 13 مسابقة متنوعة أُقيمت في مواقع متعددة مثل سكاي دايف دبي والصفوح ومنطقة جبل علي.
وحققت البطولة رقمًا قياسيًا من حيث عدد المشاركين، بما جعلها محطة فارقة في تاريخ الاتحاد الدولي للرياضات الجوية، الذي يمتد عمره لأكثر من 118 عامًا.
وواصلت دبي تعزيز مكانتها من خلال استضافة بطولة العالم للرياضات الجوية عام 2015، والتي تزامنت مع مؤتمر دولي حول طب الطيران، وأثبتت هذه الفعاليات قدرة دبي على تنظيم أحداث رياضية عالمية بمعايير استثنائية، ما رسّخ سمعتها كعاصمة للرياضات الجوية.
وقال يوسف الحمادي، نائب رئيس اتحاد الإمارات للرياضات الجوية، وأحد المؤسسين الأوائل لجمعية الإمارات للطيران إن الرياضات الجوية في دبي ليست مجرد نشاط بدني أو فني، بل هي منصة استثمارية وسياحية تسهم في تعزيز مكانة الإمارة عالميًا، إذ أصبحت دبي وجهة مفضلة لعشاق الرياضات الجوية من مختلف أنحاء العالم، حيث تضم أجندتها السنوية العديد من البطولات الدولية.
وأضاف أن دبي تتبنى رؤية استراتيجية لتطوير الرياضات الجوية، تستند إلى عدة محاور رئيسية، تشمل تعزيز البنية التحتية، وتشجيع المواهب الوطنية، والتوسع في الشراكات الدولية، من خلال تعزيز التعاون مع الاتحاد الدولي للرياضات الجوية، وفي نفس الوقت تعزيز الرياضات الجوية كمنصة استثمارية وسياحية.
من جانبه، أكد محمد يوسف الأمين العام للاتحاد أن الرياضات الجوية في دبي تمثل نموذجًا للابتكار والتطوير المستمر، حيث نجحت الإمارة في تحويل هذه الرياضات إلى قطاع حيوي يعكس رؤيتها المستقبلية “ وبفضل الدعم الحكومي والبنية التحتية المتطورة، نجح اتحاد الرياضات الجوية في تثبيت مجموعة مميزة من البطولات السنوية في أجندة الاتحاد الدولي، مثل بطولة دبي الدولية للقفز بالمظلات، وبطولة هايك أند فلاي، وبطولة الطيران اللاسلكي، وبطولة الطيران الشراعي بدون محرك، وسباقات الدرونز (الطائرات بدون طيار)”.
وقال إن هذه الفعاليات ساهمت في توسيع قاعدة ممارسة الرياضات الجوية، وإتاحة الفرص الكاملة للكشف عن المواهب وصناعة الأبطال لتمثيل الدولة في كافة المحافل الخارجية بحثا عن الوصول إلى منصات التتويج.