«مو صلاح» يواصل رحلة الإبداع في «آنفيلد».. البيت الذي لم يغادره القلب

في مشهدٍ لم يكن غريباً، ظهر محمد صلاح مجدداً وهو يجلس على كرسي ملكي في قلب ملعب آنفيلد، يلوّح للجماهير بابتسامة رضا، وكأنه يوقع ليس فقط على عقد جديد، بل على عهدٍ جديد من الولاء والانتماء، فبعد أشهر طويلة من الجدل والتكهنات، حسم صلاح الجدل ووقع على تمديد عقده مع ليفربول حتى صيف 2027، ليواصل كتابة التاريخ مع الفريق الذي أصبح جزءاً من روحه.

القرار لم يكن سهلاً، فالعروض كانت مغرية، والفرص متاحة للرحيل، لكن النجم المصري اختار البقاء، وفي حديثه لموقع النادي الرسمي قالها بوضوح: «لو لم أكن أؤمن بقدرتنا على الفوز، لما وقعت العقد»، كلمات تعبر عن لاعب لا يكتفي بالأرقام، بل يبحث عن المجد الجماعي والانتماء الحقيقي، ويرى أن مشروع ليفربول ما زال حياً رغم كل التغييرات التي طرأت على الفريق.

ثماني سنوات قضاها صلاح في ليفربول، كانت كفيلة بأن تضعه بين أساطير النادي، 243 هدفاً في 394 مباراة، ألقاب عديدة أبرزها دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي بعد غياب 30 عاماً، والحذاء الذهبي ثلاث مرات، وجوائز فردية لا تُحصى، لكنه لا يزال يرى أن الأفضل لم يأتِ بعد، ولا يزال يملك ما يقدمه على المستطيل الأخضر.

ورغم تعثر المفاوضات في فترات سابقة، وظهور تصريحات مثيرة للجدل ألمح فيها إلى الرحيل، فإن نهاية القصة جاءت مختلفة، عنوانها: «صلاح يواصل رحلته الأسطورية في ميرسيسايد». وقال مدرب الريدز آرني سلوت، إن استمرار صلاح بمثابة دفعة معنوية هائلة للفريق، مضيفاً: «أي نادٍ في العالم يتمنى امتلاك لاعب مثله».

ومع تجديد العقد، لن يتوقف الأمر على الأهداف فقط، بل يمتد إلى دور قيادي أكبر داخل غرفة الملابس، خصوصاً في ظل تغيّر هوية الفريق، فوجود صلاح في هذا التوقيت يمنح ليفربول توازناً فنياً ونفسياً مهماً، ويؤكد على استمرارية الروح التي جعلت من ليفربول فريقاً يخشاه الجميع.

أبعاد شخصية

اللافت في الأمر، أن قرار صلاح لم يكن مرتبطاً بالجوانب الرياضية فقط، بل حمل أيضاً بعداً شخصياً وعائلياً واضحاً، ففي تصريحاته، تحدّث عن أسرته قائلاً: «ماجي زوجتي وأطفالي سعداء جداً بالتجديد، نشعر جميعاً بأننا في منزلنا، ومكة كانت الأكثر سعادة»، هذه التفاصيل الصغيرة تكشف حجم العلاقة العاطفية التي باتت تربطه بالمدينة والجماهير، وتُظهر أن قرار البقاء جاء من القلب قبل أن يكون للحسابات الفنية.

صلاح، الذي يتصدر قائمة هدافي الدوري هذا الموسم برصيد 27 هدفاً، يواصل تقديم أداء استثنائي رغم تجاوزه سن الثانية والثلاثين، ولا يزال يثبت في كل مباراة أن العمر لا يقف عائقاً أمام الشغف والإنجاز، وأن العطاء لا يُقاس بعدد السنوات، بل بوهج الحضور داخل الملعب، وبتجديد عقده، لا يكتفي بتأكيد إيمانه بمستقبل ليفربول، بل يُعلن أن رحلته لم تنتهِ بعد، وربما كانت البداية الحقيقية لما هو أفضل.