الحكم المونديالي يفتح مشوار 24 عاماً في الملاعب مع «البيان »

محمد عبد الله: وفاة شقيقتي كادت تحطم مسيرتي عام 2002

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استرجع الحكم المونديالي محمد عبد الله حسن، أحد الأرقام الصعبة والمميزة في كرة الإمارات، شريط ذكريات مشواره في الملاعب والذي امتد 24 عاماً وكتب نهاية مسيرته، باعتزاله التحكيم في مايو الماضي، بقرار كان مفاجئاً للوسط الرياضي على خلفية تألقه وحضوره المتميز في إدارة المباريات محلياً ودولياً، وتواجده في النسخة الأخيرة من كأس العالم ممثلاً للدولة في المحفل العالمي.

وكشف محمد عبد الله لـ«البيان» عن «الحنين» الذي يأخذه للصافرة، والأسباب التي قادته للقرار، وقلب صفحات مسيرته الرياضية المشرفة الحافلة بالنجاحات والإنجازات والتي صنعت منه اسماً لامعاً على مستوى القارة الآسيوية والعالم في مجال التحكيم، عبر رحلة حافلة بالتفاصيل والمواقف التي يظل البعض منها خالداً، وفي هذا الحوار الأول له بعد الاعتزال نقلب معه بعض الصفحات.. نتابع التفاصيل.

ما هو الموقف الأصعب الذي واجهك في رحلة التحكيم؟

أصعب موقف واجهته كان في العام 2002، ثاني سنواتي في مشوار التحكيم، أذكر أنني كنت مكلفاً بإدارة مباراة بين العين والوحدة في دوري المراحل السنية، وأنا في الطريق إلى ملعب المباراة بالعين تلقيت مكالمة هاتفية تفيد بأن شقيقتي تعرضت لحادث بالسيارة، كان ذلك قبل ساعة تقريباً من موعد بداية المباراة.

وعندما تحدثت مع والدي بشأن الحادث كانت الأخبار جيدة وأن الحادث لا يستدعي القلق، وبعد نهاية المباراة وجدت العديد من المكالمات الهاتفية، وحاولت الاتصال بأفراد الأسرة وبعد عدة محاولات جاء الرد وتم إبلاغي بأن شقيقتي قد انتقلت إلى جوار ربها، كان ذلك مؤلماً للغاية وكادت حياتي تتغير بسبب هذا الخبر، لأنني تألمت جداً بعدها.

وتركت التحكيم فعلياً لأنني نفسياً لم أكن مهيأً للعودة، وبعد 3 أشهر وبضغوط ودعم من سالم سعيد الذي كان حينها المدير الفني للجنة الحكام، وبدعم من الأسرة وعدد من الأصدقاء والحكام، منهم الحكم فهد الكسار الذي وقف بجانبي بقوة عدت مجدداً للتحكيم، لكنني احتجت إلى فترة طويلة حتى أتجاوز أحزان الوفاة وتفاصيل ما حدث.

للمرة الأولى بعد 24 عاماً تغيب عن المشاركة في إدارة المباريات.. ما تعليقك؟

دون شك، ليس أمراً سهلاً بالنسبة لي، فترة طويلة وأنا أشارك في كل البطولات، والآن أعيش حياة مختلفة، لذلك لا أخفي شوقي للصافرة وإدارة المباريات، لكن كان لا بد أن يأتي مثل هذا اليوم الذي أطوي فيه صفحة التحكيم لبداية مشوار جديد ومهمة مختلفة.

ألا تعتقد أنك تعجلت في اتخاذ قرار الاعتزال؟

صحيح أنني أشعر بالحنين للصافرة لكني على قناعة تامة بأن القرار كان صحيحاً وفي الوقت المناسب تماماً، لكل بداية نهاية وأنا اخترت النهاية عن قناعة، لأن هذا اليوم كان لا بد له أن يأتي حتى ولو تأخر قليلاً.

ولماذا الاعتزال وأنت كنت في قمة التألق؟

اعتزلت حتى أفسح المجال لغيري بعد مسيرة طويلة في الملاعب، هنالك جيل رائع من الحكام الشباب الذين يحتاجون للفرصة ولو تمسك كل شخص بالمهمة التي يؤديها، فإن ذلك سيكون على حساب غيره من شباب يتمتعون بالقدرة على العطاء.

كم عدد المباريات التي أدرتها خلال مسيرتك الطويلة؟

من الصعب جداً تحديد عدد المباريات، ربما تصل إلى 1000 مباراة أو تزيد بما فيها مباريات المراحل السنية، ولكن بالنسبة للدوريات الكبيرة، مثل دوري المحترفين وما قبل الاحتراف بجانب المشاركات الخارجية، أعتقد أنها حوالي 500 مباراة، منها العديد من المباريات الخالدة لأنها كانت في أحداث كبيرة ومهمة، وأخرى كانت تعني لي الكثير مثل مباراة العين والوحدة في نهائي كأس الرابطة بأول موسم في عهد الاحتراف، باعتبار أنها مباراة تاريخية.

هل تتابع الآن أداء الحكام وما رأيك بصراحة؟

بكل صدق لم أتابع المباريات في الفترة السابقة إلا بشكل متقطع، لدي مشاغل خاصة أخرى أخذتني من المتابعة المستمرة التي تمكنني من التعليق على أداء إخواني الحكام، لكنني أشاهد بعض الحالات المثيرة للجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

بعد أن اعتزلت التحكيم هل يمكن أن تكشف لنا هوية الفريق الذي تشجعه؟

فريقي اتحاد الإمارات لكرة القدم، وكل الأندية المنضمة تحت رايته، أشجع المنتخبات الوطنية والأندية التي تلعب باسم الوطن في المحافل الخارجية، عندما أرى فريقاً إماراتياً يلعب في دوري أبطال آسيا على سبيل المثال أشجعه وأتمنى فوزه بدافع وطني وليس من واقع انتماء شخصي، وعندما ينتصر أسعد لانتصاره.

لكن بكل أمانة ليس لدي انتماء لفريق بعينه أشجعه ضد الآخر، وحتى بعد اعتزال التحكيم سأظل على ذات النهج، مشجعاً ومنتمياً للوطن واتحاد الكرة.

حدثنا عن قرار ندمت عليه في أي مباراة خلال مشوارك لأنك اكتشفت أنك أخطأت التقدير؟

لم أشعر بالندم على أي قرار أو حتى بالتقصير، منذ بداية مشواري في عام 2000 وحتى قرار الاعتزال أسعى دائماً في كل مباراة لتقديم الأفضل وأجتهد لاتخاذ القرارات الصحيحة التي تنصف كل فريق وتمنحه حقه لأن هذا واجبي في أرضية الملعب.

وكيف وصلت إلى النجاح الذي حققته؟

بالاجتهاد والعمل المستمر والتحضير الجيد لكل مباراة، قبل كل بطولة أو مباراة أضع كامل تركيزي على المهمة التي تنتظرني، وبعد كل مباراة أحاسب نفسي قبل أن يحاسبني الآخرون، حتى أستفيد وأطور قدراتي، في النهاية التحكيم توفيق لأن قرار الحكم يأتي في كسر من الثانية.

ما هي المكاسب التي خرجت بها من التحكيم؟

حققت العديد من المكاسب بالتأكيد، يكفي أن التحكيم أتاح لي فرصة مصافحة شيوخنا في العديد من المناسبات الرياضية، ومعرفة الناس سواء في مجالي أو خارجه، وجعلني معروفاً لقاعدة كبيرة ظلت تقدر جهودنا في الملاعب وتشيد بنا، أما باقي المكاسب أرى أنها تكميلية مثل المشاركة في إدارة مباريات كأس العالم أو البطولات القارية وقبلها المحلية، فوائد التحكيم في مسيرتي كثيرة للغاية.

وماذا أخذ منك التحكيم؟

عندما تكون المكاسب عديدة لا تنظر للخسائر، بالنسبة لي التحكيم أخذ مني صخب الجمهور والاستمتاع بالمباريات مثل المشجع العادي.

هذا أكثر ما افتقدته في مشواري السابق، كنت أدخل المباريات وأشاهد صخب الجماهير الذين يصل عددهم إلى 60 و70 ألفاً، وأحياناً 80 ألف مشجع وهذا أعلى حضور جماهيري تابع مباراة كنت حكماً لها، بالتأكيد الجلوس على المدرجات وإحساس المشجع يختلف عن الحكم وبه متعة كبيرة.

ما هي وجهتك المقبلة بعد الاعتزال؟

حالياً لا يوجد شيء واضح، أنا في خدمة الدولة وكل خبراتي متاحة من أجل المساهمة في توظيف وتطوير قدرات الحكام المحليين، بخلاف ذلك أنا محاضر في الاتحاد الآسيوي وقريباً لدي مهمة آسيوية ولاحقاً سأرى الخطوة المقبلة.

حدثنا عن تجربتك في المونديال بنسختي 2018 و2022؟

مباريات المونديال تختلف عن البطولات الأخرى دون شك، لأنك تعلم أن هنالك 2 أو 3 مليارات شخص حول العالم يتابعون المباراة التي تديرها ويركزون على قرارات حكم المباراة، إضافة إلى أن الحكم فيها لا يمثل نفسه وإنما يمثل بلده قبل كل شيء وهذا يضعه تحت ضغط كبير حتى يكون مشرفاً لوطنه.

إضافة إلى أهمية الحدث لكل منتخب مشارك، لكن بالنسبة لنا كطاقم إماراتي كنا قد تمرسنا على إدارة الضغوط والتعامل مع كل المواقف والظروف، لذلك كنا نضع تركيزنا بالكامل على المباراة وأن نكون مشرفين لوطننا، بشكل عام المونديال حدث استثنائي ومميز لكل حكم، الجميع يتمنى أن يشارك فيه سواء كان لاعباً أو مدرباً أو حكماً.

وبالنسبة للحكام فإن الاختيار يقع على مجموعة محددة يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ثقته وسط منافسة قوية للعديد من الحكام الأكفاء، والحمد لله الذي وفقنا في تألقنا آسيوياً ونلنا شرف المشاركة في المونديال كإنجاز كبير في مشوارنا.

ما هي أصعب مباراة أدرتها خلال مسيرتك في الملاعب؟

أعتقد أنها كانت مباراة بين سيدني الأسترالي وغوانزو الصيني عام 2014 في مرحلة دور الثمانية من دوري أبطال آسيا، المباراة كانت في أستراليا وحضرها جمهور غفير، وسبقها شحن كبير بين الفريقين، في تلك المباراة استخدمت البطاقة الحمراء 3 مرات، وأيضاً بطاقة حمراء لأحد المدربين، بخلاف ذلك لا أذكر مباراة صعبة أخرى.

ما هي النصيحة التي تقدمها للحكام الشباب؟

نصيحتي لكل حكم يريد تحقيق طموحه، أن يجتهد ويعمل على تطوير قدراته باستمرار، وأن يكون المسؤول الأول عن مستواه وأن يحاسب نفسه على كل صغيرة وكبيرة بعد أي مباراة، وأن يضع تركيزه دائماً في المباراة التي سيديرها ويتهيأ لها بشكل جيد مع متابعة القوانين والاستفادة من أخطاء غيره حتى لا يقع فيها.

وأيضاً على الحكم أن يعرف ما هو الشيء الذي يحتاج إليه حتى يكمله، مع التدريبات المستمرة والجاهزية البدنية الجيدة قبل كل مباراة، كذلك مطلوب من الحكم عدم الغرور بنجاحه، كنت دائماً أضع خلفي كل نجاح أحققه وأنظر إلى الأمام، حتى الجوائز التي ظللت أحصل عليها كنت أبعدها عن عيني حتى لا أشعر بأنني وصلت أو حققت إنجازات تقلل من دافعي.

*  لا أشجع ولا أنتمي لأي فريق وقلبي يخفق لمن يلعب باسم الوطن

* لم أندم على أي قرار.. ومواجهات المونديال تضع الحكم تحت الضغط

* مباراة سيدني الأسترالي وغوانزو الصيني الأصعب في مشواري

 

Email