التدفق السريع لنهر السين يهدد حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المفترض أن يكون نهر السين أحد أبرز معالم الاستقطاب في أولمبياد باريس هذا الصيف، لكن عوامل الأمطار الغزيرة، التلوّث والمخاوف الأمنية تزيد الشكوك حول دوره، وذلك قبل شهر على انطلاق النسخة الثالثة والثلاثين من الألعاب الصيفية.

ويحتضن الممرّ المائي الشهير حفل الافتتاح في 26 يوليو، وذلك في سابقة لأنها المرة الأولى التي تفتتح فيها الألعاب الصيفية خارج الملعب الرئيسي، كما سيستضيف السين سباقات السباحة في المياه المفتوحة وجزء من سباق الترياثلون.

لكن مع بدء العد العكسي لانطلاق الألعاب، يتدفّق النهر حاليًا بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن إجراء التدريبات عليه، كما أن نسبة التلوث فيه لا تسمح بإجراء فعاليات رياضية.

وبسبب قوّة التيارات المائية التي خالفت التوقعات في هذه الفترة من العام، ألغى المنظمون الإثنين أول جلسة تدريب كاملة لحفل الافتتاح بمشاركة جميع القوارب النهرية البالغ عددها 85، والتي ستحمل الرياضيين على طول المسار الممتد ستة كيلومترات.

وقال جان-ماري موشيل، المتخصّص في دراسة المياه وتوزيعها فوق الأرض وصفاتها وخصائصها الطبيعية والكيميائية وتفاعلها مع البيئة والكائنات الحية، لوكالة فرانس برس "إذا كان التدفّق سريعًا جدًا، سيشكل مشكلة خطيرة لحفل الافتتاح".

وبعد أسابيع من الطقس الماطر غير الاعتيادي في هذه الفترة من العام، أصبح منسوب المياه في نهر السين مرتفعًا على ضفتيه، وبلغ التدفق الجمعة الماضي 500 متر مكعب في الثانية، أي أعلى بقرابة أربع إلى خمس مرات من المستوى المعتاد في أشهر الصيف.

كما تسبّبت الأمطار الغزيرة في شهري مايو ويونيو في مشاكل تلوّث كبيرة.

وأنفقت السلطات الفرنسية 1.4 مليار يورو في العقد الأخير لمحاولة تنظيف النهر من خلال تحسين نظام الصرف الصحي في باريس، فضلاً عن بناء مرافق جديدة لمعالجة المياه وتخزينها.

لكن تأثير العواصف الكبيرة ما زال كبيرًا على شبكة مياه الصرف الصحي التي يعود تاريخ بعضها إلى القرن التاسع عشر، ما يؤدّي إلى تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة مباشرة في النهر.

وأظهرت نتائج الاختبار التي نشرت الجمعة أن مستويات بكتيريا الإشريكية القولونية (إي كولاي)، وهي بكتيريا تشير إلى وجود مادة برازية، كانت في كثير من الأحيان أعلى بمرتين من الحد الأقصى المسموح به للسباحة الأولمبية.

وقال مارك غيوم، كبير المسؤولين الحكوميين في منطقة باريس، للصحفيين "ليس هناك شك في أن جودة المياه لم تصل إلى ما هو مطلوب"، لكنه متفائل بأن الطقس الصيفي الجاف سيحل المشكلة.

وأضاف أن القراءات الأخيرة "لا تتماشى مع المعايير التي سنحصل عليها في الصيف".

واضطرت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو التي ترغب في إنشاء أماكن عامة للسباحة في النهر العام المقبل، إلى تأجيل نزولها شخصيًا في النهر الأحد لإثبات نظافته، واعدة القيام بذلك في منتصف يوليو، أي قبل أيام معدودة من افتتاح الألعاب.

من المؤكد أن حفل الافتتاح هو الشغل الشاغل للقوات الأمنية نظرًا لعدد الأشخاص المشاركين وصعوبة تأمين مثل هذه المنطقة الكبيرة.

وفي منتصف أبريل، لم يتردّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القول إن هناك إمكانية لنقل حفل الافتتاح من السين إلى "ستاد دو فرانس" في حال وجود تهديد أمني.

وقال ماكرون في مقابلة مع قناة "بي أف أم تي في" وإذاعة "أر أم سي" إنه بدلاً من إبحار الرياضيين المشاركين في حفل الافتتاح في نهر السين على متن المراكب، يمكن أن يقتصر الحفل "على تروكاديرو"، أي المبنى المتواجد بالقرب من برج إيفل أو أن "يُنقل حتى الى ستاد دو فرانس".

وسيحصل ما مجموعه 326 ألف شخص على تذاكر لمشاهدة عرض الافتتاح، مع حصول مئات الآلاف الآخرين على فرصة المشاهدة أيضًا من الشرفات والنوافذ في المباني المحيطة بالنهر والتي يزيد عددها الكبير في تعقيد العملية الأمنية في وقت تتزايد فيه المخاوف الأمنية.

وقال أحد كبار المسؤولين في الشرطة لوكالة فرانس برس مؤخرًا شرط عدم الكشف عن هويته "إن حفل الافتتاح هو أكثر ما يقلقنا".

يُسأل منظمو باريس 2024 باستمرار عن خطط الطوارئ في حالة وجود تهديدات حقيقية للحفل، فيجيبون باصرار على أنه لا يوجد بديل لإقامته على النهر، مع أن الرئيس الفرنسي نفسه لم يتردّد في الحديث عن إمكانية نقله إلى مكان آخر في حال كان هناك تهديد أمني حقيقي.

Email