تتجه الأنظار اليوم إلى ملعب «بارك دي برانس»، حيث تواجه فرنسا المضيفة منتخب إسبانيا في المباراة النهائية لمسابقة كرة القدم للرجال بأولمبياد باريس، مع رغبة كل منهما بنيل الذهبية للمرة الثانية في تاريخه.

وبعد 40 عاماً على إحرازهم اللقب الأول والوحيد بالفوز على البرازيل 2 - 0 عام 1984 على الأراضي الأمريكية، تمكن نجم المنتخب السابق تييري هنري، الفائز مع «الديوك» كلاعب بمونديال 1998 على أرضهم وكأس أوروبا 2000، من قيادة صاحب الأرض إلى المباراة النهائية بعد تخطي مصر في نصف النهائي 3 - 1 بعد التمديد.

ويعول هنري ولاعبوه على الجمهور الذي سيحتشد اليوم في مدرجات «بارك دي برانس» لمؤازرتهم في مواجهة تعيد إلى الأذهان نهائي كأس أوروبا 1984 حين أحرز «الديوك» لقبهم الكبير الأول بفوزهم على «لا روخا» في الملعب ذاته 2 - 0، قبل أن يتوجوا بعد أسابيع معدودة باللقب الأولمبي في لوس أنجليس.

يمكن القول إن مسابقة كرة القدم للرجال حققت نجاحاً في العاصمة الفرنسية رغم غياب الأسماء الرنانة عن التشكيلات.

آمال كبيرة

عقدت منتخبات عدة آمالاً كبيرة على مشاركة نجومها، لكنها أصيبت بخيبة أمل رفض أنديتهم تسريحهم واضطرت إلى خوضها في غيابهم، خصوصاً الأرجنتين وإسبانيا وفرنسا.

كثر الحديث عن قائمة طويلة من النجوم أمثال الفرنسيين كيليان مبابي وأنطوان غريزمان والأرجنتينيين ليونيل ميسي وأنخل دي ماريا، لكن في نهاية المطاف لم يطأ أي منهم عشب أحد الملاعب السبعة المنتشرة في جميع أنحاء البلاد.

والسبب أن المسابقة المخصصة للاعبين تحت 23 عاماً، بالإضافة إلى ثلاثة أكبر من هذه الفئة العمرية، ليست مدرجة في الروزنامة الرسمية للاتحاد الدولي للعبة (فيفا)، وبالتالي فإن الأندية ليست ملزمة بتسريح لاعبيها.

وبدت الأرجنتين مرشحة فوق العادة للظفر باللقب الثالث في تاريخها بعد عامي 2004 و2008 على الرغم من غياب نجمها الأول ميسي ودي ماريا، لا سيما أنها كانت تملك في صفوفها أربعة أبطال للعالم هم حارس المرمى خيرونيمو رولي، بديل إيميليانو مارتينيس في مونديال قطر، المدافع المخضرم نيكولاس أوتاميندي (36 عاماً)، لاعب الوسط المهاجم المنتقل حديثاً إلى ليون الفرنسي تياغو ألمادا وخوليان ألفاريس المرشح انتقاله من مانشستر سيتي الإنجليزي إلى أتلتيكو مدريد الإسباني.

لكن المغرب الذي خاض الألعاب بصفوف ضمت مدافع باريس سان جيرمان الفرنسي أشرف حكيمي وهداف دوري أبطال آسيا مهاجم العين الإماراتي سفيان رحيمي، أثبت منذ الافتتاح أن التوقعات تبقى حبراً على ورق بإسقاطه الأرجنتين 2 - 1 في طريقه للوصول إلى دور الأربعة قبل أن تنتهي المغامرة على يد الإسبان بالخسارة 1 - 2 بعدما كان صاحب هدف السبق.

وبالنسبة لمهاجم فرنسا جان فيليب ماتيتا الذي سجل ثنائية في الفوز على مصر خلال دور الأربعة، ما يهم الآن هو مباراة التتويج، قائلاً بعد مباراة دور الأربعة «هذه كانت مباراة أحلامي لكني أحتاج إلى أمسية أخرى كي أواصل الحلم».

وتابع «هذا من أجل مشجعينا»، فيما قال المخضرم ألكسندر لاكازيت تعليقاً على الفوز في أرض فريقه ليون «كانت أمسية مميزة جداً بالنسبة لي، أن أتواجد هنا في ليون وأن نصل إلى النهائي... نحن الآن على بعد مباراة واحدة من صناعة التاريخ».

وبالفعل، من المتوقع أن تكون مواجهة حامية مع الإسبان الحالمين بالسير على خطى فرنسا بالذات حين أحرزت ثنائية كأس أوروبا والذهبية الأولمبية عام 1984، إذ إنهم قادمون من تتويج قاري رابع في تاريخهم بفوزهم في 14 يوليو على إنجلترا 2 - 1 على الملعب الأولمبي في برلين.

أجواء مشابهة

وبعدما اختبروا اللعب أمام مدرجات ممتلئة بمشجعين يهتفون ويشجعون الفريق المنافس خلال دور الأربعة ضد المغرب في مرسيليا، يجد الإسبان أنفسهم أمام أجواء مشابهة لكن فيرمين لوبيس الذي أدرك التعادل أمام المغرب لا يكترث بذلك.

وقال لاعب برشلونة الذي كان ضمن تشكيلة أبطال كأس أوروبا 2024، لموقع الاتحاد الدولي للعبة «سنواجه أجواء أخرى من تلك التي تعجبني»، مضيفاً «بإمكاننا تجاوز أي وضع، أي شيء. الآن، نريد الحصول على الذهبية».

وسيحاول لوبيس ورفاقه وبإشراف المدرب سانتي دينيا قيادة «لا روخا» إلى لقبه الأولمبي الثاني بعد الذي أحرزه عام 1992 على أرضه بتشكيلة ضمت لاعبين مثل بيب غوارديولا ولويس إنريكي.

وتمني إسبانيا النفس بألا يتكرر سيناريو النسخة الماضية قبل ثلاثة أعوام في طوكيو حين فرطت بالذهبية عقب خسارتها في النهائي أمام البرازيل 1 - 2 بعد التمديد، وذلك من أجل إكمال الصيف الإسباني المثالي الذي شهد تتويج منتخب تحت 19 عاماً بلقب بطولة أوروبا أيضاً قبل قرابة أسبوعين.

نجاح

قال تييري هنري إنه سواء فاز فريقه بأول لقب أولمبي لكرة القدم منذ عام 1984 أم لا فإن وصوله إلى المباراة النهائية أمام إسبانيا سيعتبر نجاحاً في ألعاب باريس.

ويعتقد هنري أن الحلم أصبح حقيقة بالفعل بعد أن واجه صعوبات في اختيار التشكيلة بعد رفض العديد من الأندية لطلباته بضم لاعبين للمشاركة في الأولمبياد.

وقال هنري :«هذا الحدث خاص لأنه (في رياضتنا) لا تفكر في المركز الثاني أو الثالث أو الفوز بميدالية. لذا فإن قصتنا ناجحة ودعونا نجعلها أفضل». ويستطيع هنري، الذي بدأ مسيرته التدريبية بشكل متواضع، الاعتماد على فريق يتمتع بحافز كبير، مستشهداً باللاعب مايكل أوليسي.

ويستطيع هنري «دعونا ننسى المباراة وما يمكنه فعله. ما يهم بالنسبة لي هو رغبته في اللعب لمنتخب فرنسا. هذا يجعلني أشعر بالقشعريرة. كان بإمكانه الذهاب إلى بطولة أوروبا مع إنجلترا لكنه اختار اللعب لمنتخب فرنسا».

وتتجه كل الأنظار نحو لاعب أرسنال، وبطل العالم وأوروبا مع المنتخب الفرنسي، الذي قد يضيف المزيد من الألقاب إلى خزانة ألقابه. ولكن هذا ليس الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للمدرب هنري، الذي تأثر عاطفياً خلال مؤتمر صحافي أمس، وقال «هل فكرت يوماً في أن أكون جزءاً من فريق أولمبي؟ أبداً.

سأخبرك لماذا الأمر مختلف بالنسبة لي». «لم أكن أشاهد أدائي مع عائلتي قط. وعندما أقول «‬أدائي»‬ فإنك تفهم ما أعنيه». وتابع: «لم يسبق لي رؤية أطفالي في الملعب وهم ينظرون إلي مع فريقي... لأنني عندما أنجبت أطفالي كنت على وشك الوصول إلى نهاية مسيرتي الكروية. ربما كان هذا هو ما كان ينقصني».

وتأمل إسبانيا تكليل صيف رائع فاز فيه الفريق الأول وفريق تحت 19 عاما ببطولة أوروبا، بعد أقل من عام من فوزها أيضا بدوري الأمم الأوروبية.

وقال سانتي دينيا مدرب منتخب إسبانيا إن فريقه يدرك أنه في وضع مثالي للظفر بالذهب.

وقال المدرب دينيا «نحن سعداء بأننا أصبحنا مقياساً في أوروبا والعالم، إنها مهمة تم إنجازها لسنوات. لقد تحسنا وواصلنا العمل، ونؤمن بطريقة لعبنا وتشكيلة اللاعبين الذين يمثلوننا». وأضاف: «إذا كنا ننتظر الميدالية الذهبية لسنوات عدة، فهي تشكل تحدياً ومزيداً من الإثارة».

وأكد قائد المنتخب أبيل رويز أن غياب الذهبية عن خزائن إسبانيا منذ أولمبياد برشلونة 1992 يمثل حافزاً إضافياً للفريق.

وقال رويز «نحن متحمسون، ونعلم أن (الذهب) شيء مهم جداً بالنسبة للبلاد وبالنسبة لنا». وتابع «إنه أمر قد يكون تاريخياً وقد كافحنا من أجله كثيراً، لقد أقمنا معسكراً تدريبياً لمدة 40 يوماً وهو ما يتطلب الكثير من الجهد. نحن نتطلع حقاً إلى المباراة النهائية».