لا يمكن إغفال حقيقة أن الحديث مع المدرب الوطني عبدالله صقر، لا بد وأن يمر عبر كونه مثقفاً مرموقاً وشاعراً معروفاً، ما منحه المقدرة الكبيرة على النظر إلى تفاصيل كرة القدم من زوايا قد لا تكون حاضرة لدى غيره، فهو يرى أن مونديال قطر 2022، لم يشهد اندثار أي من خطط و«تكتيكات» اللعب التقليدية المعروفة، بقدر ما أن هناك حضوراً واضحاً لفكرة التجديد والتحديث على تلك الخطط حسب مجريات المباريات. فإلى حوار «البيان» مع عبدالله صقر، المدرب والمثقف والشاعر الوطني المعروف.
هل ترى أن مصير خطط و«تكتيكات» اللعب التقليدية، قد بات في طريقه إلى الاندثار؟
إطلاقاً، لم ألمس خلال متابعتي لمباريات مونديال 2022، أن هناك اندثاراً لخطط أو «تكتيكات» لعب تقليدية اعتدنا عليها منذ عقود من الزمن، ما رأيته هو أن هناك نوعاً من التجديد الموضوعي، والتحديث المتوقع لتلك الخطط، وهذا طبيعي جداً، كونه يأتي وفقاً لمجريات المباراة، ومتطلبات بلوغ الهدف المرسوم من قبل الكادر الفني لأي منتخب.
لكن هناك من يرى أن خطة اللعب المعروفة «2-4-4»، قد تكون في طريقها للاندثار، ألا ترى ذلك؟
هذه الخطة بالذات، مرت بالكثير من التحولات الطبيعية، بدأت كما هي «2-4-4» ثم تحولت إلى 3 مدافعين، ثم تم الرجوع إلى 4 مدافعين على خط واحد، وهذا مسار طبيعي ومفهوم، نظراً للتطور الحاصل في عالم كرة القدم، وما يتطلبه من تجديد وتحديث في خطط اللعب، ولكن ليس إلغاء أو اندثاراً، فما يصلح لهذا المنتخب، قد لا يصلح لمنتخب آخر، والعكس صحيح.
درس كرواتي
هل من مثال على «ثبات» خطط اللعب التقليدية«؟
أبرز مثال لدي ما حدث في مباراة كرواتيا والبرازيل في دور ربع نهائي مونديال 2022، الكروات قدموا درساً بليغاً في كيفية الانضباط التكتيكي في تنفيذ تفاصيل خطة اللعب المرسومة لهم من قبل الجهاز الفني، يدافعون عن مرماهم بكامل عددهم عندما يفقدون الكرة لمصلحة لاعبي البرازيل، ثم يشنون الهجوم جماعياً عندما تكون الكرة بحوزتهم، وهو تطبيق عملي لمتطلبات خطة اللعب التقليدية «2-4-4»، في مقابل منافس انتاب عدد من «نجومه»، نوع من التعالي والغرور، فكان الخروج الحتمي للبرازيل من دائرة المنافسة على لقب كأس العالم.
كيف تنظر إلى خروج منتخبات بشهرة ألمانيا وإسبانيا وبلجيكا والبرتغال؟
إجمالاً، أعتقد أن خروج بعض المنتخبات الشهيرة من دائرة المنافسة على لقب مونديال 2022، ناجم في جانب منه عن أسلوب لعب المنافسين، والنظرة المسبقة من بعض المنتخبات العريقة للمنافس باعتباره غير مرشح لإحراز اللقب، فحدث الوداع الحزين لأولئك الكبار، الإسبان مثلاً، خرجوا من دور الـ 16، لأنهم واجهوا المنتخب المغربي، الذي أجاد كثيراً في التطبيق والتنويع والتحديث في خطة اللعب الدفاعي، وكذلك المنتخب البرتغالي، خرج على يد نظيره المغربي، وكلا المنتخبين الإسباني والبرتغالي، تعامل مع المنتخب المغربي وفقاً لنظرة مسبقة لديهم بأنه منافس غير مرشح للفوز باللقب أو حتى المضي إلى أبعد نقطة في المنافسة!
مارادونا وميسي
هل لمست غياباً لظهور نجوم جدد في مونديال 2022؟
نعم، أتفق في أن مونديال 2022، يشهد غياب مؤشرات ظهور رموز بحجم مارادونا أو ميسي أو رونالدو، وربما هي من الحالات النادرة في نهائيات كأس العالم التي لا تظهر مثل هذه المؤشرات، ربما هناك لاعب برز أو في طريقه إلى النجومية، ولكني أتحدث عن لاعبين نجوم ممكن أن يكونوا رموزاً، هذه الفئة من اللاعبين، لا وجود لمؤشرات على أن النسخة الحالية من كأس العالم، سوف تقدمهم للعالم.
وكيف تقيم المستوى الفني العام لمباريات مونديال 2022؟
بصورة عامة، أرى أن المستوى الفني في النسخة 22 من كأس العالم، مرتفع، لكن النجومية المطلقة فيه للأداء الجماعي، باعتباره خياراً لا بد منه، خصوصاً عندما تكون كفة طرفي المباراة، مختلفة، طرف كبير وصاحب إنجازات، وطرف ثان يسعى لأن يسجل إنجازاً بالفوز على الطرف الكبير.
بعض التفاصيل
وما الذي لفت نظرك أكثر في مونديال 2022؟
أكثر ما لفت نظري، هو أن النسخة الحالية من كأس العالم، حافلة بعدد من التفاصيل الغريبة والعجيبة، منتخبات لم يكن يخطر في البال أنها تفوز على قوى عظمى في عالم كرة القدم، حققت الفوز وبجدارة، منتخبات عريقة ودعت من الأدوار الأولى، ظهور بعض الإشارات التي لا علاقة لها بكرة القدم إطلاقاً، أعتقد أن مونديال 2022، غرائبي في بعض التفاصيل!
وماذا عن المنتخب المغربي؟
المنتخب المغربي، حقق إنجازاً يرقى إلى الإعجاز في عالم كرة القدم، هو مفخرة عربية وأفريقية، ولا شك في ذلك، وأعتقد أنه تألق وحقق نتائجه الباهرة لأسباب عدة، من أبرزها، معنوية، تتعلق بنظرة منافسيه باعتباره خارج قائمة المرشحين لإحراز اللقب، وبراعة تعامل الجهاز الفني، ووقفة الجماهير المغاربية والعربية معه.
وأساليب الدعم غير المعتادة التي حظي بها المنتخب المغربي، وأعني هنا تحديداً، وقفة الأمهات مع اللاعبين، وهذا من أهم وأكثر الأسباب المعنوية المؤثرة جداً على مسيرة أسود الأطلس.
أخيراً، من ترشح لإحراز لقب مونديال 2022؟
لن أتطرق إلى اسم منتخب بعينه، لكني أرى أن الانضباط التكتيكي هو مفتاح الفوز بلقب مونديال 2022، وما أعنيه بالانضباط التكتيكي، هو تطبيق الخطة الأنسب، والتعامل مع المنافس حسب مجريات اللعب وليس وفقاً لحسابات أو«نظرة مسبقة» من أن هذا المنتخب أو ذاك، غير مرشح مسبقاً لحصد اللقب!