قالت رئيسة هيئة الثقافة والآثار البحرينية الشيخة ميّ بنت محمد آل خليفة لـ«البيان»: إن مشاركة المملكة في «إكسبو 2020 دبي» تأتي كونها فرصة مهمة، من أجل تعزيز حضور المملكة الحضاري بين دول العالم، وأنها فرصة تدعمها وترعاها قيادة مملكة البحرين الرشيدة.

وأكدت أن جناح البحرين في «إكسبو 2020 دبي» تم تصميمه ليعكس مفهوم الكثافة في مملكة البحرين، التي تمتلك إرثاً حضارياً وتاريخياً غنياً، وذلك من أجل صناعة فرص واعدة للتطور والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن النسيج العمراني المتنوع والخصائص الطبيعية والثقافية والاجتماعية للمملكة أسهمت في تعزيز مكانتها إقليمياً وعالمياً.

جاء ذلك على هامش تنظيم هيئة البحرين للثقافة والآثار، اليوم الثلاثاء، مؤتمراً صحفياً حضرته وسائل الإعلام العربية والدولية، أعلن خلاله عن مشاركة مملكة البحرين في «إكسبو 2020 دبي»، والشيخة ميّ بنت محمد آل خليفة، والمفوض العام لجناح البحرين في الإكسبو، تالا فخرو الرئيسة التنفيذية للمشاريع والبحوث الاستراتيجية ودراسات السوق بمجلس التنمية الاقتصادية، المهندسة نورة السايح رئيسة المشاريع الهندسية بالهيئة ومصمّمة الأزياء البحرينية هلا كيكسو.

وقالت تالا فخرو، المدير التنفيذي للمشاريع بمجلس التنمية الاقتصادية: «نسعى من خلال المشاركة في الفعالية المهمة على مستوى المنطقة والعالم إلى تسليط الضوء على تجربة وإنجازات مملكة البحرين الزاخرة ثقافياً واقتصادياً، والتي اتسمت هويتها الحضارية منذ قديم الزمان بالانفتاح والتنوع، فما تتميز به البحرين من حرية اقتصادية وقدرات تنافسية عالية إلى جانب تجربتها الرائدة على مستوى المنطقة في التنويع الاقتصادي وبيئة استثمارية صديقة للأعمال ساندها في استقطاب الاستثمارات المباشرة والنوعية في مختلف الظروف، وجعلها الوجهة الأولى والمثلى للاستثمار في المنطقة».

ويعقد «إكسبو 2020 دبي»، «تواصل العقول وصنع المستقبل» من 1 أكتوبر 2021 ولغاية 31 مارس 2022، وهو الحدث الأوّل والأكبر من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، ومن المتوقّع أن يستقطب «إكسبو 2020 دبي» ما يقارب 25 مليون زائر على مدار الأشهر الستّة لانعقاده، وسيكون 70% من زوّاره من خارج دولة الإمارات الشقيقة، الأمر الذي يمنح مملكة البحرين فضاء أرحب لتعزيز حضورها، ضمن مناخ تجاري واقتصادي مفتوح.

فرص واعدة

ومن موقعه في منطقة الفرص- وهي إحدى ثلاث مناطق، يضمّها هذا المحفل الدولي، يستعرض الجناح الوطني لمملكة البحرين مفهوم الكثافة ودورها في خلق فرص واعدة.

وعبر تجربة ملموسة ومكانيّة، يستكشف جناح البحرين الكثافة والإمكانات المستقبليّة للبناء في عالم يزداد ازدحاماً، حيث تم تصميم الجناح من قِبل المهندس المعماري كريستيان كيريز، وبالتعاون مع مجموعة واندرز ويرنر فلاسي للاستشارات الهندسيّة (WANDERS WERNER FALASI Consulting Architects) من دولة الإمارات العربيّة المتّحدة.

ويشكل الجناح مساحة مفتوحة ومغمورة قليلاً في الموقع، يتمّ الوصول إليها، من خلال منحدر يصنع انتقالاً بين العالم الخارجي والداخلي للجناح.

يتكوّن هيكل هذه المساحة المركزيّة من 126 عموداً بسماكة 11 سنتيمتراً، وبارتفاع يبلغ 24 متراً، وتتّصل ببعضها البعض في نقاط عدة على ارتفاع المساحة.

وتدعم هذه الأعمدة بعضها البعض بالإضافة إلى تثبيتها للسقف، في تأويل شاعري يوضح مبادئ التواصل والكثافة في استكشاف الاحتمالات ثلاثيّة الأبعاد المستوحاة من الزخارف الجصيّة الهندسيّة التقليديّة للعمارة البحرينيّة التراثيّة.

وتضمّ هذه المساحة المركزيّة للجناح فضاء العرض الرئيسيّ، متجر الهدايا، والمقهى، والموزّعة بشكل حرّ ما بين أعمدة المبنى، التي تشكّل التجربة المكانية الملموسة لكثافة الجناح.

ويختبر الزائر المساحة كما لو كان المرء يسير عبر غابة كثيفة، حيث يتمازج معرض وبرنامج الجناح بشكل مفتوح مع هندسة المبنى، وهو القائم على أعمدة مصنوعة من الفولاذ، بينما تتألّف الواجهة الخارجيّة للجناح من الألمنيوم، الذي يمثّل أحد أكبر صادرات المملكة. ومع نهاية الستّة أشهر، من المقرّر أن يتمّ تفكيك الجناح بالكامل، وإعادة بنائه بشكل دائم في البحرين.

أعمال فنية

ويدور عنصر المعرض الرئيسيّ لجناح مملكة البحرين حول صناعة النسيج باعتبارها استعارة للكثافة، فسيعرض الجناح إنتاجاً حياً لهذه الحِرفة، إلى جانب أعمال فنية تركيبية مشتركة، يتمّ إنتاجها وعرضها في مساحة المعرض، وتدمج الأعمال ما بين الحِرف اليدويّة من حِرفة صناعة النسيج والتطريز، إلى نسج سعف النخيل مع تقنيّات النسيج المبتكرة مثل الألياف الزجاجيّة وألياف الكربون، ما يؤكّد تنوّع الحِرف اليدوية الشعبية البحرينيّة وإنتاج المواد المنسوجة المعاصرة، فضلاً عن الابتكار والمهارات الأساسية في عملية الإنتاج.

وسيتمكن الزوار أيضاً من التفاعل مع الابتكارات التكنولوجيّة المرتبطة بصناعة ألياف الكربون، الألياف الزجاجيّة، والمواد المركّبة المنسوجة التي تستخدم في صناعات السيارات والبناء.

وضمن جناح البحرين في «إكسبو 2020 دبي»، سيشارك المصممون والحِرَفيون والمتدربون في سلسلة من مختبرات العمل التقنيّة التجريبية، والتي تركز على التصميم، حيث يتمّ إنتاج المواد لابتكار أعمال تركيبية ومنتجات مختلفة تنقل نتاجٍ العمل الجماعي إلى الواجهة، حيث ستركّز مختبرات العمل التجريبيّة على عملية الإنتاج بشكل أكبر من المنتج، ليتمّ تقديم نتائج هذه التجارب في معارض، عروض، وأعمال تركيبيّة تتغير كل 6 أسابيع على مدار فترة الإكسبو، وتتمحور حول موضوعات أوّلها البحر، الحرف والتكنولوجيا، ثمّ النسيج العمراني، الكثافة، الحرف والأزياء، وانتهاء بموضوع المدن المستدامة.

برنامج تدريبي

وكانت هيئة البحرين للثقافة والآثار قد أطلقت برنامجاً تدريبياً في مجال الحِرَف ضمن استعداداتها لجناح البحرين في «إكسبو 2020 دبي»، وذلك بالتعاون مع مركز الجسرة للحرف، مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، مجمع العاصمة لمنتجات الأيدي البحرينية (وزارة العمل والتنمية الاجتماعيّة)، جمعية أوال النسائيّة ومصنع بني جمرة للنسيج.

يهدف البرنامج التدريبي إلى تدريب الأفراد، للحفاظ على مجموعة من المهارات الحرفيّة وتوفير تعليم إبداعي وفرصة لتطوير المهارات، بمشاركة 22 شخصاً يقوم على تدريبهم أربعة فنّانين مع مصممين.

وقام مصمّم الخطوط العربيّة والمصمّم الطباعي باسكال زغبي والحائز جوائز عدّة في التصميم، بالتعاون مع مصمّمة الجرافيك كلارا سانشو بيريز، لابتكار هويّة جناح البحرين والمستوحى من شعار الموضوع العام «الكثافة تنسج الفرص»، حيث يركز التصميم على خلق ديناميكيّة، تتناسب مع الاستخدامات المتعددة للهويّة البصريّة مع الاحتفاظ بطابع مميّز وفريد من نوعه لجناح البحرين.

تعتمد هوية الجناح على خط «29LT Zawi»، الذي ابتُكر خصيصاً لجناح المملكة، ويتميّز بمجموعة من الخصائص منها المرونة، تعدّد الاتجاهات، البساطة والقوة، والمستوحى من أعمدة الجناح المتداخلة ببعضها البعض في تعبيرٍ هندسي عن الكثافة.

الحرف اليدوية

كما تعمل مصمّمة الأزياء البحرينيّة هلا كيكسو بشكل وثيق مع مصنع بني جمرة للنسيج لتطوير تصاميم أزياء الجناح، والمستوحاة كذلك من أعمدة الصلب المتشابكة، التي تشكّل جزءاً أساسياً من هندسة الجناح، وتطبّق التصاميم تقنيّات الحِرف اليدوية البحرينيّة التقليدية على الملابس المعاصرة، للخروج بتصميمات فريدة من نوعها.

هلا كيكسو هي فنّانة ونحّاتة بحرينيّة، ذاع صيت أعمالها على الصعيد الدوليّ في عددٍ من العروض، ففي عام 2016م كانت جزءاً من معرض الأزياء الدوليّ، حيث تمّ اختيارها لتلقّي جائزة المصمّم من بين أقرانها.

في الآونة الأخيرة، تمّ إدراجها على القائمة القصيرة لجائزة جميل في نسختها الخامسة، التي عُرضت في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن. كما عرضت أعمالها أيضاً في Grand Palais كونها جزءاً من معرض جماعي في باريس عام 2018.

وسيخصّص قسم في الجناح لمقهى يعرض تنوّع المطبخ البحريني واستخدامه للمكونات، التي تعكس المناظر الطبيعيّة المختلفة للبلاد، من الأراضي الزراعيّة إلى الثروة السمكيّة والمناطق الصحراويّة الجنوبيّة. سيقدّم المقهى لمحة تعكس تنوّع الأطعمة البحرينيّة، يديره الشيف البحريني بسام العلوي، والشيف البحرينيّة لولوة صويلح.

الإرث الثقافي

وبعد نجاح تجربة جناح مملكة البحرين في إكسبو 2015 ميلانو، تعود مجموعة من المتطوّعين المختارين للعمل على إدارة الجناح الوطني للمملكة، وتعريف العالم وزوّار «إكسبو 2020 دبي» بالبحرين ومكتسباتها، والترويج لإرثها الثقافي المادي وغير المادي، وتهدف هذه المبادرة التي تأتي بالشراكة مع تمكين، إلى إشراك الشباب البحريني في هذا الحدث المهم، ليعمل كونه خير سفير على إبراز أفضل ما تملكه الجزيرة من حضارة وإرث إنساني، وذلك في إطار تمكين الشباب وتزويدهم بالخبرات اللازمة، وخلق تفاعل إيجابي مع زوّار الجناح.

يُعتبر المتطوّعون أساساً لنجاح جميع الفعاليّات، التي ترعاها وتقيمها هيئة البحرين للثقافة والآثار، وستكون حماستهم، طاقتهم، ومعارفهم هي روح جناح البحرين. سوف يتولّى المتطوّعون مسؤوليات، منها أخذ الزوّار في جولات بالجناح، تشجيع الزوّار على تذوّق المأكولات البحرينيّة، التعريف والترويج بتاريخ البحرين، تراثها، ثقافتها، وأهداف الجناح، بالإضافة إلى تمثيل المملكة في هذا المحفل الدولي.

كما تأتي مشاركة مملكة البحرين في «إكسبو 2020 دبي» ممثلة بهيئة البحرين للثقافة والآثار، وبالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصاديّة كشريك اقتصادي بالتعاون مع طيران الخليج، بنك البحرين الوطني، وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، غرفة تجارة وصناعة البحرين، دانات، تمكين، ممتلكات، صادرات البحرين، هيئة البحرين للسياحة والمعارض وبتلكو، حيث يعتبر الإكسبو فرصة مثاليّة لتحفيز النموّ الاقتصادي، ويوفّر الفرص الوظيفيّة لسنوات مقبلة.