في فطرة البشر.. أشياء

لا تخضع للغة، ولا تعرف اللهجات

فلا وطن للضحك ولا أبجديات للبكاء

هكذا هي.. سمة التسامح

لا مكان لها ولا زمان..

لأنها باختصار..

تخرج من ثنايا مشاعر الإنسان.

ولأن الرياضة تمثل إحدى صور

التسامح، فلا ريب أن تزول معها

الخصومة، وتنزوي بها الخلافات،

فتصفو القلوب وتتلاشى العيوب.

وعند ذكر التسامح الرياضي

تأتي الإمارات كنموذج واقعي

لتجسيد هذه السمة الحسناء

كأسلوب حياة..

في هذه السطور نرصد بعضاً من تلك الصور المضيئة:

كانت ولا تزال رياضة الفروسية، تمثل للإمارات إرثاً عروبياً كبيراً، ودليلاً على عراقة أهلها، وتسامح طباعهم وخصالهم، إذ يكشف الاهتمام الضخم بهذه الرياضة في وطن الخير، إلى أي مدى ساهمت الإمارات قيادة وشعباً في إثراء الروح التسامحية والتآخي من خلال تبني العديد من المبادرات والسباقات والفعاليات الخاصة بالخيول.

ومع المساهمات الكبيرة الحالية، يشهد التاريخ للإمارات تاريخاً عريقاً في هذا المجال، ويحسب للشيخ زايد بن سطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أنه شجع أبناء هذا الوطن على شراء أفضل الجياد، ومتابعة السباقات والمشاركة فيها، حيث كان يرى أن الفروسية هي رسالة الماضي بما فيها من تلقائية وعراقة للحاضر والمستقبل بكل ما فيه من حداثة، كما حرص على تنظيم ورعاية العديد من السباقات السنوية ورصد العديد من الجوائز لتشجيع الفائزين والمشاركين فيها دون تفرقة بين هذا أو ذاك.

وفي عام 1992، عندما تأسس اتحاد الفروسية، لكي ينظم العديد من البطولات، بما فيها سباقات القفز على الحواجز والقدرة والتحمل، أقام بدوره جمعية الإمارات لسباق الخيل عام 1993 بهدف تنظيم سباقات المضمار والإشراف عليها، وتبع ذلك تأسيس العديد من الأندية والهيئات المعنية بالخيول والفروسية، لتنضم الى الكيانات التي سبقت تأسيس اتحاد الفروسية.رسالة تسامح

لذلك كان طبيعياً أن تركض الفروسية باسم الإمارات في مضامير العالم، حيث بدأت عام 1994 كرسالة محبة وسلام وتسامح من الإمارات إلى مختلف شعوب العالم في أوروبا وآسيا وأمريكا، ومثلت إنجازاتها المدوية علامة فارقة في تاريخ سباقات الخيول، لاسيما أن بعد مشاركتها الأولى في بطولة العالم للقدرة في ولاية كنساس الأمريكية 1996، حققت خيول الإمارات ما لم تحققه غيرها، ما جعلها مؤهلة تماماً لاستضافة بطولة العالم للقدرة لأول مرة عام 1998، وفيها تعرف العالم على كيفية التسامح المترسخ في كيانات الشعب الإماراتي الذي يتعامل مع الجميع دون تفرقة للون أو معتقد أو جنس، وكان طبيعياً أن تستمر الإمارات في مسيرتها ورسالتها الرياضية السامية الخاصة برياضات الخيول، واهتمامها بالخيل العربي، وتوجت هذا الاهتمام بالفوز باللقب العالمي في البطولة التي أُقيمت في ماليزيا 2008.

ويأتي كأس صاحب السمو رئيس الدولة للقدرة لمسافة 160 كم الذي انطلق للمرة الأولى عام 2000 الحدث الأبرز على مستوى سباقات القدرة، إذ يعد من أغنى السباقات، حيث يشارك فيه أبرز الفرسان العالميين والمحليين من دول مجلس التعاون وأميركا وأوروبا، وهو ما يؤكد روح التسامح الرياضي الإماراتي.

فارس العرب

وعلت راية الإمارات خفاقة فوق كل الرايات، عندما انتزع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الميدالية الذهبية في بطولة العالم للقدرة في أوستن بارك بانجلترا، كما قاد فارس العرب الإمارات إلى انتزاع الصدارة أيضاً على مستوى الفرق، الأمر الذي جعل رياضة الفروسية تزدهر ومعها أصبحت الإمارات قبلة لعشاق الخيول وملاكها وفرسانها، سواء للتعايش مع التجربة الفريدة فيها لتربية الخيول، أو متابعة السباقات التي تقام في مضاميرها بما فيها من مشاركات لمختلف الخيول العالمية، ورصد الجوائز الكبيرة للفائزين في تسامح كامل ودون تفرقة بين أحد.

نصيب المرأة

ومن دلائل التسامح والتآخي في الرياضة الإماراتية، وإتاحة الفرصة لكل فئات المجتمع للانخراط فيها، خصصت سباقات عديدة للقدرة، لمشاركة السيدات، منها كأس الشيخة فاطمة بنت منصور بن زايد آل نهيان للقدرة، وهو أول سباق قدرة للسيدات ويُجرى في قرية الإمارات الدولية للقدرة بالوثبة، وسباق سمو الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان للتحدي للسيدات، ويُقام في قرية الأصايل للقدرة بسويحان وكذلك سباق القدرة النسائي المفتوح لمسافة 120 كم.

وفي دبي.. تعج أنشطة الفروسية محلياً وعالمياً بالزخم، حيث يتواجد العديد من الهيئات التي تسهم في تنمية هواية وممارسة رياضة ركوب الخيل والفروسية أبرزها مركز الإمارات للفروسية، والنادي الأهلي لركوب الخيل، ومنتجع الصحراء، وكذلك نادي جبل علي للفروسية، وهناك أيضاً نادي هوفبيتس للفروسية، ونادي الصحراء للفروسية، ويوجد كذلك مدرسة ذا ديزرت بالم لركوب الخيل، وجمعية دبي لركوب الخيل لذوي الاحتياجات الخاصة، بجانب سباقات الخيل العالمية التي تقام في مضمار جبل علي، ومضمار ميدان الذي يشهد كل عام أهم سباقات الخيول وأغلاها على الأرض، وهو سباق كأس دبي العالمي للخيول الذي يقام كل عام ويشارك فيه العديد من أفضل وأغلى الخيول في العالم، ولعل التواجد الكبير من الجمهور والمشاركين من مختلف دول العالم، يتعايشون في محبة وسلام يؤكد ما وصلت إليه الإمارات في هذا النهج التسامحي خلال رياضاتها.

إنها الإمارات التي فتحت أبوابها أمام الجميع في كل المجالات، بما فيها الرياضة.