يسعى كتاب «بقوة الاتحاد: صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. القائد والدولة» إلى استعراض الخلفية التاريخية الحافلة بالأحداث التي نشأ فيها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتعرّف المنابع الأصيلة لسماته القيادية.
والكتاب الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، يتناول سيرة الشيخ زايد بوصفه من الشخصيات الفريدة في عالمنا المعاصر، إذ نجح في تحقيق نقلة جبارة لمجتمعه وأبناء دولته، من حياة تقليدية صعبة في الماضي غير البعيد، إلى عهد من التطور والرخاء غير المسبوق.
وأشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في تقديمه للكتاب، إلى أنه تحمس لفكرة إعداد كتاب يتناول سيرة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وقال سموه: إن لذلك الحماس أسباباً عدة؛ أولها أن الرؤية المطروحة كانت جديدة تتبنى منهجاً علمياً موضوعياً وجاداً في كتابة سيرة حياة الوالد القائد. وأضاف: إن فكرة الكتاب المقترح مثّلت فرصة لتسليط الضوء على فترة بالغة الأهمية في التاريخ المعاصر لا تزال بحاجة لمزيد من البحث والدراسة.
والكتاب الموزع على 4 أبواب تضم 13 فصلاً.
يبدأ من «التراث» متناولاً تاريخ المنطقة وخلفيتها منذ ظهور قبيلة بني ياس وإنشاء أبوظبي، مروراً بمولد الشيخ زايد، إلى أن أصبح حاكماً لأبوظبي عام 1966.
بينما يتناول الباب الثاني: «التحول» مجمل التطورات التي استجدت في طبيعة النشاط الاقتصادي بالمنطقة، بدءاً من تصدير النفط في الستينيات، وما أعقب ذلك من تحديث واسع في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
ويستعرض باب «الاتحاد» مرحلة إعادة ترتيب الأوضاع السياسية على يدي الشيخ زايد منذ مطلع السبعينيات في القرن الماضي حين وحّد الإمارات. ويبين الباب الرابع المعنون بـ «الإرث الطيب» آثار رؤية الشيخ زايد الواضحة في الإمارات، لا سيما في بناء المدن، وتأكيد الغرض الأخلاقي من الثروة، والمحافظة على الحياة الطبيعية.
ويتطرق الكتاب إلى عدة محاور في كل جزء من أجزائه، أولها اهتمام الشيخ زايد بقضايا السلام وتحقيق الوفاق والمصالحة وتوطيد دعائم الأمن، ويرتبط هذا الجانب بالخلفية التي نشأ فيها، إذ يظهر الكتاب أن مسيرة الشيخ زايد السياسية قد بدأت في وقت مبكر، بدءاً من طفولته في منزل أبيه بأبوظبي، وحضوره لمجلسه؛ يصغي لما يدور فيه ويتعلم منه، وهو ما أكسبه الثقة ليطرح استفساراته على ضيوف المجلس، فأصبح معروفاً بأنه أكبر من سنه.
إلى أن تولى منصب ممثل الحاكم في مدينة العين عام 1946، وذلك استجابة للظروف السياسية المحلية والدولية المتغيرة، وترك حينها أثراً كبيراً، ومن بعدها جاءت الخطوة الحاسمة الأولى في طريق الاتحاد مع الاتفاقية الثنائية المبدئية بين الشيخ زايد والشيخ راشد على إقامة اتحاد بين أبوظبي ودبي، بتاريخ 18 فبراير 1968، وتوّج هذا الطموح برفع علم اتحاد الإمارات 2 ديسمبر 1971 وكان الشيخ زايد مقتنعاً منذ اللحظة الأولى للاتحاد أن طريق الدولة الجديدة لتحقيق الرخاء يمر عبر ترسيخ جذورها في قلوب مواطنيها وعقولهم، ويعتبر التركيز على إنشاء مؤسسات الدولة دليلاً واضحاً على إدراك الشيخ زايد حقيقة أن مفتاح استمرار التطور هو تطبيق التغيير اللازم، مع الحفاظ على الاستمرارية الضرورية لضمان الاستقرار.
ويبدو ذلك واضحاً في الأسلوب الذي انتهجه بمهارة فائقة في خلق تكامل فاعل بين بُنى الدولة العصرية والأطر التقليدية التي أثبتت جدواها على مر التاريخ.