«زايد.. الشخصية الاستثنائية».. مسيرة إنجازات تجاوزت الحدود

تجسدت الشخصية المتفردة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في مواقفه الصارمة والحازمة من القضايا التي واجهها بإصرار وحكمة، وقد اتضحت في تلك المواقف هويته الشخصية وقيمه الأخلاقية الرائعة، وسماته المنفردة التي تميزه عن أي شخصية سياسية عادية، وتجعل منه شخصية استثنائية تتحلى بالشفافية والانسجام.

هذا ما تناوله كتاب «زايد الشخصية الاستثنائية» للكاتب والروائي علي أبو الريش، الصادر عن «دار كتّاب للنشر والتوزيع» والحائز العديد من الجوائز الأدبية والمحلية والدولية.

في فصل بعنوان «زايد التراث وماضي الأجداد» يحدثنا الكاتب عن الشيخ زايد، رحمه الله، ويقول: لأنه ابن الصحراء، لأنه الجذر الذي جاءت نبتته من أقوى رمال الصحراء الراسخة، أبدى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ولعاً بالأرض وما تنبته من تراث وأحداث تاريخية مشت على أديم الأرض مثلما مشت الركاب ومثلما سارت الجياد محفوفة بالأمل.

ويبين المؤلف في هذا الصدد أن الجيل الجديد يجب أن يعرف كم قاسى الجيل الذي سبقه؛ لأن ذلك يزيده صلابة وصبراً وجهاداً لمواصلة المسيرة التي بدأها الآباء والأجداد، وهي المسيرة التي جسدت في النهاية الأماني بعد فترة طويلة من المعاناة ضد كل ما يمكن أن يقف في وجه التقدم والسير والنهوض. وأضاف: لا بد من الحفاظ على تراثنا القديم؛ لأنه الأصل والجذور، وعلينا أن نتمسك بأصولنا وجذورنا العميقة.

كما يؤكد الكتاب أن كل ما تجود به القريحة من عبارات إنما ينبع من وحي شخصية عملاقة مرتبطة بالأرض والتاريخ، ومن نفس بشرية تجاوزت حدود الذات لتطوف في آفاق الآخر متطلعة إلى الكون الأشمل والأكمل، لتسير بالفكرة نحو جذور المعاني الأصيلة، نحو غايات القلب المطمئن المتجدد، من خلال التمسك بالتراث، كونه المنبع والمصب في آن واحد؛ تاريخ الأجداد، تاريخ السواعد التي حفرت في تربة الصحراء الباحثة عن الأمل، الأمر الذي يجعل من الضرورة والضرورة القصوى أن يستدعي الإنسان قوته الذاتية المغروسة في الماضي مثل جذور النخلة.

ويؤكد الكاتب أهمية التاريخ في نظر الشيخ زايد؛ فالإنسان لا يمكن أن يكون بلا ماضٍ، والماضي هو العجلة التي حركت خطوات مركبة التطور، ومن يتنكر للماضي كمن ينسلخ عن جلده ويخرج عن حدود نواميس الكون وما خلق اللهُ الإنسانَ عليه من سمات الحب لكل ما هو أصيل في النفس متجذر في الأرض.

كما يبين المؤلف أن هذه الشخصية العملاقة للشيخ زايد، رحمه الله، جعلت منه معززاً للأعراف الحميدة، وواضعاً للقيم التي نهضت بالإنسان والدولة إلى آفاق التقدم، وهذه الشخصية المتفردة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مكَّنته من تحقيق الغايات بعيدة المدى، فأنجز في مدة يسيرة ما يعجز عنه غيره في سنين، ولم تكن الأفكار في فكره المستنير أسيرة الأوراق والدفاتر، بل ما لبثت أن انتقلت إلى مرحلة التنفيذ والديمومة، بحيث تتجدد من داخلها لتفرز واقعاً جديداً بعبق الأرض وعطر الماضي وبنسيج التراث.

ويوضح علي أبو الريش أن الشيخ زايد، رحمه الله، آمن بالماضي كإيمانه بالمستقبل، بل لم يجد مسافة تفصل بين الزمنين إلا بمقدار المسافة ما بين الحاجبين؛ فهي تفصل بينهما إلا أنها تجمعهما أيضاً في صورة جميلة متكاملة؛ فالشخصية الواثقة: شخصية الشيخ زايد، شخصية الرجل الكبير في طرحه، العتيد في ثباته، ثاقب النظرة في تطلعه إلى الغد، التليد في رسوخه المتكامل في رؤاه.

الأكثر مشاركة