من قلب الصحارى، جاء..
وفي يده.
حفنة من رمال الأرض..
وغصن من أغصان الأمل.
يستنهض حلماً وليداً.. ويستنفر في النفوس الهمم
كي يصنع وطنا.
يسابق به الأيام، وتتحاكى عنه الأمم
جاء بقلب ينبض حباً، يشيّد كياناً متيناً، بلبنات القيم.
أسطورة من أساطير الزمن.. كان ومازال بسيرته ومسيرته شيخاً وحكيماً للعرب..
أيقظ روابط الأرحام، وألف بين القلوب، فأقام دولة، تحتضن الجميع، وتعلو فوق هامات القمم.
على ضفاف بلا أنهار غرس الشجر.. فأورقت في تحدٍ، مسافات الثمر.
إنه الوالد المؤسس لدولة الإمارات.. المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أدرك مبكراً أهمية بناء الإنسان في كل الجوانب بما فيها الرياضة، ففتح أمام الشباب العديد من الأبواب.
في هذا نسرد ما يمكن استخراجه من سجل الذكريات بكل ما هو مفيد في المجال الرياضي، حيث كان، رحمه الله، رياضياً بالفطرة، يمارس من الرياضات ما يتناسب مع ميوله العربية الأصيلة، وشخصيته الهادئة الرصينة.
بلغ اهتمام القائد المؤسس بالفروسية مبلغاً كبيراً، حيث كان يرى أنها امتداد طبيعي للإرث العربي والإسلامي، وكان لحبه، رحمه الله، الخيل أثره الكبير على ترسيخ حب هذه الرياضة لأبناء الوطن، ولكونه فارساً من فوارس العرب، كانت هذه الرياضة تستهويه عبر مراحل حياته، وسبق ذلك تأسيس الدولة، عندما أنشأ إسطبل أشعب للخيول العربية الأصيلة عام 1969، في الصحراء، بجانب إسطبلات أخرى تم تجهيزها بأحدث المقاييس العالمية.
وفي 1980 أقام برنامجاً لتربية الخيول العربية الأصيلة، وشجع أبناء الوطن على شراء أفضل الجياد، ومتابعة السباقات والمشاركة فيها، حيث كان يرى أن الفروسية هي رسالة الماضي بما فيه من تلقائية وعراقة للحاضر والمستقبل بكل ما فيه من حداثة، كما حرص على تنظيم ورعاية الكثير من السباقات السنوية ورصد الكثير من الجوائز لتشجيع المشاركين فيها.
وفي سبيل النهضة الرياضية العامة، والخيول خاصة وجّه، رحمه الله، عام 1992، بتأسيس اتحاد الفروسية والسباق لكي يضع الهياكل الإدارية والتنظيمية القادرة على إدارة الفروسية وسباقات الخيل، بما فيها سباقات القفز على الحواجز والقدرة والتحمل، وبدوره أقام الاتحاد جمعية الإمارات لسباق الخيل عام 1993 بهدف تنظيم سباقات المضمار والإشراف عليها في ربوع الدولة.
وبجانب اتحاد الفروسية، أسس الكثير من الأندية والهيئات المهتمة بهذه الرياضة، فأنشأت جمعية الإمارات لسباق الخيل «الجوكي كلوب» 1990، لكي تعمل على المحافظة على نقاء سلالات الخيول العربية الموجودة بالدولة سواء المستوردة، أو المولودة محلياً، من خلال تسجيل وتوثيق أنساب جميع الخيول، وفي سبيل ذلك أصدرت الجمعية الكثير من سجلات أنساب الخيول العربية الأصيلة، تضمنت البيانات التوثيقية لعدد كبير من الخيل.
وعلى مستوى الأندية أنشئ الكثير منها في مختلف الإمارات، أبرزها نادي الفروسية في أبو ظبي بمنطقة المشرف 1976، وفقاً لتوجيهات القائد المؤسس، طيب الله ثراه، كما تأسست أندية للفروسية في العين ودبي والشارقة، بجانب نادي عجمان للفروسية والسباق والرماية، ونادي غنتوت المتخصص في رياضة البولو، والريف للفروسية.
لذلك كان طبيعياً في ظل اهتمامه، رحمه الله، أن تركض الفروسية باسم الإمارات في مضامير العالم، من خلال سلسلة سباقات القائد المؤسس، طيب الله ثراه، للخيول العربية الأصيلة، التي أطلقها 1994 كرسالة محبة وسلام من الإمارات إلى مختلف شعوب العالم في أوروبا وآسيا وأميركا، ولعل إنجازاتها المدوية تؤكد ثمار ذلك الاهتمام، إذ منذ مشاركتها الأولى في بطولة العالم للقدرة التي استضافتها ولاية كنساس الأميركية 1996، حققت خيول الإمارات ما لم تحققه غيرها، الأمر الذي جعلها مؤهلة تماماً لاستضافة بطولة العالم للقدرة لأول مرة عام 1998، كما فازت باللقب العالمي في البطولة التي أُقيمت في ماليزيا 2008.
وقد وصلت رياضة القدرة إلى القمة، حين انتزع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الميدالية الذهبية في بطولة العالم للقدرة في أوستن بارك بإنجلترا، كما قاد فارس العرب الإمارات إلى انتزاع الصدارة، أيضاً، على مستوى الفرق.
واستكمالاً لمنهج الشيخ زايد، رحمه الله، في الاهتمام بالخيول بوصفها إرثاً من موروثات الأجداد، أنشئ الكثير من الكيانات المرتبطة بها، فتأسست قرية الإمارات الدولية للقدرة بالوثبة عام 2000، كما تم تدشين قرية بوذيب للقدرة في عام 2004.
ويُعد كأس صاحب السمو رئيس الدولة للقدرة لمسافة 160 كم، الذي انطلق للمرة الأولى عام 2000، الحدث الأبرز على مستوى سباقات القدرة، إذ يعد أغنى السباقات المقامة عالمياً، حيث يشارك فيه أبرز الفرسان العالميين والمحليين من دول مجلس التعاون، وأميركا وأوروبا.
وفي دبي، تعج أنشطة الفروسية محلياً وعالمياً بالزخم، حيث يوجد الكثير من الهيئات التي تسهم في تنمية هواية وممارسة رياضة ركوب الخيل والفروسية، بجانب سباقات الخيل العالمية التي تقام في مضمار جبل علي، ومضمار ميدان، الذي يشهد كل عام أهم سباقات الخيول على الأرض، وهو سباق كأس دبي العالمي للخيول.
إنه إرث الأجداد الذي حافظ عليه زايد الخير، طيب الله ثراه.
120 كم
خصصت للسيدات العديد من سباقات القدرة ، منها كأس الشيخة فاطمة بنت منصور بن زايد آل نهيان للقدرة، وسباق سمو الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان للتحدي للسيدات، وسباق القدرة النسائي المفتوح لمسافة 120 كم.