لم يعد الصيام حكراً على المسلمين وحدهم، فالعالم كله ينهل الآن من كنوز الصيام، وبدأ العلماء في الغرب في دراسة الصيام وتأثيراته، ومنذ منتصف القرن العشرين، أصبحت توجد مدرسة علمية جديدة تختص بالعلاج بالصيام، فهناك العلاج بالصيام الكامل، أو عن الطعام فقط، أو العيش على الماء، أو عصائر الفاكهة، أو كليهما سواء معاً أو بالتبادل، ومن الغريب أن يتوصل العلماء غير المسلمين، إلى أن أفضل برامج الصيام هي التي تستمر30 يوماً أو أكثر، وقد تبين أن الإنسان السليم يستطيع العيش بدون طعام، لمده تتراوح من 50 إلى 75 يوماً بشرط إبعاده عن العدوى والتوتر النفسي والعاطفي.

الصيام والخصوبة

يقول حسين الهاشمي خريج المعهد العربي للطب النبوي، وعلوم الأعشاب، في الشارقة: شرع الله الصيام، تزكية لنفس الإنسان وتهذيباً لسلوكه، ووقاية وعلاجاً لما قد يصيبه من علل وآفات في نفسه وجسده، من جراء كثرة الأكل ودوامه، وقد توصلت الدراسات الحديثة إلى تأثير الصيام على مختلف أجهزة الجسم، وأعضائه ومنها الجهاز البولي والجهاز التناسلي، ومن هذه الفوائد، يحسن الصيام خصوبة الرجل والمرأة، كما أن الإكثار منه يخفف ويهدئ ثورة الغريزة الجنسية عند الشباب.

وبذلك يقي الجسم من الاضطرابات النفسية والجسمية، والانحرافات السلوكية، وذلك تحقيق للإعجاز في حديث النبي «صلى الله عليه وسلم» (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي حفظ، ولابد من توضيح الإعجاز العلمي في هذا الحديث، حيث إن الخصيتين هما مكان إنتاج عوامل الإثارة الجنسية، والوجاء في الحديث النبوي هو إرضاء الفحولة إرضاء شديداً أي يرتبط بالخصيتين، وقد ثبت أن في الخصيتين خلايا متخصصة تنتج هرمون "التوستيستيرون" أو الهرمون الذكري، وهو الهرمون المحرك والمثير للرغبة الجنسية، والذي يساعد أيضاً في نمو الحيوانات المنوية.

وقد ثبت أن الصيام يقلل من إنتاج هذا الهرمون الذكري إلى مقدار العشر أثناء الصيام المتواصل ومن التجارب ان الإكثار من الصوم مثبط للرغبة الجنسية وكابح لها، وبعد إعادة التغذية بثلاثة أيام، ارتفع إنتاج الهرمون الذكري ليس إلى مقداره الطبيعي، بل زاد عدة إضعاف، وهذا يؤكد فائدة الصوم في زيادة الخصوبة، عند الرجل بعد الإفطار، وهذا يبطل المفهوم الشائع عند كثير من الناس من أن الصيام يضعف المجهود البدني، ويؤثر على النشاط فيقضون معظم النهار في النوم والكسل.

العلاج بالصيام

ويضيف حسين الهاشمي: ثبت لنا من خلال الأعشاب وبعض أنواع الخضار، علاقتها بزيادة العامل الصحي لدى الإنسان، فمثلاً التمر له فوائد عديدة وخاصةً عند تناوله مع اللبن، والخس يحتوى على فيتامين (هـ) المضاد للعقم والخاص بالتناسل، والجزر له نتائج طبية في علاج الضعف العام، والكرفس منشط ممتاز ويستعمل في السلطة والمأكولات، والبقدونس معروف بفيتامين الخصب للذكور والإناث، والثوم دواء ساحر فعال في علاج كثير من الأمراض.

والسمك أحسن مصادر البروتين والفيتامينات، لكن اهم العوامل التي تساعد على العلاج، هو أن الصيام يعمل على علاج بعض الأمراض المستعصية، كالروماتيد والذئبة الحمراء ومشاكل القولون العصبي، وبعض حالات الشلل، وحساسية الطعام خصوصاً حساسية القمح، صرف السوائل المتجمعة في الساقين والبطن، بالإضافة إلى زيادة كفاءة الحواس الخمسة، خاصةً حاسة التذوق، وأكدت العديد من الدراسات أن الصوم ليس مجرد فريضة دينية يتقرب بها العبد لربه فقط، بل هو أيضاً وسيلة فعالة لوقاية الإنسان، من أمراض خطيرة عجز الطب الحديث عن إيجاد علاج نهائي لها، كأمراض القلب والسرطان وغيرها.

تجديد الوظائف

 

الصيام يعد فرصة كبيرة لدعم الصحة الجسدية والنفسية، لأن أجهزة وأعضاء الجسم المختلفة تأخذ فترة راحة ضرورية لتجديد نشاطها وتستعيد وظائفها للتخلص من الرواسب الموجودة بالجسم، بالإضافة إلى تجديد الدورة الدموية، حيث للصيام فوائد كثيرة لا حصر لها، فإنه يعمل على إعادة التنظيم المطلوب لعمل الجهاز الهضمي من خلال الراحة التي يوفرها شهر رمضان الكريم، إضافة إلى ذلك فإن الصيام يساعد الجسم على التخلص من عدد كبير من الأمراض التي تسببها السمنة، كما أن المرضى المصابين بأمراض مزمنة، منها الكبد والكلى وتورم الساقين يستفيدون من فريضة الصيام.