الدعاء مشروع شرعاً، والدعاء هو الذكر، وذكر الله تعالى يحيي القلوب ويجلو صداها ويذهب قسوتها، والمسلم يذكر الله ليلاً ونهاراً، يذكره بلسانه وقلبه.
والله تعالى يقول (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) الآية 152 من سورة البقرة، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يقعد قومٌ يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن من عنده» رواه مسلم.
ـــ من أجل ذلك فإن سلفنا الصالح كانت أوقاتهم كلها طاعة مليئة بذكر الله والاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير، ولم يكن لهم مجلس للذكر ومجلس للهو؛ لأن المسلم الحقيقي لا يرتاد المعاصي إلا ما استُكره عليه، أمّا وأنه يخصص لنفسه ساعة أو يوماً يُعلن فيه المعصية لله فلا.
ـ وما أجمل أن يختم المسلم حياته بذكر الله والدعاء وقراءة القرآن، وذكر الله إذا اعتاده الإنسان فإنه لن يكلفه شيئاً، فالمهم أن يصلح النية ويستحضر رب العالمين عند كل عمل، ونية المؤمن خيرٌ من عمله.
ـــ وعندما نستعرض أشعار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نجد أنه كان قريباً من ربه ودائم الذكر، دائم الرجاء، دائم الاستعانة به والتوكل عليه، لذا فإنه كان موفقاً في حياته، بارك الله في عمره كله؛ في وقته وصحته وماله وعمله.
ـــ لنأخذ على سبيل المثال قصيدة «مهرجان الهين» لنجد كيف وظّف الشيخ زايد الدعاء في شعره، والقصيدة مطلعها:
مرحبا بلّي رحب وثنّى
لاحترام له نحن جينا
واجب نقدر ونتعنى
للنسب لي منا وفينا
عزكــم بيعــــــزنا كلــنا
وقوة لاجيال أهالينا
وشعبكم هلنا وعشيرتنا
ولي يوفيكم يوفينا
إلى أن يقول:
عيدكم محسوب عيد لْنا
والشعوب اللي توالينا
يعل يود السحب لمدْنا
يروي الدولة ومفالينا
وفق الله حسن سيرتنا
ويعل رب العرش يحمينا
ـــ أسألك بالله، كم مرة التجأ الشيخ زايد في هذه القصيدة إلى الله وطلب منه العون والمطر والرخاء؟ وهذه القصيدة هي رد على ترحيب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، به لتشريفه مهرجان سباق الهجن في عام 1987، لكن انظر كيف حوّل الشاعر القصيدة إلى أكف ضراعة ارتفعت إلى الله سبحانه.
1. رحّب بالشيخ محمد بن راشد، مثل ما هو رحب به في البداية في قصيدته، وفي هذا إشارة إلى أن السلام سنّة ولكن رد السلام واجب ديني.
2. بين آل مكتوم وآل نهيان نسب وقرابة ومصاهرة، فالشيخ زايد عندما يزور دبي لا يزورها كحضور السباق فقط بل لصلة الرحم التي أمرنا الله بها.
3. يوطد بهذه اللقاءات العلاقة بين الشعب الواحد، وبهذا يزداد الاتحاد قوة وصلابة، وتزداد الألفة والمودة.
4. يشجع العمل الذي من شأنه أن يخلق المرجلة في النفس، وفي مهرجان الهجن إحياء لعمل شرعه الإسلام، ألا وهو المسابقة التي أشار إليها الحديث النبوي: «لا سبق إلا في خفّ أو حافر أو نصل».
5. طلب السقيا مطلب شرعي حتى ولو كنا نعتمد على المياه المعبأة التي تُجلب إلينا من الخارج.
ـــ وفي السابق، كان الناس في الشتاء يحرثون الأرض ويلقون الحب فيها ثم يطلبون السقيا من رب العالمين، فكان المطر بإذن الله وبدعاء الصالحين ينزل فتستفيد منه الزراعة والبهائم.
هذا وللحديث صلة.