الاستعاذة بالله في الإسلام حصن حصين للإنسان يحفظه من كل شيء، وخُلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر إلى الله في صباحه ومسائه وفي سرّه وإعلانه.
فالله خلق الإنسان وخلق الشيطان، وأنت مأمور بأن تعصي الشيطان وتخالفه، ومخالفتك له أو تجاهلك له كما يقول الشيخ محمد النابلسي لا يعني إلغاءه من الوجود، لكنك لو استعذت بالله من الشيطان الرجيم فإنك عندئذٍ أبطلت دوره وجعلته موجوداً كأنه غير موجود.
ومن أجل ذلك فإن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يأمر أصحابه، رضي الله عنهم، أن يحصّنوا أنفسهم وأطفالهم بالمعوذتين في الصباح والمساء.
المعوذة الأولى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِن شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).
والمعوذة الثانية: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ* مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ).
تأمّل في هذه الكلمات الربانية تجد أنها دواء لكل شيء وعلاج لا علاج بعده، فقول الله تعالى: (مِن شَرِّ مَا خَلَقَ)، يشمل كل المخلوقات الشريرة في هذه الحياة.
ومن أعظم الرقى سورة الفاتحة: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ* اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).
والرسول صلى الله عليه وسلم، استعاذ بالله من شر أشياء كثيرة، وكان يعلّم أصحابه جوامع الأدعية مثل قوله: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة.
إذاً لا تستغرب أيها القارئ إذا رأيت أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان يستعيذ بالله في أشعاره، فهو من أبوين مسلمين كريمين، تربى على طاعة الله ونبذ ما فيه عصيان لله ومخالفة للسنة.
نعم... لم يكتب قصائد دينية بحتة، لكنه في الجملة تتشكل شخصيته من المأثورات الإسلامية، لذلك فإنه إذا استشهد أو ضرب لك أمثلة فإنها تحمل روحاً إسلامية وقيماً مشتقة من البيئة الأخلاقية التي عاشها أو عاشها آباؤه وأجداده.
خذ على سبيل المثال الاستعاذة من الحسد، وهو من أمراض العصر أو أمراض كل العصور، لتجد أن الشيخ زايد في قصائده يحذر المحبوب منه، أو يحصنه باسم الله من شر حاسدٍ إذا حسد.
والحسد موجود في كل إنسان، حتى بين الأب وبين أولاده، أو بين الإنسان وبين نفسه، فربما حسد الإنسان نفسُه نفسَه فوقع فيما يحذر الناس منه، فلنقرأ للشيخ زايد قوله:
يعل شخصك ربي يجيره
عن حسود لك يعاديها
وقوله:
عطاك ربي لك غناتك
وأصبحت سيد في المزايين
وقوله:
ما خلق مثله ربي في البرايا
جل لي صوره ومكمله
وقوله:
خذت الجمال وحزت لوصوف
سبحان لي صوّر وسوّاك
يقول محمد عبد الله نور الدين في الدراسة التحليلية في أشعار الشيخ زايد بن سلطان:
كل هذه الأبيات تأكيد واضح على الاحتراز من الحسد، والحماية من النفس البشرية ونفس الشاعر أيضاً.
كما تؤكد هذه الأبيات تواضع الشيخ زايد بن سلطان الذي عرف عنه حب الخير لغيره.