عبدالله علي عبدالله بن يعروف، اسم قد لا يكون ذا هالة إعلامية كبيرة، لكنه حتماً يمتلك مسيرة عطرة، ورحلة عطاء حافلة بالإنجازات، أضافت الكثير إلى الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية في دبا الحصن، بدأها منذ سافر في رحلة إلى الكويت منتصف الستينات مع عدد من أقربائه لاستكشاف عوالم أخرى، ومن متابعة دراسته الثانوية رغم أنه كان كبيراً في العمر. ليتدرج في وظائف مختلفة ويتقلد عدداً من المناصب القيادية منها موقعه الحالي مديراً للديوان الأميري بدبا الحصن، باثّاً من خلال خبراته المتعددة روحاً جديدة في أروقة الديوان، ليتابع مسيرة 40 عاماً من الحراك العملي والثقافي الداخلي بمساهمات متعددة ومشاركات متنوعة.
يعتبر قامة شامخة لها وزنها في مدينته والمنطقة الشرقية عموماً، إنه المواطن الوحيد من مدينته الذي يعين عضواً في المجلس الوطني الاتحادي. فهو عنوان للالتزام ومثال في الإخلاص والعطاء والانتماء للوطن، يدرك كل من تعامل معه، سمو أخلاقه وكرم خصاله.
صديق عمره محمد أحمد بن يعروف نائب رئيس المجلس البلدي لدبا الحصن، يحدثنا عنه في إطار علاقة صداقة امتدت بينهما منذ أكثر من 40 عاماً، إذ يقول: معروف عنه أنه رجل ذو همه ويساعد بإخلاص، ناهيك عن شخصيته الواثقة وطبيعته الهادئة وخزائنه الفكرية التي تفيض بعطاء العلم، فمنذ تسلم مهامه مديراً للديوان الأميري بالمدينة منذ عام 1992، أرسى مبدأ (الكفاءة هي الطريق الوحيد للتعيين في أي منصب قيادي).
ويشير إلى أنه لا يطرب للمديح، لأن تأدية الواجب عنده لا تحتاج إلى شكر أو ثناء. وقد تعرض لانتقادات مختلفة وكان يرد عليها دائماً بعدم المساومة على مبدأ وضعه لنفسه، فالجميع متساوٍ في نيل حقوقه والحصول على الخدمات.
مشوار حياته
ويتحدث محمد بن يعروف عن تعليمه ومشواره الدراسي، ويضيف: لم يلتحق بالمرحلة الابتدائية لأنه تعلم الكتابة والقرآن من أبيه (علي بن يعروف) المعروف بـ «علي خليف» والذي كان يدرس الأطفال القراءة والكتابة والقرآن، لكنه التحق بالمرحلة المتوسطة، وبعدها استكمل دراسته في الثانوية العامة بمدرسة الخالدية في الدراسات المسائية وحصل على شهادتها عام 1982. بعدها ذهب في رحلة عمل إلى الكويت إلى جانب عدد من أعمامه وأقاربه الذين كانوا يعملون هناك، وانضم إليه في تلك الرحلة المرحوم خليفة أحمد بن يعروف وإبراهيم سعيد بن يعروف، والمرحوم أحمد سعيد بن يعروف، والمرحوم سعيد بغداد والمرحوم عبدالله محمد.
وبعد عودته من الكويت التحق بسلك الشرطة وتحديداً شرطة أبوظبي في فرع «خور العديد». وكان نظام عمله يعتمد على «شيفر المورس» التي كانت تستخدم آنذاك لنقل الأخبار، إذ يتولى إرسال الأخبار المتعلقة بدولة الإمارات، إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه - أثناء سفره في رحلات القنص. ولأنه أراد استكمال الدراسة فقد استقال من عمله.
معلم ومسؤول
ويوضح أن عبدالله بن يعروف، قرر في تلك الأثناء الالتحاق بجامعة الإمارات بكلية القانون والشريعة، وكان زميلاه في السكن الجامعي (القاضي علي بن جمعوه، ومحمد مهلبي نائب رئيس نادي خورفكان للمعاقين حالياً)، وأثناء ذلك انتخب من قبل أعضاء نادي دبا الحصن الرياضي الثقافي ليكون رئيساً للنادي لمدة عامين.
وفور تخرجه بتفوق عين معلماً للغة العربية في إحدى المدارس التابعة لمكتب أبوظبي التعليمي، ولم يكمل سوى عدة شهور حتى تسلم ورقة تعيينه ليكون مسؤولاً للأوقاف والشؤون الإسلامية بدبا الحصن التابعة لفرع مكتب الأوقاف بإمارة الفجيرة، واستمر في عمله حتى عُين بعد ذلك من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة مديراً لبلدية دبا الحصن، التي كان مقرها في منزل شعبي قديم، ويشغل وظائفها عدد قليل من الموظفين.
ومن ثم تعيينه واحداً من ممثلي إمارة الشارقة في المجلس الوطني الاتحادي من قبل صاحب السمو الحاكم لسنة 1992. وبعد شهور من العام ذاته تم تعينه ممثلاً للحاكم بالديوان الأميري.
ويشير إلى أنه عندما بدأ أولى خطواته في عمله بالديوان الأميري الذي كان عبارة عن منزل شعبي مستأجر للمرحوم محمد بن فاضل حتى عام 2004، عمل ابن يعروف على تنظيمه وتوزيع الاختصاصات وترتيب الأولويات.
وكان يساهم في إنشاء أي لجنة لتوسيع تأثيرها الإيجابي على المدينة، وأول لجنة شكلها هي لجنة توزيع المنازل الشعبية للمستحقين، التي كانت تحت رئاسته. وتم تشكيلها قبل تأسيس المجالس البلدية الحالية.
كما عمل على تشكيل لجنة تيسير الزواج والإصلاح الأسري، التابعة للديوان بناء على توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، في محاربة الإسراف والتبذير في مناسبات الأفراح والزواج أثناء زيارته للمدينة في عام 2006. وقوبلت تلك الفكرة بالاستحسان والقبول الكبير، إلى جانب دوره الكبير في تأسيس لجان أخرى متخصصة تضم أعيان ووجهاء المدينة للإصلاح وحل المشكلات والنزاعات بعيداً عن أروقة النيابات والمحاكم.
القراءة والمطالعة
في سياق الحديث مع محمد أحمد، فهو يؤكد أن عبدالله بن يعروف لا يزال مهتماً بقراءة الكتب ومطالعة الصحف، وأنه قارئ نهم ولديه مكتبة تضم مختلف الكتب الشرعية والقانونية والإنسانية، ويتمنى تأليف كتاب يتحدث فيه عن ذكرياته وتجاربه المختلفة، إلا أنه يبحث عن وقت في ظل الانشغالات والارتباطات المستمرة لمشاهدة المباريات الرياضية، وهو أيضاً يحب الشعر وقراءته. كما أنه رجل يعشق التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، فقد كان من أوائل الأشخاص الذين اقتنوا جهاز الراديو في المدينة.
للأبناء والأصدقاء نصيب.. والتفكير بالبدائل أساس النجاح
اعتبر محمد بن يعروف، أن صديقه وابن عمته عبدالله علي بن يعروف ليس إنساناً روتينياً عادياً، رغم أن الكثيرين لا يعرفونه، مؤكداً أنه واحد من رجالات دبا الحصن، ومنه أخذ الكثيرون صفة الحلم والأناة، إذ تبقى حياته حافلة بالمحطات وتقدم النموذج الصلب عن كيفية تعلم الدروس من المواقف المختلفة، فمنذ نعومة أظفاره استفاد من الأجواء الأسرية الجميلة على ضفاف البحر، الذي كان يجمع عائلته مع الجيران، وجسد دروساً في محبة الآخرين.
بعد ذلك خاض مسيرة في التربية والتعليم، تعلم منها الصبر وحسن التخطيط، وكذلك التفكير دوماً في البدائل، وهي جميعاً من أسس النجاح. ثم انطلق في رحلة عمل إلى الكويت ومن ثم أبوظبي، ليعود بعدها إلى وطنه الأم دبا الحصن، ليعمل في مجالات مختلفة، كالتدريس والأوقاف والبلدية.
ويؤمن عبدالله بن يعروف بضرورة العمل الجماعي لتحقيق أكبر قدر من المنجزات، وتلك المبادئ التي رست عليها مدينة دبا الحصن في العمل بقلب رجل واحد، إذ لا يستطيع أي شخص وإن كان أكبر مسؤول فيها أن يغرد أو يصفق وحيداً بمعزل عن الجهات والمؤسسات المعنية بالعملية التطويرية والخدمية في المدينة.
ويقول محمد بن يعروف إن من أصدقاء عبدالله بن يعروف المقربين (عبدالرحمن الطنيجي وسعيد بن زايد وراشد خصاو)، الذين عُرفوا بحبهم المشاركة في الاحتفالات الرسمية والمناسبات الاجتماعية والأعمال التطوعية المختلفة، التي كان لها الأثر الأكبر في صقل شخصياتهم وإكسابهم حب العمل والتفاني من أجل تحقيق تنمية مستدامة على كافة الصعد من ناحية الوطن والمواطن، منوها إلى أنه في وقت سابق كان يؤم ويخطب في الناس في بعض الصلوات.
ومن الأمور اللافتة في حياة عبدالله بن يعروف، أنه دائم الحديث عن الأبناء وكيفية تربيتهم وتلك المهمة لطالما كانت عنده الأساس في كل شيء، لأن نجاح الأبناء هو النجاح الحقيقي الذي يفخر به الإنسان، وهو يحرص على أن يكون أبناؤه ناجحين، ويزهو بكل نجاح يحققونه.
سفر وفلسفة
أثناء الحديث مع محمد بن يعروف «بو مروان»، تجلى لنا أن عبدالله بن يعروف يحـب السفر والترحـال كثيـراً، مع مراعاة أن تكون المدة غير طويلة، ومن الدول التي زارها وأعجب بها كثيراً، (الصين وسنغافورة والمملكة المتحدة)، ومن الناحية الشخصية فهو يحرص دائماً على الاستفادة من كل تجربة ناجحة ويعمل على تطبيقها.
وخلال توليه مهنة التدريس، ارتكزت فلسفته المهنية، على اعتبار أن الإنسان هو العنصر الأساسي في العملية التربوية، فعمل على التوازن بين الجانبين النظري والتطبيقي في خطة الوزارة، وسعى إلى الربط بين التعليم الجيد والخطة التنموية للدولة لتوظيف التعليم في خدمة التنمية الوطنية والارتقاء بالإنسان المواطن.