أقعد في كثير من المرات عن صلاة الجماعة في المسجد وأؤدي الصلاة بمفردي في بيتي وليس لي من عذر سوى الكسل فحسب، فهل علي من إثم في ذلك؟
لقد فوَّتَّ على نفسك خيراً كثيراً بترك الجماعة، لأن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة كما جاء في الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقد اختلف أهل العلم في حكمها فمن قائل: إنها سنة مؤكدة كالسادة المالكية أو واجبة كما عند السادة الأحناف، ومن قائل: إنها فرض عين كالسادة الحنابلة، وهو قول عند الشافعية، ومن قائل: إنها فرض كفاية كما هو المعتمد عند السادة الشافعية، فالمفوت لها مفوت لسنة أو فرض، وليس ذلك شأن الحريص على دينه، وعلى هذه الشعيرة العظيمة، فصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله، كما جاء في حديث أبَيِّ بن كعب عن أحمد وأبي داوود، ولقد همَّ النبي ﷺ أن يحرق على المتخلفين عن صلاة الجماعة بيوتهم كما جاء في حديث أبي هريرة عند الشيخين.
فلا ينبغي للمسلم أن يترك الجماعة إلا من عذر، وتركها من غير عذر دليل على عدم كمال إيمانه كما تشهد لذلك الأحاديث السابقة وغيرها كثير، والله تعالى أعلم.
صــلاة الاستخـارة
عندما يصلي الإنسان ركعتي الاستخارة، كيف يعرف أنه اطمأن قلبه وانشرح صدره للأمر الذي يريد؟
أرجو توضيح ذلك، وجزاكم الله خيراً وبارك مسعاكم، وغفر الله لنا ولكم.
المسلم بعد أن يستخير الله تعالى في الأمر الذي أهمه أو أراده، وذلك بصلاة ركعتي الاستخارة وقراءة دعائها عقب السلام، فإن الذي يمضي إليه بعد ذلك هو الخير الذي اختاره الله له، لأنه قد فوض أمره إليه، ولا حول له ولا قوة، هذا الذي قرره عز الدين بن عبدالسلام كما حكاه الحافظ في الفتح (11/223)، وهو الذي نراه، كما هو عمل العلماء وأهل الفضل الذين يعول على مثلهم.
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في الأذكار ص117: وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره.
وقال ابن علان في شرح الأذكار (3/355): فإن لم ينشرح صدره لشيء فالذي يظهر أن يكرر الاستخارة بصلاتها ودعائها حتى ينشرح صدره لشيء وإن زاد على السبع.
وعليه فإن قدر المستخير على الصبر وتكرار الاستخارة حتى يجد الانشراح فذلك هو الأفضل، وإن لم يصبر وعمل بعد الاستخارة الأولى كان قد عمل بالسنة وعمل بالخير الذي اختاره الله له، لكن لا يعول على ما كان له من هَوىً قبل الاستخارة، كما اعتمده الحافظ في الفتح (11/223).
وبناءً على ما تقدم فإنه يجدر بكل مسلم استخار أكثر من مرة أن يقدم على ما استخار فيه، فإن من علامات الإذن التيسير، فليــس لزاماً عليه أن ينتظـر رؤيا منامية أو انشراح صدر؛ لأن الاستخارة لعموم الأمة وليس للخاصة فقط.
والله تعالى أعلم.
Ⅶ إعداد ادارة الافتاء في دائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري في دبي