مشاهد كثيرة تجتاح رمضان وقد تعكر صفو روحانيته، ولعل أهمها تسابق بعض المصلين نحو مساجد بعينها، ويكمن السبب في أن أئمة هذه المساجد يجتذبون جموع المصلين لأنهم لا يطيلون في الصلاة، وإنما ينهونها بسرعة، وقد تنافسوا على أداء الصلاة في وقت قياسي، فهناك إمام ينهي الصلاة كاملة في 20 دقيقة، وآخر يستغرق وقتا أقل من ذلك بكثير. أيها المفضل يا ترى لدى مجموعة من المشاركين بالرأي في هذا الاستطلاع.

 

يقول أحمد الشبلي: لا أؤدي صلاة التراويح إلا في ثلاثة مساجد، وأفضلها بسبب سرعة الأئمة فيها، وتقليصهم ركعاتها إلى ثماني ركعات، على خلاف بعض الأئمة الذين يضاعفون عدد الركعات، ويبطئون في قراءة الآيات، فضلاً عن اختيارهم لطوال السور.

ويضيف الشبلي: أرتاد هذه المساجد الثلاثة فقط في شهر رمضان، وبصراحة لا أرتادها بعد انقضاء الشهر، وإنما أصلي في المساجد القريبة من المنزل، ولا أخفيك أن كثيرين من أصدقائي وأقاربي يفعلون الشيء ذاته، والسبب سرعة أداء الإمام للصلاة.

مؤكداً: أن بعض الضيوف يسألون عن المساجد التي ينهي أئمتها صلاة التراويح أسرع، ويتكرر السؤال نفسه كلما استضفنا بعض الأقارب أو الأصدقاء لدى اقتراب معاد التراويح، مشيراً: أن الأمر مع كبار السن مختلف، فهم لا يبالون بالوقت في الصلاة، بل بقرب المسجد من البيت.

خشوع وإيمان

بينما خليفة أبو شبص لا يعير الوقت في الصلاة أهمية تذكر، ويقول: أرى أن الخشوع في الصلاة يرتكز على أداء الصلاة بأريحية وتأن وليس بعجالة، لافتاً إلى أن البحث عن مساجد يسرع أئمتها في الصلاة موضع انتقاد لمن يجري خلف ذلك، وأشدد على واجب منح الصلاة حيزاً أكبر من الوقت والتفرغ لأدائها ليتحقق الخشوع، حيث أن الكثير من الناس تخطفهم أهواؤهم وينجرفون إلى الأسواق خاصة في الليالي العشر الأخيرة من رمضان، الأمر الذي يجعل الكثير منهم يؤدون صلاة العشاء فقط ويخرجون من المسجد، علما أن آخرين يؤجلون الفرض إلى أجل مسمى خاصة في العشر الأواخر، ويتذرعون بالازدحام في المسجد. أما محمد فضل - موظف يلاحظ: أن السرعة في أداء الصلاة لها آثار سلبية، وأهمها للأسف كثرة الأخطاء في قراءة الآيات أثناء الصلاة، ونسيان بعضها نتيجة القراءة المتسرعة.

ويضيف فضل: أن تلك الأخطاء دفعتنا أكثر من مرة للحديث مع الإمام من باب النصح بعدم الاستعجال بالصلاة، لكنه برر موقفه بأن كبار السن يغضبون من بطئه في الصلاة، ويلحون عليه بتغيير الوتيرة، مما دفعه للاستجابة لهم، واختيار قصار السور والآيات القصيرة، التي لا يخطئ في قراءتها حتى الطفل. مؤكداً: أن هذه الظاهرة تنتشر بقوة خاصة مع الأئمة غير العرب، فضلاً عن قراءتهم المتقطعة للآيات القرآنية، منوهاً إلى أن هذه السلبيات لا تشمل الكل، وإنما البعض وفئات معينة فقط.

صوت وأداء

من جهته يؤكد الطالب حمدان مهيوب قائلا: إن صوت الإمام وترتيله هو العامل الأول في اختياري للمسجد، لذا أستغل فرصة استضافة الدولة لعلماء الدين المتفقهين، ولا أعير إسهابهم في الصلاة اهتماماً. ويضيف: اذهب يوميا إلى مسجد قريب من المنطقة التي اقطن فيها بصحبة شقيقي الأكبر، وغالباً ما أتجه إلى مسجد الشيخ خليفة بإمارة عجمان لأداء الصلاة، إذ تستضيف دائرة الشؤون الإسلامية بالإمارة وباستمرار أئمة المسجد الحرام.

ويضيف مهيوب: لا نشعر بالوقت أثناء أدائنا للصلاة لا سيما التراويح، حيث يتجلى الخشوع ويعم من حولنا، فيجهش كثير من المصلين بالبكاء عند تلاوة تتناغم فيها التراتيل الإيمانية وتُنسف الشهوات الدنيوية، وغالبا ما تدهشنا جموع المصلين الذين تضيق بهم المساجد، وتتسع دائرة الجموع لتبلغ الشارع في أكثر الأحيان، كما لو كانت تلك ساعة البشر الأخيرة في الدنيا.

أما سلطان العويس طالب، فهو لا يلقي اللوم على المصلين المتأففين من إطالة الصلاة من بعض الأئمة، فالبعض حقيقة يبالغ في الإطالة، وينسون من يقف وراءهم من المصلين، فترى من يتذمر ويتقاعس عن مواصلة الحضور في صلاة القيام.

وأذكر ذات ليلة أن عددا من كبار السن غضبوا من الإمام بسبب التأخير، وتعالت أصواتهم أمامه،وفي اليوم التالي غير الإمام أداءه في الصلاة وأصبحت معتدلة.

 

خشوع الصلاة

لأداء العبادات في رمضان متعة، وللصلاة فيه متعة أكبر تكمن في جمالية الترويح ومشاعر الراحة التي تخلفها، لذلك علينا اغتنام الفرصة، بالاستزادة من أداء الصلاة لاكتساب مزيد من الراحة. ولا يمنع أن نجوب الأحياء للصلاة كل يوم خلف إمام آخر.