عندما نعود إلى الأحياء القديمة ونتأمل تلك الحياة العفوية التي فطرهم الله عليها، تعود ذكرياتنا إلى الألعاب الشعبية التي كان يلهو بها الأطفال في تلك الأحياء للزمن الجميل. فحتى لهوهم ولعبهم كان جميلاً فلم تكن لديهم الكثير من الرفاهيات التي يعيشها أطفالنا اليوم.

كان اللعب يعتمد على معطيات الطبيعة، وكانت تعج بالفرح والاستبشار بروح الطفولة. فالبنات والصبيان كانت لهم ألعابهم المختلفة، التي يلعبون بها مشتركين أو البنات مع بعضهن والصبيان مع بعضهم البعض.

من الألعاب التي تخص البنات (الصقلة) وهي عبارة عن مجموعة من الحصوات الصغيرة، حيث يتطلب ممارسة هذه اللعبة قيامهن بحفر حفرة صغيرة يضعن الحصوات أو الأحجار الصغيرة فيها.

(المريحانة) وهي الأرجوحة، يتم ربط الحبل بين غصني شجرتين، أو على عمودين من الخشب القوي، ووضع كمية من القماش كقاعدة يتم الجلوس عليها، وتتمرجح البنات عليها وهي محببة لهن.

التشويق واللياقة

أما الصبيان فكانت لهم عادة اللعب بـ ( التيلة) وهي عبارة عن كرات زجاجية صغيرة، وكانوا يطلقون عليها (حل وحل تيلة)، وأيضا كانوا يلعبون (القبة ) وهي كرة مصنوعه من الجريد يتقاذفونها ويلعبون بها، وكانت هناك لعبة جماعية تسمى ( اليوريد ) وهي من العادات الجميلة في اللعب، كان بها الكثير من التشويق، ويمارسها الصبيان والبنات، لكن يفضلها الصبيان أكثر لاعتمادها على اللياقة والجري السريع ولمسافات طويلة توزع على مجموعتين، المجموعة التي تبدأ "اليوريد" بالجري والاختباء عن المجموعة التي تحاول اللحاق والإمساك بها قبل العودة إلى نقطة الانطلاق المحددة بدائرة.

وكانت من الألعاب القديمة لعبة (الغميضة) وهو أن يتم حجب عين أحدهم بقطعة قماش ويدورون حوله إلى أن يلحق ويمسك بأحدهم ليأتي عليه الدور وهكذا.

وكان من عادة البنات حب الرسم، ولم تكن لديهن الأدوات التي يرسمن بها، فكان رسمهن على الرمال بهيئات مختلفة، وكانوا يلعبون أيضاً فوق رمال البحر ويقومون بتشكيل بعض المجسمات من الكثبان والبيوت والخيام.

النزهات الجماعية محاكاة للعائلة

ومن الألعاب الجميلة كذلك كانت لعبة (الحويم) وهي عبارة عن تخطيط لمربعات فوق الرمال، وتكون البداية برمي الحجر في المربع الأول، والقفز برجل واحدة، بينما الأخرى مرفوعة ودفع الحجر من مربع إلى آخر حتى الانتهاء.

وكانت لديهم عادة شيقة ومثيرة في يوم الجمعة بأنهم يقومون باستدعاء بعضهم البعض في الخروج لنزهة جماعية باتجاه البحر أو المناطق التي يكثر فيها زرع النخيل، وكانوا يجلبون معهم الأشياء التموينية، ويتقمصون بعض الأدوار وكأنهم في أسرة واحدة، فالبنات كن يمثلن دور النساء ويقمن بالطبخ والتحضير للغداء، والصبيان كانوا يمثلون دور الرجال ويجلبون الماء والحطب، وكانوا يستمتعون كثيراً في هذا الأداء الجماعي، وهذه النزهة هي لعبة جماعية تدخل على قلوبهم الفرح الكثير.

والبنات كانت لهن عادة خياطة الملابس من الأقمشة الفائضة والقديمة كثياب للعرائس ويسمى "الحيا" التي يلعبون بها، وهكذا كانت ألعابهم وألعاب أخرى يمارسونها في غاية البساطة، ولكنها كانت تشبع حاجاتهم المختلفة.

وهؤلاء الأطفال من البنات والصبيان كانوا من المصاحبين لأهاليهم، فكانت البنات يخرجن مع أمهاتهن في زيارات للأقارب، ويساعدن أمهاتهن في مختلف أعمال البيت، ويجلسن بالقرب من أمهاتهن لتعلم الطهي ويقمن بالتنظيف والغسيل.

وكان الصبيان يذهبون مع آبائهم إلى البحر ويتعلمون فنون الصيد والسباحة، ويلازمون آباءهم إلى المساجد، وإلى المجالس ليتعلموا آداب الحديث والسلوك والمبادئ الاجتماعية العامة في حياة الرجال.