من عادة الأهالي قديما أنهم يرسلون أبناءهم منذ الصغر (البنات والصبيان) إلى "المطوع" معلم القرآن. كانت الأم تأخذ أولادها الصغار بيدها وتوصلهم إلى بيت المطوع، وهو بيت لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار، مبني من السعف، كعريش أو خيمة في الفناء، يجتمع الدارسون ويصطفون جلوسا أمام المعلم لمدارسة القرآن. وكان التعليم يقوم بالأساليب الهجائية القديمة، والعودة لمخارج الحروف والأصوات، لكي يتسنى لهم الحفظ الجيد والتلاوة السليمة. فالقرآن كان للتلاوة والحفظ، وكانوا يرتلونه بالسرد والإعراب، ويبدؤون بجزء "عمّ" من سورة الفاتحة ويتابعون إلى بقية الأجزاء حتى الختمة.

أشهر محفظي القرآن

من أشهر المحفظين للقرآن عرف "عبيد الغربي" و"سعيد الخدري" من الرجال، و"عوشة المطوع" و"فطيمة" من النساء. كان للقرآن هيبة في النفوس، وكان الأهالي يحرصون على أن يقوم المطوع بتهذيب أبنائهم وتأديبهم وتعليمهم الآداب العامة والأخلاق الحسنة والسلوكيات الحميدة، فكان هو المعلم والمربي والموجه والناصح، فهو بمثابة الأب. وكانوا يستخدمون العصا للزجر والنهي، فنشأ الأولاد من البنات والصبيان على احترام المعلم.

"التومينة" احتفال للدعم المعنوي

بهذا الاحتفال كان الأهالي يدعمون أولادهم معنوياً لتقديس محبة القرآن عند ختمه. وهو أيضا مظهر من مظاهر المشاركة الاجتماعية الواجبة والدائمة، بإظهار الفرح والسرور ببعضهم ولبعضهم البعض في مختلف المناسبات. ذلك الاحتفال يطلقون عليه "التومينة" وهي عبارة عن ترانيم ودعوات لله بأن مَنَّ عليهم بالهداية وحفظ القرآن. ومن ذلك فإن البنات اللواتي ختمن القرآن كن يخرجن بثياب ثمينة وجديدة تفيض جمالاً، ويكن في كامل زينتهن من الذهب والحناء والعطر، احتفاء بهذا التكريم. كذلك الصبيان كانوا يلبسون "الكندورة" الجديدة و"العصامة" فوق رؤوسهم، وهو الشماغ ملفوفا بالطريقة المحلية التقليدية. وكان يخرج معهم أحد الفتيان من حفظة القرآن، كان يحمل "المزماة" وهي "الجفير" مترأسا أو متقدما البنات والصبيان في المسيرة، التي تنطلق ن بداية الحي، ويسيرون مجتمعين ويطوفون على البيوت ينشدون "التومينة" ويؤمنون عليها بكلمة "آمين" بعد كل شطر من التومينة.

الالفة والفرح سمة الحي الواحد

كانوا يطرقون كل بيت، فيخرج الاهل فرحين، ويكرمونهم بالنقود وبالمواد العينية. وهي عادة تعكس مدى الألفة وروح المشاركة في الحي الواحد.

كان الاحتفال مبهجا لنفوس الأطفال، ويحمل تشجيعاً للذين مازالوا قيد الدراسة، لمتابعة الدروس وحفظ القرآن حتى يختموه.وتستمر المسيرة بالتجوال في الحي منشدين ومرددين «التأمين».

"الخميسي" أجرة المعلم الأسبوعية

كان المطوع يتقاضى أجرة رمزية كل يوم خميس، وكان كل يوم أربعاء يذكرهم بها بقوله (باجر الخميس اللي بيغيب يخيس)، وهي رسالة غير مباشرة ولكنها واضحة، بأن من سيغيب فهو لا يريد دفع الخميسي.