أكد العالم ثقته الراسخة بدولة الإمارات من خلال الإجماع الذي حظي به قرار تأجيل «إكسبو 2020 دبي» ليقام في موعده الجديد من 1 أكتوبر 2021 إلى 31 مارس 2022، ما سيسمح لجميع المشاركين بتجاوز تبعات جائحة «كوفيد 19».
وكانت حكومة الإمارات قد تقدمت مطلع أبريل الماضي إلى المكتب الدولي للمعارض بطلب تأجيل «إكسبو» بناءً على طلب الدول المشاركة نتيجة الظروف التي فرضتها الجائحة على العالم، وفي ظل دعم اللجنة التنفيذية للمكتب الدولي للمعارض من خلال تصويت أعضائها لصالح القرار، نال مقترح التأجيل الأغلبية المطلوبة وهي ثلثا أصوات الدول الأعضاء في المكتب، واستمرت عملية التصويت حتى 29 مايو وهو اليوم الذي أقرت به الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض رسمياً تغيير موعد «إكسبو» لمدة سنة.
تجاوز التحديات
وبعد قرار التأجيل، بات العالم يتطلع إلى الانتصار على الجائحة وتجاوز التحديات الجسيمة التي فرضتها على الجميع خلال العام المقبل، واتجهت الأنظار إلى الإمارات للاحتفال في إكسبو دبي بفتح صفحة جديدة في تاريخ الإنسانية عنوانها التعاون البناء لمستقبل أفضل للإنسانية، بوصفه فرصة حيوية لالتقاء المجتمع العالمي بروح مفعمة بالتفاؤل وبارقة أمل للبشرية.
ومنذ بداية الجائحة، حرص مكتب إكسبو دبي على تطبيق خطط متكاملة لضمان صحة وسلامة جميع العاملين في الموقع وضمان سير كافة العمليات، بما فيها الإنشاءات، بسلاسة في ظل تطبيق إجراءات احترازية ووقائية شاملة.
كما طرح إكسبو حزمة مبادرات تهدف إلى خفض تكاليف المشاركين وتخفيف الأعباء عليهم في ظل تأجيل الحدث، بحسب معالي ريم إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي المدير العام لمكتب «إكسبو 2020 دبي»، حيث قالت خلال الدورة الخامسة لاجتماع المشاركين الدوليين التي عقدت في أغسطس الماضي: في ضوء قرار التأجيل قمنا بمراجعة الرسوم الحالية، وبما في ذلك رسوم توصيل خدمات المرافق العامة، وقد نسّقنا مع هيئة كهرباء ومياه دبي لضمان وضع حد أقصى لهذه المدفوعات لمدة 15 شهراً، بما سيؤدي إلى خفض تكاليف المشاركين وتحفيزهم بشكل كبير على إكمال أعمالهم بنهاية 2020 حتى نعلن عن الانتهاء من الأعمال الإنشائية.
استشراف المستقبل
ويشكل «إكسبو» منارة ترسم ملامح عالم جديد لما بعد «كوفيد 19»، وسوف يساهم الحدث، في ظل اتساع قاعدة المشاركين الدوليين وتنوع القطاعات والمجالات التي يركزون عليها، في استشراف مستقبل كافة القطاعات الحيوية بما يواكب المستجدات الراهنة ويساعد على وضع خارطة طريق لمواجهة أية أزمات قد يشهدها العالم مستقبلاً من خلال إلهام حلول جديدة ومشوّقة لتحديات العالم الأكثر إلحاحاً.
وينطلق الحدث من قناعة راسخة بأن الإنسانية بحاجة إلى العمل المشترك، لتذكّر ما يوحدّنا وللاحتفاء بروحنا الإنسانية واستقاء الإلهام من أبرز نماذج العمل المشترك والإبداع والتعاون من جميع أنحاء العالم، وسيتم الترحيب بعالم أكثر مرونة وتضامناً خلال العام المقبل بعد تجاوز الجميع هذه الأوقات الصعبة.
ويؤكد شعار «إكسبو» وهو: «تواصل العقول وصنع المستقبل» أن التقدم والابتكار لا يمكن تحقيقهما إلا بالاستثمار في قدرات الإنسان والأفكار الإبداعية بطرق جديدة وفريدة، لذا سيكون الحدث تجربة فريدة لا تنسى واحتفالاً لمدة ستة أشهر بالروح الإنسانية التي ستُلهِم الجميع للتعاون من أجل بناء غد مشرق، وسيشكل فرصة لإنشاء الروابط وتجديدها وبحث الأفكار ووضع الحلول، وللاستمتاع بروعة برنامج الفعاليات المميز، ولممارسة الأعمال أيضاً.
ويتزامن «إكسبو» مع الذكرى الخمسين لتأسيس الإمارات ويسلط الضوء على دور الدولة بصفتها مركزاً عالمياً للربط بين الناس والأفكار والابتكارات.
كفاءة عالية
وبفضل الكفاءة العالية التي تعاملت بها دبي والإمارات مع تداعيات الجائحة، تواصل العمل على مختلف المحاور المرتبطة بالحدث بالتزامن مع الالتزام التام الذي أبداه المشاركون الدوليين لإنجاح إكسبو دبي العام المقبل، إذ تم إنجاز أكثر من 210 ملايين ساعة عمل حتى الآن، وفي ظل انتهاء كافة الأعمال الإنشائية الدائمة التابعة للحدث بما يشمل مناطق الموضوعات الثلاثة في 2019، انصب تركيز العمل خلال العام الجاري على تنسيق المناظر الطبيعية في الموقع وتجهيز المباني المملوكة لإكسبو دبي بينما يعمل المشاركون الدوليون على بناء واستكمال أجنحتهم.
وبحلول نهاية يوليو 2020، بلغ حجم العقود التي منحها الحدث للشركات الصغيرة والمتوسطة ما تقرب قيمته من 5 مليارات درهم، فيما تجاوز عدد المؤسسات المسجّلة للعمل مع إكسبو 45 ألف مؤسسة من أكثر من 180 بلداً. وتمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 54% من مجموع الشركات المسجّلة لدى إكسبو، وقد نالت 56% من عقود إكسبو دبي.
مستجدات الأعمال
وخلال النسخة والتي تم فيها اجتماع المشاركين الدوليين في إكسبو دبي والتي عقدت عن بعد في أغسطس الماضي، تمت مناقشة أحدث مستجدات عمليات الموقع وإدارة المرافق وفعاليات الحدث وبرامجه، إلى جانب المحتوى المتعلق بخدمات التسويق والاتصال والإعلام، وتم خلال فعاليات الاجتماع تأكيد أن خطة العمل تستهدف إنجاز جميع الأعمال في الموقع بشكل كامل بنهاية العام الجاري، وتم الإعلان في الاجتماع عن إنجاز إنشاءات لمركز دبي للمعارض، فيما يجري حالياً وضع اللمسات النهائية لمرافق المركز والذي يمتد على مساحة 45 ألف متر مربع، مقسمة على منطقتين، ويضم مسرحين ومدرجاً وعدداً من القاعات متعددة الأغراض وأربعة أجنحة و24 قاعة اجتماعات، وهي قابلة للتعديل.
كما تم الانتهاء من إنشاءات قرية إكسبو التي تضم 2273 شقة موزعة على 4 مجمعات، ويجري تجهيز الشقق بالمفروشات والتجهيزات. وتخصص القرية لإقامة الوفود المشاركة والموظفين العاملين بموقع الحدث.
وبلغت نسبة إنجاز المساحات العامة كما في أغسطس الماضي 95%، بما فيها بوابات دخول إكسبو، المصنوعة من الألياف الكربونية لتشكل هياكل متشابكة مستوحاة من المشربية يبلغ ارتفاع الواحدة منها 21 متراً، إضافة إلى مناطق الخدمات اللوجستية ونقل البضائع ومواقف السيارات والحدائق وغيرها. وشهد الموقع زراعة أكثر من 440 شجرة غاف و1180 شجرة نخيل إضافة إلى 200 ألف نبتة وشجيرة.
كما تم الانتهاء من تركيب الهياكل والأسقف المظللة للممرات العامة في الموقع والحدائق، وتضم أسقفاً ذات مظلات متحركة يمكن فتحها ليلاً لإتاحة رؤية كاملة للسماء على أن يتم إغلاقها في ساعات النهار لتوفير الظل للزوار، إضافة إلى هياكل أخرى مزينة من الأعلى بالنباتات والزهور، إلى جانب هياكل مزينة بأشكال للطيور.
حديقتان
واكتملت إنجازات حديقتي الفرسان واليوبيل بكل مرافقهما وخدماتهما. وقد سُميت حديقة اليوبيل، احتفاء بالعيد الخمسين لاتحاد دولة الإمارات الذي يحل عام 2021.
واستُلهمت الحديقة في تصميمها الأنهار الموسمية في الصحراء التي تتشكل عقب العواصف القوية، حيث تضم الحديقة وادياً، يبدو كطبقة رقيقة من المياه يسهل على الزائرين عبورها من أيّ نقطة في الحديقة تؤدي إلى الساحة الكبيرة للعروض والفعاليات التي تتضمن برج المراقبة (سيتاح للصحفيين دخوله عبر نظام الحجز الإعلامي) ونوافير المياه، وملعب الأطفال، والسوق الشعبية، والمطاعم، ومنافذ بيع الأطعمة والمشروبات.
وستشهد منصة الاحتفالات في حديقة اليوبيل عروضاً حية يومية. يبلغ ارتفاع برج المراقبة 55 متراً تقريباً، وسيشكل معلماً بارزاً ونقطة جذب للزوار، حيث يمكن مشاهدة موقع إكسبو بالكامل من أعلاه (بزاوية رؤية 360 درجة).
أما حديقة الفرسان، فقد استُلهم اسمها من التراث الغني الحافل بقصص الفروسية في دولة الإمارات، وموضوعها هو الثقافة الإماراتية والرغبة في الارتباط بتاريخ البلاد وفنونها، وقد ظهر ذلك في الممرات وتنسيق الحديقة.
وتضم الحديقة مسرحاً مُدرجاً، ومنطقة ألعاب للأطفال ومنافذ لبيع الأطعمة والمشروبات، ومتاجر صغيرة. وعلى غرار حديقة اليوبيل، تضم هذه الحديقة أيضاً مسرح دبي ميلينيوم الذي سيشهد احتفالات وعروضاً حية يومياً.
أيقونات بارزة
ويمتد موقع الحدث الدولي على مساحة إجمالية قدرها 4.38 كيلومترات مربعة، فيما تشغل المنطقة المسوّرة في المعرض حوالي 2 كيلومتر مربع من موقعه، وتزخر أرض إكسبو بأيقونات وصروح معمارية فريدة يأتي في مقدمتها جناح الإمارات الذي يمتد على مساحة طابقية تصل إلى 1500 متر مربع، ويشكل أحد المعالم البارزة في الموقع والجناح الأكبر فيه، ومن المتوقع أن يجذب أعداداً كبيرة من الزوار.
والجناح مُصمم على شكل صقر في وضع الطيران يتحرك جناحاه هيدروليكياً.
وسيستعرض الجناح القصة الرائعة لدولة الإمارات منذ أن كانت ملتقى الطرق قديماً بين الشرق والغرب، إلى أن أصبحت مركزاً عالمياً نشطاً اليوم من خلال التعاون وتبادل المعرفة. ويحكي الجناح قصة الدولة كمركز تواصل عالمي، مؤكداً على رؤية قادة الدولة لإقامة مجتمع متقدم ومسالم بخطط طموحة للمستقبل.
وستحتفي الفعاليات الضخمة في الجناح بالثقافة الإماراتية وإنجازاتها. ويبلغ ارتفاع الجناح 4 طوابق وتبلغ مساحته الإجمالية 1500 متر مربع. وسيضم مساحة مخصصة للضيافة في الطابق العلوي ومعارض تعرض الثقافة الإماراتية والإنجازات.
ساحة الوصل
تتربع ساحة الوصل في موقع استراتيجي في منتصف الموقع بوصفها صرحاً هندسياً لافتاً، و«الوصل» هو الاسم القديم لمدينة دبي، الذي يعبّر عن الأهمية الدائمة للمدينة بصفتها بوابة للوصل بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى الشراكة التي شكلت روح المدينة.
وستكون ساحة الوصل تجسيداً حقيقياً للتواصل، حيث ستمثل نقطة التقاء لملايين الزوار من جميع أنحاء العالم، وتجسد شعاره الرئيسي «تَواصُل العقول وصُنع المستقبل».
وتشكل الساحة المركز الرئيسي للحدث ونقطة للتلاقي والتواصل والاحتفالات الرئيسية. وتغطي الساحة التي يبلغ قطرها 130 متراً قبة فولاذية يصل حجمها إلى 724 ألف متر مكعب وارتفاعها إلى 67.5 متراً، متجاوزاً طول برج بيزا المائل في إيطاليا.
وتشكل قبة الوصل، التي تم إنجازها وتركيبها في عملية هندسية معقدة، شاشة عرض مبتكرة بنطاق 360 درجة، وستوفر تجربة غامرة لملايين الزوار خلال إكسبو. ويصل وزن المُكوّن الفولاذي في تاج قبة ساحة الوصل إلى 550 طناً، وبطول 22.5 متراً.
وستستضيف ساحة الوصل فعاليات بارزة وعروضاً ضخمة ومهرجانات كبيرة، كاحتفال رأس السنة الميلادية، وحفلي الافتتاح والختام، وفعاليات اليوم الوطني الإماراتي. وستشكل المُنطلق الرئيسي لكل احتفالات الأيام الخاصة لأيّ من الدول الـ192، لتدمج أجنحة الدول بتاريخها. وسيوفّر المكان الملهم والمبدع هذا تجارب لن ينساها الزوار.
وتتفرع من ساحة الوصل 3 مناطق بتصميم يحاكي بتلات الزهرة وتتخصص كل منها في موضوع من الموضوعات الثلاثة الرئيسية للحدث وهي الفرص والتنقل والاستدامة.
جناح التنقل
يوفر جناح التنقل فرصة مثيرة ومُحفزة للفكر، وسيعرض كافة أشكال التنقل وأنواعه عبر العصور، وكيف أثر تطور التنقل في التقدم البشري وصولاً إلى العالم الرقمي المترابط في عصرنا الحالي.
ويسلط الجناح الضوء على ابتكارات الإنسان ودوافعه لتحسين الحياة التي مكنته من أن يصل إلى ما وصلنا إليه، وسنستمر في ذلك بتطبيق علوم الرياضيات والفلك في الاستكشاف؛ فهناك عقول عظيمة تمكنت في الماضي من تطبيق تلك العلوم لرسم خرائط كوكب الأرض والمعالم الجغرافية.