حظيت شجرة الغاف باهتمام المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. فلشجرة الغاف قدرة عجيبة على التأقلم المثالي مع البيئة الصحراوية، وللحفاظ على توازن البيئة.
وفي هذا الإطار، أكد نخبة من الخبراء والأكاديميين على أن لشجرة الغاف فوائد بيئية متعددة، تتمثل في قدرتها على تحسين جودة الهواء، والتخفيف من آثار تغير المناخ، وإسهامها في مكافحة التصحر، كما تعمل هذه الأشجار كمصدر طبيعي للرياح الشديدة.
ومن جانب آخر، تبذل الإمارات جهوداً كبيرة للحفاظ على الغاف، من خلال تطوير برامج متخصصة لزراعتها ورعايتها في بيئاتها الطبيعية، وإطلاق مبادرات توعوية واسعة لتعزيز الوعي العام بأهميتها البيئية والثقافية، وتنظيم أنشطة تعليمية وبحثية، تهدف إلى إبراز دور الغاف في دعم التوازن البيئي.
رسالة
وقال الأستاذ الدكتور أحمد مراد النائب المشارك للبحث العلمي في جامعة الإمارات: اهتمّ الوالد المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بزراعة الأشجار عموماً، والغاف خصوصاً، وأصدر توجيهاته بمنع قطعها في جميع إمارات الدولة، كما أمر باستزراع غابات جديدة منها.
واليوم تأخذ الكثير من الجهات المعنية على عاتقها، وبتوجيهات من القيادة الرشيدة، الاستمرار على نهج المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في ضرورة أن نعطي للبيئة على قدر ما نأخذ منها. مؤكداً على أهمية التوسع في زراعة الأشجار التي تسهم في خفض معدلات الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وتغير المناخ بشكل عام.
وأضاف: الجهات المعنية في الدولة، وبدعم من القيادة الرشيدة، تجتهد على إطلاق المبادرات الرائدة التي تسهم في الحد من التغير المناخي، والتكيف مع تداعياته، وبيان مدى أهمية زراعة الأشجار في تعزيز هذه الجهود، والتأكيد على القيمة التي تمثلها الأشجار المحلية، لا سيما «الغاف»، لدولة الإمارات، وإيصال رسالة للمجتمع المحلي بكافة فئاته، على ضرورة المشاركة في جهود تحقيق الاستدامة.
وأكد الدكتور أحمد مراد على أن لأشجار الغاف العديد من الفوائد البيئية، التي تتمثل في أنها تعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية، من خلال امتصاصها، وبذلك تساعد على تقليل آثار التغير المناخي، كما تسهم في تحسين جودة الهواء، حيث يمكن لشجرة الغاف، التي يصل عمرها إلى 10 سنوات، أن تحتجز نحو 34.65 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
اهتمام
وقال الدكتور إبراهيم علي محمد رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة الإماراتية: أولت الإمارات اهتماماً كبيراً بالغاف، وأطلقت العديد من المبادرات التي أسهمت في الحفاظ عليها وزيادة أعدادها، وهي ملائمة للزراعة في التربة الرملية،.
كما تستخدم لتشجير الشوارع والطرق والمتنزهات العامة التي تزيّنها، وتضفي عليها سمة جمالية، ولها دورها الفاعل في تقليل الانبعاثات الكربونية، من خلال امتصاصها، وبالتالي، تساعد على تقليل آثار التغير المناخي.
وأضاف: أطلقنا سابقاً، بالتعاون مع الجهات المعنية في الدولة، مبادرة وطنية لزراعة وحماية أشجار الغاف، للحفاظ على التنوع البيولوجي المحلي، وزيادة الرقعة الخضراء في الدولة، وللمساهمة الفعلية في الحفاظ على الغاف، وزيادة أعدادها.
وأكد أن للجمعية دوراً رائداً في توعية الجمهور بأهمية الغاف ضمن وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
الحد من التلوث
ولفتت الدكتورة رهف عجاج أستاذ مساعد في الصحة البيئية والسلامة، كلية العلوم الصحية بجامعة أبوظبي، إلى أن الدراسات البحثية أظهرت أن الأشجار مثل الغاف، تسهم بشكل ملحوظ في الحد من التلوث، كما أن البيئة الميكروبية لمنطقة الجذور في أشجار الغاف، تتأثر بعوامل بيئة التربة، ما يعطي الكائنات الحية الدقيقة في هذه المنطقة خصائص متميزة، مقارنة بعينات التربة الأخرى، ما يدل على تأثير الشجرة الإيجابي في صحة التربة، كما يُعتبر استهلاك شجرة الغاف للماء مثالياً للمناطق الجافة، ما يسلط الضوء على دورها الفعال في إدارة الموارد المائية.
وأضافت: تم استخدام شجرة الغاف في مشاريع تهدف إلى تحسين الظروف المناخية المحلية، ما يدل على قدرتها على المساهمة في تنظيم المناخ المحلي. وتم التأكيد على دورها في الحد من جريان مياه الأمطار، وتحسين جودة الهواء والماء، وتخزين وعزل الكربون الجوي، وتقليل استهلاك الطاقة عن طريق تظليل المباني السكنية، ما يبرز فوائدها البيئية المتنوعة.
توعية
وأوضحت الدكتورة طريفة الزعابي مدير عام مركز الدولي للزراعة الملحية، أنه منذ عام 2019، يقدم «إكبا» مجموعة واسعة من البرامج والأنشطة التعليمية والتوعوية في متحف الإمارات للتربة، مع التركيز على الاستدامة البيئية، والحفاظ على التربة، والزراعة المستدامة، وكجزء من هذه البرامج والأنشطة، تعرف المشاركون إلى دور التربة في البيئة والزراعة، وأنواع التربة الموجودة في الإمارات، وأهمية الأشجار مثل الغاف لاحتواء التصحر، وتحسين خصوبة التربة، إضافة إلى زراعة أشجار الغاف.
وأشارت الزعابي إلى أنه خلال هذه الفترة، نظم متحف الإمارات للتربة 51 جلسة توعية حول الغاف، بما في ذلك الزراعة وإعادة التسمير، شارك فيها أكثر من 1400 مشارك، بما في ذلك المهنيون والطلاب. وأفادت بأن «إكبا»، بالتعاون مع هيئة البيئة في أبوظبي، جمع أكثر من 200 عينة من أشجار الغاف الطبيعية النمو في الدولة، ويقوم المركز حالياً بإعادة تسلسل هذه العينات، لفهم التنوع الجيني الموجود في الأصول الوراثية الموجودة في الغاف في جميع أنحاء الدولة، للمساعدة في فهم كيفية تأثر التنوع الجيني في الغاف بسبب التحضر.
تأقلم
وقالت الدكتورة منار بني مفرج أستاذ مساعد في علوم البيئة بكلية العلوم الطبيعية والصحية في جامعة زايد: إن أشجار الغاف تتميز بقدرتها على التأقلم مع التحديات البيئية الشديدة، مثل الظروف القاحلة، ومن الناحية العلمية، فإن شجرة الغاف تلعب دوراً مهماً في مواجهة التصحر، بفضل جذورها العميقة والممتدة، التي تثبت التربة، وتقلل الانجراف الأرضي، وتسهم الجذور في الوصول إلى مستويات المياه الجوفية الأعمق، ما يعزز من قدرة الشجرة على تحمل الجفاف.
وأضافت: إن أشجار الغاف تمثل عاملاً فعالاً في تحسين جودة الهواء، ومكافحة التغير المناخي، بفضل قدرتها المتميزة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وإطلاق الأكسجين، وهذه القدرة تعمل على خفض تركيزات ثاني أكسيد الكربون، وهو من الغازات الدفيئة الرئيسة، التي تسهم في الاحتباس الحراري، الأمر الذي يسهم بدوره في التخفيف من الحد من التغير المناخي».
وأشارت إلى أن الدور البيئي لأشجار الغاف، يعزى إلى كفاءتها في تحويل غازات الدفيئة إلى عناصر تدعم الحياة النباتية، وتحافظ على جودة الهواء، ما يجعلها مكوناً أساسياً في النظم البيئية الصحراوية، واستراتيجيات مواجهة التحديات البيئية المعاصرة، ودورها في امتصاص الكربون، حيث يتم تخزين جزء كبير منه في الكتلة الحيوية للشجرة نفسها، ما يسهم في تقليل كمية الكربون.