ارتفعت سوق الألعاب الإلكترونية بصورة كبيرة في الفترة الماضية نظراً لانضمام قاعدة واسعة ومتنوعة جداً من المستهلكين إليها، وبلغت نسبة الارتفاع 37% في الولايات المتحدة وحدها إذ تصل قيمة السوق هناك إلى 3.3 مليارات دولار، وذلك نتيجة إجراءات الإغلاق وبقاء الكثير من الناس داخل منازلهم، وذلك وفقاً لبيانات من مؤسسة الأبحاث السوقية «إن بي دي جروب».
وحفز الإقبال الكبير عدداً كبيراً من المهاجمين على محاولة اقتناص بيانات الدفع الإلكتروني من اللاعبين عبر إطلاق هجمات لاختراق حساباتهم للألعاب الإلكترونية. ووقفت شركة «أتلاس في بي إن» Atlas VPN في تحليل لها على معطيات مقلقة حيال دوافع تلك الهجمات. ففي سعيهم إلى الاستيلاء على الأموال، عمد المهاجمون إلى شن 9.83 مليارات هجمة ضد مستخدمي الألعاب الإلكترونية في الفترة من يوليو 2018 إلى يونيو 2020. وبعبارة أخرى، تم شن 14 مليون هجمة إلكترونية في اليوم الواحد، أو ما يعادل 584 ألف هجمة في الساعة.
ويؤدي الإقبال المتزايد إلى تغذية نموذج أعمال رائج ومربح في صناعة الألعاب الإلكترونية يدعى نموذج «اللعب مجاناً»، إذ تكون فيه الألعاب الإلكترونية متاحة للمستخدمين بالمجان مع توفير خيارات لشراء مقتنيات رقمية في اللعبة عبر إجراء تعاملات شراء صغيرة. وكانت لعبة «كاندي كراش» Candy Crush من أوائل الألعاب الإلكترونية التي أحضرت هذا النموذج إلى الواقع. إذ حققت سلسلة ألعاب «كاندي كراش» للأجهزة المحمولة أكثر من 1.5 مليار دولار من العوائد في 2018 عبر التعاملات الصغيرة في أجهزة آبل وأندرويد، أي بمعدل 4.2 ملايين دولار يومياً.
ولاحظت شركة إف 5 في بعض الأحيان مشاركة عائلات بأكملها في الألعاب الإلكترونية، إذ تنفق بعض الأسر كامل ميزانياتها الترفيهية هذه الأيام على شراء إكسسوارات رقمية للألعاب. ولا يُجرى الإنفاق بالضرورة على شراء اللعبة الإلكترونية ذاتها بل على المقتنيات الرقمية فيها. إذ أصبح أكثر اللاعبين يمتلكون عشرات أو مئات من الأزياء وأدوات التجميل الرقمية للشخصيات في الألعاب.
ويواصل نموذج العمل هذا جني الأرباح بقوة. إذ حققت شركة «إيبك جيمز» من لعبتها القتالية الشهيرة «فورت نايت» Fortnite عوائد بلغت 1.8 مليار دولار وفقاً لبيانات شركة سوبر داتا للأبحاث. ويقوم نموذج أعمال تلك الشركة بالكامل على تعاملات الشراء الصغيرة.
وكشفت دراسة استقصائية أخرى أجرتها شركة أتلاس في صيف 2020 حول المخاوف التي تساور مستخدمي الألعاب أن قلقهم في المقام الأول يكون على بيانات بطاقاتهم الائتمانية (49.1 %) حال تم اختراق حساباتهم، وتلا ذلك قلق كبير على سلامة حساباتهم ومقتنياتهم الرقمية ضمن الألعاب الإلكترونية. وفي ضوء صعود الألعاب التنافسية وخدمات بث مجريات الألعاب الإلكترونية كمصادر جديدة للدخل، لم تعد تلك المخاوف سطحية كما قد يظن البعض.
ووفقاً لشركة إف 5، تشكل هجمات إقحام بيانات الدخول تهديداً فعلياً لكل قطاع أعمال له حضور رقمي، حتى قطاع الألعاب الإلكترونية. إذ يقوم المجرمون الإلكترونيون في هذه الهجمات بإعادة استغلال عدد كبير من بيانات الدخول المسروقة (أي أسماء المستخدمين وكلمات المرور المخترقة) وتجريبها في محاولة الدخول في أنظمة أخرى. وفي ضوء ازدياد التحول ليس إلى الاقتصاد الرقمي وحسب بل نحو الاقتصاد الرقمي أولاً، فإنه يجب التعامل مع هذا النوع من التهديدات.