لا يأتي العلم والتطور إلا بالتجربة، وهذه المقولة تؤمن بها شركات التكنولوجيا بشكل كبير، ولكن العديد من شركات التكنولوجيا، أنفقت مليارات من الدولارات على تجارب فاشلة، والأمر لم يكن مجرد تجارب ولكن البعض منها نزل إلى الأسواق وسط توقعات تجارية وطموحات عالية، اصطدمت بأرض الواقع لتذهب المليارات المنفقة هباءً.. ومن هذه الشركات غوغل ومايكروسوفت، وحتى سوني وسامسونج وأبل كان لهم باعاً مع المشروعات الفاشلة.
ونبدأ بغوغل التي تعد أبرز الشركات عالمياً في مجال التكنولوجيا.. والمشروعات التكنولوجية الفاشلة، لنعرض أبرز 7 مشروعات أنفقت عليهم غوغل الملايين وانتهى بهم الأمر للوضع في الأدراج.
1- ARA
قبل الإكثار من الحديث عن الاستدامة، ومسألة استمرارية الهواتف وقابلية إصلاحها حفاظاً على البيئة، فكرت غوغل في 2014 بفكرة مشروع «آرا» وهو مشروع بنيت فكرته على قابلية الهواتف للإصلاح والتطوير، وبناء الهواتف الذكية على شكل قطع يتم تركيبها مثل الـ«ليغو»، ويمكن تحديثها وتطويرها باستمرار بشراء قطع جديدة يتم تركيبها محل القديمة.
كانت فكرة طموحة، ولكن تعارض الأمر مع أكثر من محظور، أولها أن غوغل ليست المالكة للشركات المصنعة للأجزاء الداخلية للهاتف، وبالتالي فمن الصعب التحكم في حجم القطع المصنعة ومدى تناسبها مع جسم الجهاز الأصلي، وأيضاً أعاق المشروع تعارضه مع الفكر التجاري للشركات، والذي يخدم الشركات المصنعة للأجزاء، ولكنه يضر بتجارة المصنعين للهواتف الذكية، وفكرة التحديث السنوي التي تدر أرباحا هائلة على الشركات.
وأيضاً من العوائق التي واجهت المشروع الذي استمر التطوير فيه لعامين من 2014 إلى 2016، كان قابلية القطع الصغيرة للضرر والكسر، وأبرزها الشاشات، الأمر الذي يجعل بيعها بشكل منفصل بكميات أمراً صعباً ومكلفاً في الإجمالي، لأن تكلفة شحن القطع بشكل منفصل عالمياً، وإضافة هامش ربح على كل منها غير تكلفة شحن جهاز كامل وتكلفة ربح واحدة، الأمر الذي يضاعف سعر الأجهزة بشكل كبير، مما يجعل تسويقه أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً.
2 – غوغل بلس
التنافس بين الشركات في عملية التواصل الاجتماعي كانت على أشدها في العقد الأول من القرن الحالي، وبعد إصدار مارك زكربيرغ لفيسبوك، وبعده خروج تويتر للنور وبدء انتشاره، أرادت جوجل أن يكون لها مساحة من سوق التواصل الاجتماعي، فطرحت خدمة جوجل بلس في 2011، وهي الخدمة التي ظلت كمشروع تحت التطوير لأكثر من 3 سنوات قبل إطلاقه، ولكن تصميم الموقع والفئات المستهدفة لم يكن مدروساً بدقة، حيث قوبل عند طرحه بفتور كبير بسبب الكثير من التعقيدات ومشاكل الأمان والخصوصية.
أيضا كان نظام الدوائر المعقد سبباً في تقليل التواصل بين الناس، بدلاً من أن يكون دافعا للتواصل، ولم يستطع بأي شكل من الأشكال جوجل بلس في منافسة فيسبوك، الذي ذاع صيته بشكل كبير في ذلك الوقت واستولى على النصيب الأكبر من السوق، ليتحول مشروع غوغل بلس إلى أحد أفشل مشاريع الشركة في تاريخها.
3 – غوغل ستيديا
سوق الألعاب الإلكترونية ازدهر بشكل كبير في السنوات الـ 20 الأخيرة، وأرادت غوغل أن يكون هناك بديلاً رخيصا للعب الألعاب الإلكترونية دون وجود عتاد مبالغ فيه أو أجهزة ألعاب مخصصة، وبالفعل أعلنت عن إطلاق المشروع العملاق للألعاب السحابية جوجل ستيديا، والذي كان بمثابة حلم للمهتمين، أن يلعب الجميع عن طريق الإنترنت دون احتياج لمعالجات رسومية فائقة الجودة أو معالجات خارقة للتعامل مع حجم بيانات الألعاب.
كانت فكرة عظيمة وعمل عليها المطورون بدأب، ولكن بشيء من التوحد الفكري، لأن الألعاب السحابية ستوفر بالفعل على المستخدمين الأجهزة الخارقة، ولكنها في الوقت نفسه تتطلب بنية تحتية للإنترنت غير متوفرة عند أغلب سكان العالم، الأمر الذي يجعل الأمر مستحيلاً على سكان الدول التي تعاني من بطئ الإنترنت لديها.
وحتى بالنسبة للدول المتمتعة ببنية تحتية عالية الجودة في الإنترنت، كان تحميل الألعاب بكم الداتا الصاعدة والهابطة أمراً مستحيلاً ويتسبب في اختناق في سرعة الإنترنت.
ولكن لم يكن ذلك السبب الوحيد في إغلاق المشروع الضخم بعد عامين فقط من إطلاقه، ولكن أيضاً عمالقة أجهزة الألعاب، وإنتاج عتاد الأجهزة، شعروا بالاستفزاز من الطريق الذي تسلكه غوغل، لأن مزيد من التطوير سيعني انتهاء تجارتهم بشكل أو بآخر، ورأت غوغل بعد عامين فقط من إطلاق المشروع أنها تعادي الشركات دون مقابل، فلا منها حققت الانتشار المطلوب بسبب عيوب في الخدمة وفي قدرة الإنترنت في أغلبية بقاع الأرض، ولا منها حصلت على التعاون الكامل من الشركات لتطوير الخدمة.. فكان القرار الأنسب هو إغلاق المشروع نهائيا في 2021.
4- غوغل باز
مثلما حاولت غوغل منافسة فيسبوك بإصدار غوغل بلس، حاولت أيضاً مجاراة تويتر «إكس حالياً»، وصناعة تطبيق يعادله وينافسه في أسواق التواصل الاجتماعي، وكان المنتج في 2010 «غوغل باز»، ولكن لم يكن فشل التطبيق بسبب تصميمه، وإنما بسبب قضايا رفعها المستخدمين على الشركة كلفتهم ما يزيد عن 8 ملايين دولار، بسبب انتهاك الشركة خصوصية المستخدمين واستخدام معلوماتهم وبياناتهم بشكل غير شرعي، الأمر الذي أدى بغوغل لمؤازرة السلام وغلق المشروع سريعا في ظرف عام واحد.
5- غوغل توك
تبدو غوغل ومشاريعها على غير وفاق مع التواصل الاجتماعي، فعلى الرغم من نجاح تطبيقها جوجل توك في البداية عام 2005، كأحد الأجيال الأولى من برامج التواصل الاجتماعي عن طريق المحادثات، والذي كان موصولا بإيميل الجي ميل، ما حقق له قاعدة بيانات عريضة ومستخدمين كثر، وتطور المشروع، إلا أن العديد من المشاكل التقنية واجهت التطبيق، ولم تستطع غوغل بأي شكل من الأشكال الاستمرار في دعم التطبيق تقنياً مع تحديثات البرامج سواء في الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر، ليبدأ البرنامج تدريجياً في السقوط، حتى أعلنت غوغل وفاته في 2017، واستبداله تماماً ببرنامج هانغ آوت، الذي بدوره ورث نفس المشاكل التقنية، فاختفى بدوره تماماً لينتهي مشروع غوغل مع التواصل المباشر في 2019.
6- نظارة الواقع المعزز
حتى الآن لم تستطع أي من الشركات المنتجة لنظارات الواقع المعزز تحقيق المرجو أو صناعة طفرة، اللهم الطفرات الإعلانية والدعائية التي حققتها مجموعة فيسبوك وتحويل اسمها إلى «ميتا»، وصناعة فقاعة حول «الميتافيرس»، وبالرغم من كون المشروع في حد ذاته له استخدامات وفوائد، سواء على المستوى العلمي أو الترفيهي، إلا أنه على أرض الواقع لم ينجح أحد بسبب عدم تطور التكنولوجيا بالشكل المطلوب لمجاراة الأهداف، ومشروع غوغل الذي لم يرى النور فعلياً.
بدأ مشروع غوغل تحت اسم «مشروع آيريس»، وخرجت العديد من التسريبات حول المشروع وقدراته، والتطورات حوله وفيه، وكان مبشراً، بسبب امتلاكه شريحة ذكية من غوغل إضافة لحساسات وكاميرات، ولكن المشروع «آيريس» لم يرى النور، وفجأة أعلنت غوغل مطلع العام الحالي إلغاء المشروع وتوقف التطوير فيه، دون إبداء أسباب، إلا أن التسريبات أكدت إلغاء المشروع بسبب المخاوف الأمنية والسيبرانية، لكون نظارة غوغل للواقع المعزز هي مجرد نظارة عادية تبدو كنظارات النظر، مما قد يتسبب في مشاكل أمنية في العديد من الدول.
7- المشروع سولي
ظلت غوغل تحاول في المشروع سولي لسنوات منذ 2015، وكان عبارة عن حساسات في الهواتف المتحركة وفي الأجهزة المنزلية للتحكم عن بعد باستخدام الإيماءات، وظل التطوير لسنوات في المشروع، وأنفقت عليه غوغل الملايين، لينتهي به المطاف في أجهزة غوغل بيكسل 4، لاستخدامه في تعلية وخفض الصوت وبعض الأمور التافهة، التي اعتبرها الوسط التكنولوجي لعبة تافهة لم ترقى لتكون مشروع تكنولوجي، الأمر الذي أدى بغوغل للتخلي عن المشروع تماماً، وإغلاق صفحته، ليصطف إلى جوار مشاريع غوغل العديدة الفاشلة!