شهدت خوذة «فيجن برو» من «أبل» انتشاراً واسع النطاق، خلال ساعات فقط من طرحها، ليتم تداول فيديوهات وصور لأشخاص يستخدمونها في الشوارع وأثناء عبور الطريق وداخل محطات ومركبات المترو.

والبداية عندما اصطف محبو التكنولوجيا والمولعون بمنتجات «أبل»، الجمعة في طوابير أمام متاجر العلامة التجارية العملاقة في الولايات المتحدة لاختبار «فيجن برو»، وهي خوذة تمزج بين الواقعين المعزز والافتراضي وتباع بسعر يبدأ بـ3499 دولاراً.

ويعد هذا أول منتج رئيسي جديد تطرحه «أبل» منذ ساعة «أبل ووتش» الذكية قبل 9 سنوات.

وأضاءت «أبل» واجهة متجرها بإطار ضوئي يشبه تصميم نظارة «فيجن برو».

ومن المتوقع طرح الجهاز الجديد خارج الولايات المتحدة، لكن أبل لم تحدد موعدا لهذه الخطوة أثناء إعلانها في معرض لاس فيجاس الدولي للإلكترونيات (سي.إي.إس) الذي اختتم أعماله مؤخرا.

ويقول خوسيه كارلوس لوكالة فرانس برس بابتسامة عريضة «أتشوق لتجربة» الخوذة، و«سأستخدمها في العمل وأيضاً عند السفر». ويضيف هذا المهندس الشاب في منصة أوبر «السعر باهظ، لكنني على استعداد لدفع الثمن لأكون من بين الأوائل ولاختبر أفكار التطبيقات التي تراودني».

وأكد رئيس شركة «أبل» تيم كوك أن «فيجن برو جهاز ثوري متقدم بسنوات» على منافسيه.

ومع ذلك، فإن نظارات الواقع المعزز وخوذ الواقع الافتراضي أو المختلط ليست جديدة.

وقد ساهمت مجموعة «ميتا» (المالكة خصوصاً لفيسبوك وانستغرام)، المنافسة لشركة أبل في سيليكون فالي، بشكل كبير في ظهور هذه السوق من خلال خوذ «كويست» ونظارات «راي بان» الذكية المتصلة بالإنترنت.

ويرى رئيس «ميتا» مارك زاكربرغ أن الميتافيرس، وهو عالم تمتزج فيه البيئتان المادية والرقمية، سيكون مستقبل الإنترنت.

لكن الكثير من الشركات والخبراء والأفراد كانوا ينتظرون بفارغ الصبر جهاز «أبل» الأول في هذا العالم. وتتمتع الشركة بسمعة طيبة في إطلاق منتجات متطورة للغاية تشكل مثالاً يحتذى به لسائر الشركات في القطاع.

تصفيق حار وقد جاء تيم كوك إلى متجر «أبل» في الجادة الخامسة في نيويورك الجمعة لتحية طلائع الزبائن، وسط تصفيق الموظفين.

وقال لشبكة «ايه بي سي نيوز» الإخبارية «هذه هي تكنولوجيا الغد، اليوم»، مضيفاً «نعتقد أننا وضعنا السعر العادل (للخوذة) في الوقت الحالي». وقد أتت التعليقات الأولى متضاربة.

وجاء في مقال عبر صحيفة نيويورك تايمز «إنه منتج مثير للإعجاب، واستغرق سنوات عدة من العمل واستثمارات بمليارات الدولارات»، ولكن «حتى بعد تجربته، ما زلت لا أملك أي فكرة عمن سيستخدمه ولأي غرض».

ويقول من اختبر المنتج الجديد إنهم مفتونون بجودة الصورة وسهولة الاستخدام، إذ يكفي التحديق في أحد التطبيقات والقيام بحركة بسيطة في الأصابع لفتحه أو إغلاقه.

لكنهم منزعجون من ضخامة حجم البطارية ويسخرون من طريقة التجسيد المعروفة بـ«الشخصيات»، وهي صور رمزية غريبة يتم تقديمها بشكل واقعي وتمثل المستخدمين أثناء مؤتمرات الفيديو.

وكتبت الصحافية في «وول ستريت جورنال» جوانا ستيرن «تتميز خوذة الرأس بالخصائص النموذجية لمنتج الجيل الأول: فهي ثقيلة، والبطارية تنفد بسرعة وتعتمد طريقة تجسيد الشخصيات».

وأضافت «لكن من دون هذه العيوب، يمكننا أن نتخيل أنه سيكون من الممتع وضع هذه الخوذة أكثر من حمل الهاتف»، «وبالنسبة للعمل ومشاهدة الأفلام، فإنها ليست سيئة حقاً».

تقدم الشركة المصنعة لهواتف «آي فون» هذه الخوذة كأول توغل لها في مجال «الحوسبة المكانية».

ويتيح ذلك للمستخدمين الاستعانة بشاشات افتراضية بأحجام مختلفة من حولهم للعمل أو الدردشة مع الأصدقاء أو مشاهدة مقاطع الفيديو.

«مجرد البداية»

بعدما تعرضت «أبل» لانتقادات بسبب قلة التطبيقات المتاحة على «فيجن برو»، إذ جرى تقدير عددها أخيراً بـ 150 تطبيقاً، ومع ذلك قالت أبل إن هناك أكثر من 600 تطبيق ولعبة جديدة جاهزة للعمل مع فيجن برو قبل طرحها للمستخدمين.

في الوقت نفسه هناك أكثر من مليون تطبيق متوافق مع نظامي التشغيل آي.أو.إس وآيباد أو.إس تستطيع العمل مع النظارة الجديدة، بحسب أبل.

ووعدت نائبة رئيس شركة أبل للعلاقات مع المطورين في العالم سوزان بريسكوت «ستغير هذه التطبيقات المذهلة الطريقة التي نستمتع بها بالترفيه والموسيقى والألعاب».

واختارت منصات مشهورة جداً، مثل نتفليكس أو يوتيوب، عدم تصميم تطبيقات مخصصة لـ«فيجن برو» في الوقت الحالي، على عكس ديزني، التي توفر 150 فيلماً بالأبعاد الثلاثية منذ الإطلاق.

يمكن اختبار «فيجن برو» عن طريق تحديد موعد في متاجر «أبل» في الولايات المتحدة، لمساعدة المستهلكين على التعرف على المنتج الجديد.

خطوة مهمة

من المتوقع أن تحقق شركة «أبل» مبيعات قوية لنظارتها الذكية «فيجن برو»، حيث تستهدف بيع ما يتراوح بين 400 ألف إلى مليون وحدة خلال العام الجاري. تعتبر هذه النظارة خطوة مهمة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء وتعزز مكانة أبل كشركة رائدة في هذا المجال.

ويتوقع المحللون في «ويدبوش سيكيوريتيز» أن تبيع شركة أبل حوالي 600 ألف وحدة من هذا المنتج هذا العام.

وقال دان آيفز، أحد الخبراء في شركة الأبحاث هذه إنها مجرد البداية بالنسبة لـ«فيجن برو».

وتوقع أن يكون «الإصدار التالي من فيجن برو أقل تكلفة بكثير، بسعر يقرب من 2000 دولار»، مضيفاً «نعتقد أيضاً أن النماذج المستقبلية ستشبه النظارات الشمسية وستوفر نطاقاً أوسع بكثير من الوظائف للمستخدمين».

منافسة

ورغم ذلك وصفت الشركات المنافسة مثل سبوتيفاي وإيبيك جيمز ومايكروسوفت خطة أبل بأنها «مهزلة مليئة بالرسوم غير المرغوبة» و«خطوة في الاتجاه الخطأ». وبسبب هذا الرأي تزايدت المخاوف من تراجع اهتمام المطورين بتطوير تطبيقات خاصة لأحدث جهاز من أبل في ضوء قواعد قانون الأسواق الرقمية الأوروبي.

وتعتقد أبل أن النظارة الذكية فيجن برو ستستخدم في مجالات التعليم في مؤتمرات الفيديو وإنتاج الموسيقى بوحدات تحكم ثلاثية الأبعاد بالإضافة إلى بث المحتوى وممارسة الألعاب عبر الإنترنت.

العمل الحقيقي

يذكر أن أبل كشفت لأول مرة عن هذا الجهاز في يونيو الماضي، ويجمع بين المحتوى الرقمي ومكونات العمل الحقيقي المحيط بالمستخدم فيما يعرف بالواقع المعزز (أيه.آر) أو دمج الواقع في أول منتج رئيسي جديد تقدمه أبل منذ أكثر من 10 سنوات.

وبالإضافة إلى استخدامات الواقع المعزز، والتي تتمتع بإمكانات أكبر في أماكن العمل الرقمية الجديدة، يمكن أيضاً استخدام النظارة الجديدة لتغمرك تماماً في عالم رقمي، دون أن تظهر لك تفاصيل الغرفة من حولك. وربما تكون أشد الخواص غرابة في نظارة الواقع الافتراضي الجديدة هي وجود شاشة عرض خارجية تظهر عيون المستخدم للأشخاص المحيطين به.

وتقول أبل إنه تم تطوير هذه النظارة للاستخدام في العمل عن بُعد أو في المكاتب، حيث تتيح النظارة فيجن برو للمستخدم تشغيل تطبيقات مماثلة على أجهزة آي.أو.إس وماك أو.إس عبر منصة اسمها فيجن أو.إس. ولكي تعطي من يرتدي النظارة إحساساً بالعمق، حيث تخلق التطبيقات ظلالاً على الأشياء المحيطة به.