حددت إدارات مدرسية 10 آليات لضمان تقييم استيعاب الطلبة وتلقيهم تعليماً متوازناً في ظل تطبيق نموذج «التعلم عن بعد»، الذي بات جزءاً لا يتجزأ من مستقبل التعليم ويتمثل بمواصلة تقديم التعليم والدعم للطلاب وعائلاتهم، مع ظهور العديد من الحلول المبتكرة والمستدامة لتحسين جودة التعليم، والتركيز على عدة أساليب تربوية لتعليم الطلاب الاستراتيجيات المعرفية والمهارات التي ستمكنهم من أن يصبحوا مستقلين في تعليمهم وتطوير أنفسهم.
وأكدوا أهمية دور المعلم في تكييف المحتوى الدراسي مع اهتمامات الطلبة وتلبية حاجاتهم وفروقهم الفردية وتقديمه بطريقة محفزة تلائم ميولهم ورغباتهم، واستخدام أساليب تدريس ملائمة وتقييمات متنوعة ومباشرة في الحصص المباشرة وبعدها للتأكد من تفاعل الطلبة.
وتتمثل تلك الآليات بتوفير الدعم الكامل لضمان التواصل مع الطلاب من خلال أجهزتهم الإلكترونية وتوفير برامج «مكافآت وتحفيز»، وتزويد أولياء الأمور المعرفة والموارد الضرورية لدعم التعلم عن بعد، بالإضافة إلى متابعة الفروض الدراسية للطلبة عبر الإنترنت بعد الدروس (كما هي الحال في الفصول)، ممن يوفر لهم معلومات مفصلة حول العمل الذي حققه الطلاب والتحديات التي واجهوها، وقياس تفاعل الطلبة مع الحصة بشكل يومي من خلال معلم المادة، وفتح الكاميرا للتأكد من التفاعل بين المعلم والطالب.
كما تشمل الآليات تقليص الفجوة التعليمية من خلال استغلال التعلم عن بعد في فصل الصيف ضمن استراتيجية مركّزة تستهدف مساعدة الطلاب المتعثرين، بالإضافة إلى مواصلة المعلمين البحث عن فرص للتعاون مع زملائهم، وتعلّم المزيد حول كيفية تقديم تجارب تعليمية ممتعة واتباع توجّهات جديدة في التعليم من شأنها أن تثري الطريقة التي يستخدمون بها التكنولوجيا في دعم تعليم الطلاب أثناء وبعد هذه الجائحة، واعتماد أسلوب التعليم القائم على تلقي المعلومات بالشكل الذاتي الذي يعمل على تطوير مهارات الطلاب من خلال البحث على الإنترنت وتقييم المعلومات التي يحصلون عليها، ومناقشة الأفكار التي يتلقونها في فصولهم الدراسية عبر «زووم» أو «تيمز» سواء من خلال الدردشة أو على المستوى الشخصي، والتعاون لحل المشكلات، فضلاً عن إجراء الأبحاث وتحليل النتائج وتقديم المشاريع وتلقي الملاحظات أثناء مراجعة عملهم.
تشجيع ومكافآت
وقال أكرم طارق، مدير مدرسة جيمس فاوندرز المزهر، إن نجاح التعليم عن بعد مشروط بضمان تفاعل الطلاب في الدروس والارتقاء بالعملية التعليمية ولذا لا بد من أن تسعى المدارس إلى الابتعاد عن الروتين المعتاد، وتشجيع الطلاب على تشغيل كاميراتهم للحفاظ على روابط متينة مع مختلف الأطراف في المدرسة.
وأضاف: التشجيع والمكافآت جانبان مهمان كذلك، فالأطفال معزولون أمام شاشة الحاسوب ومن السهل أن يشعروا بالإهمال، ما يدفعنا إلى تحفيزهم من خلال المكافآت والتقدير كي نؤكد لهم أنهم ما زالوا جزءاً من مجتمع مدرستنا.
وأوضح أن المعلمين هم المعنيون بمهمة تقييم الطلاب في التعلم عن بعد، إذ يشاركون في آلية التخطيط وضمان التميز الذي يلبي حاجات الطلاب، كما نطلب من المعلمين أن يواصلوا دعم أداء الطلاب التعليمي ورصده من خلال تفاعلهم مع الدروس عدة مرات في اليوم، رغم وجودهم في أماكن مختلفة.
وقال طارق إن مدرسته تستخدم عدداً من التطبيقات والأدوات لضمان عملية التقويم التكويني للطلاب، كما تسعى إلى تطوير آليات التقييم بناءً على النتائج، مفيداً بأن التقويم التكويني يتضمن تقديم الآراء القابلة للتطبيق، كما يتم استخدامه لاحقاً لتعديل استراتيجيات التعليم والتعلم، وتعزيز تحقيق غايات المنهج الدراسي، كما نحاول دائماً أن نشرك طلابنا في هذه التقييمات، سعياً لضمان نشاطهم وتفاعلهم الدائمين مع العملية التعليمية.
تحدٍّ
وعدّ عبد الرزاق حاج مواس مساعد مدير مدرسة الاتحاد الخاصة فرع الممزر، أن جلوس الطلبة أمام الشاشات يؤثر سلباً في الدافعية والإقبال على التعلم في حال غياب العوامل اللازمة لإنجاح هذه التجربة وخصوصاً في طلاب المراحل الأولى.
وأكد أهمية تعزيز دور الشراكة بين الأسرة والمدرسة، وتهيئة البيئة المناسبة والجاذبة للطلبة بما يلائم النمط الجديد للتعلم، لتدارك هذا التحدي، كما ينبغي للمدارس توفير منصات تعلم تفاعلية تعزز الدافعية والحماس والإقبال على التعلم وتقدم المعلومة بتكييف شائق ومحبب للطلبة، وكذلك لا بد من رسم سياسات واضحة لاستخدام هذه المنصات وفتح الكاميرا من قبل الطالب والمعلم لضمان التفاعل والتواصل البصري مع مراعاة جميع جوانب الخصوصية والأمن والسلامة.
وللحد من الآثار السلبية لجلوس الطلبة أمام الشاشات لا بد من تحقيق التوازن بين الأنشطة الأكاديمية وغير الأكاديمية والحرص على تعزيز الصحة النفسية للطلبة، من خلال تخصيص وقت للقيام بأعمال وتكليفات بعيداً عن الشاشة، وتعزيز دور الأنشطة البدنية لضمان استمرار الدافعية والإقبال على التعلم.
تصميم نماذج تعليمية.
وفي السياق ذاته، قال كريم مورسيا، مدير مدرسة جيمس البرشاء الوطنية، إن مدرسته صممت في العام الدراسي الحالي نماذج تعليمية رائدة لتلبية حاجات الطلبة الفردية، وذلك لضمان خوض طلبة «التعليم عن بعد» التفاعل مع معلميهم وزملائهم بشكل مختلف، كل طالب على حدة، ويتعاون الطلبة الأصغر سناً مع معلميهم ضمن مجموعات للتعلم عن بعد، بينما يستفيد الطلاب الأكبر سناً من وجودهم مع زملائهم في المدرسة من خلال نموذج تعليم هجين يجمع بين التعليم عن بعد والتعليم المباشر، ويستطيع المعلمون الاستفادة من عدد من الاستراتيجيات والمنصات المخصصة للتفاعل مع اهتمامات الطلاب وتطوير مهارات التفكير النقدي لديهم.
وذكر أن الطلاب يحصلون على ملاحظات مستمرة بشكل يومي، ويستخدم المعلمون أساليب عدة لتقديم ملاحظاتهم كتابةً أو شفهياً، ويستفيدون من التكنولوجيا الحديثة كي يضيفوا آراءهم بأداء الطلاب رقمياً، ويقدّموا تعليمات تفصيلية حول الخطوات التي يجب اتباعها من خلال مقاطع الفيديو أو الرسائل الصوتية.
غرف منفصلة
وقالت جيسي كليري، معلمة الصف السادس في مدرسة جيمس متروبول: نسعى دائماً إلى ضمان تفاعل الطلاب سواء في المدرسة أو في التعليم عن بعد، ولذلك يتم استخدام أساليب عدة ومنها الغرف المنفصلة المخصصة للتعاون والعمل ضمن فريق وتدريبهم على الامتحانات التنافسية، ويتم فيها مشاركة الطلاب ما تعلموه مع زملائهم، وتنظيم الأنشطة العملية ما يحفزهم على الإبداع والتطور من خلال استخدام عددٍ من التطبيقات المصممة لدعم التعلم.
وأوضحت أنهم يعتمدون في التعليم عن بعد على العديد من الاستراتيجيات إذ يتم سؤال الطلاب حول فهمهم ما تلقوه وتعميق معرفتهم من خلال طرح أسئلة عالية المستوى بشكل مباشر، ما يمكّنهم من توضيح ما فهموه أو طلب المساعدة من المعلم، وبالتالي مساعدة أولياء الأمور الذين يدعمون أطفالهم في المنازل.
كما يطلب المعلم من الطلاب تقديم فروضهم الدراسية عبر الإنترنت بعد الدروس (كما هي الحال في الفصول)، ما يوفر لنا معلومات مفصلة حول العمل الذي حققه الطلاب والتحديات التي واجهوها، كما نستطيع طرح أسئلة حول تقديم الفروض لنعالج أي فجوات أو سوء فهم يعانونه، كما نستخدم بعض التقنيات الممتعة الأخرى، مثل الاختبارات والتصويت، ما يساعدنا على رصد الطلاب الذين يحتاجون المزيد من الدعم.
اختيار عشوائي
وأكدت نرمين صفوت مصطفى مديرة المرحلة المتوسطة في المدرسة الأمريكية الدولية بدبي، أن بيئة التعلم عن بعد تحتاج إلى اتباع المعلمين بعض الاستراتيجيات التي تجعل التعليم نشطاً ولضمان الاستحواذ على انتباه الطالب وتحفيز مشاركته الدائمة ومنها منح الطلبة الفرصة لمعرفة أهمية موضوع الدرس وربطه بالحياة الواقعية والتي تزيد من اهتمام الطالب، والاختيار العشوائي للطلاب للمشاركة وعرض الأفكار وبذلك يضمن المعلم انتباه جميع الطلبة طوال الوقت.
بالإضافة إلى قيام الطلاب بإدارة الحصة ويقوم المعلم بدور المرشد والموجه فقط إذ يقوم بتوزيع الأدوار المختلفة على الطلاب وتشجيعهم على تقديم الملاحظات البناءة لبعضهم بعضاً، وزيادة استخدام الأدوات المرئية التي تجذب انتباه الطلاب كما يقوم المعلم بتضمين الكثير من الأنشطة الصفية واللاصفية والرحلات الافتراضية التي تضمن بقاء الطلبة مندمجين طوال الوقت، مستغلاً اهتمام الطلاب بالتكنولوجيا، كما يستخدم الطلاب والمعلم مربعات الدردشة لإبقاء التواصل وعرض الأفكار.
وذكرت أن المدرسة تقوم باتباع سياسة اللاضرر ما يعني حرص المعلم على المتابعة الدؤوبة لحضور الطالب مع مراعاة وتفهم الظروف المختلفة التي قد تؤثر بالسلب في انتظام حضوره، ويقوم المعلمون والمشرفون بمتابعه دائمة مع الأهل.