فرضت جائحة «كوفيد19» على الجميع إعادة النظر والتطوير للمستقبل، وقطاع التعليم من القطاعات التي تأثرت بكل ذلك، وأصبح لزاماً عليه الاستفادة من التجربة والخروج برؤى وخطط مستقبلية وفق المستجدات، لا سيما ما يتعلق باشتراطات ومؤهلات وظائف المستقبل وعما إذا كانت تتركز في المؤهل العلمي وحده أم تتطلب مهارات وخبرات بعينها.

وفي هذا الإطار أكد أكاديميون وتربويون أهمية المؤهل العلمي، مشددين على أنه لم يَعُد كافياً لنيل وظيفة مستقبلية، وأن اكتساب المهارات ضرورة حتمية للفوز بالوظيفة.

 وحددوا 20 ركيزة إبداعية لإعداد طالب المستقبل، تتمثل أبرزها في: الاستعداد للابتكار والقدرة على التحليل، والتشبع بحب المعرفة وترسيخ البحث العلمي في نفوس الطلبة، وتطوير المناهج بحيث يجمع الطالب بين المعارف والمهارات، وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل، واستحداث أساليب دراسية جديدة، وطرق حديثة لتقييم الطالب باستمرار، فضلاً عن إنشاء قاعدة بيانات لوظائف المستقبل واحتياجات سوق العمل، والتشجيع على التعلم الذاتي وتزويد الطلبة بالمصادر اللازمة لاكتساب المعارف والعلوم ذاتياً.

 

المعارف والمهارات

وأوضح الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، أن التعليم يمكن تعريفه بأنه العملية التي تستهدف إكساب المتعلم المعارف والمهارات التي يحتاجها سواء كان ذلك من خلال الدراسة المنتظمة أو الخبرة العملية.

وأشار إلى أنه من الخطأ أن يقتصر تعريف لفظ «المعرفة» على دراسة العلوم النظرية فقط، مثل الدراسات التجارية، والقانونية، والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها من الدراسات التي لا تتطلب إجراء تجارب في معامل أو مختبرات، فيما يذهب البعض إلى أن المهارات لفظ يتعلق بالدراسات العملية مثل الطب، والهندسة، والكيمياء، وغيرها من العلوم التي تحتاج إلى إجراء تجارب عملية.

وأضاف أن هذا التصنيف غير صحيح، إذ إن المعارف والمهارات كلاهما يتعلق بالعلوم النظرية والعملية، إلا أن اكتساب المعارف يسبق اكتساب المهارات، والعكس غير صحيح، ولذلك يمكن اعتبار كل أصحاب المهارات هم أصحاب معارف، والعكس غير صحيح.

وقال: «إن المعارف هي المعلومات والمبادئ والقواعد العملية التي يقوم عليها أي فرع من فروع العلم، أما المهارات فهي مدى قدرة الإنسان على وضع ما تلقاه من معارف قيد التنفيذ. فإذا افترضنا أن خريج إحدى الكليات العملية يفتقر إلى القدرة على تطبيق ما تعلمه خلال دراسته على أرض الواقع العملي، فإنه يكون بذلك قد أهدر كل المعارف التي تلقاها خلال سنوات الدراسة بالجامعة، كونه لا يمتلك المهارة اللازمة لممارسة مهنته، وبالتالي لا مكان له في سوق العمل، ولن يكون قادراً حتى على إنشاء مشروعه الخاص».

وتابع: «الحال نفسها تنطبق على خريجي الكليات النظرية»، مشيراً إلى أنه ينبغي على المؤسسات التعليمية الاهتمام بتخريج دارسين يجمعون بين المعارف والمهارات باعتبارها المستهدف الحقيقي من العملية التعليمية، حتى يؤتي التعليم ثمرته المنشودة.

وأضاف: أما إذا انصب اهتمام المؤسسة التعليمية على تعزيز اكتساب الخريجين للمعارف دون المهارات، فسينسحب ذلك على العملية التعليمية التي أهملت جانب المهارات، وجعلت الشهادة التي يحصل عليها الخريج مجرد قطعة من الورق لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به.

وقال: يجب إعادة تصور التعلم لتطوير الطاقات الشابة حتى تكون القوة الإبداعية الدافعة لصناعة المستقبل.

البحث العلمي

ورأى العور أن المؤسسات التعليمية يجب أن تنمي لدى طلبتها الرغبة في التعلم عبر تحويل التعليم إلى عملية أكثر تشويقاً وتحفيزاً، وذلك من خلال رؤية جديدة لا تعتمد فقط على الأدوات التعليمية المعروفة عالمياً، وإنما تتضمن كذلك مواصفات خريج المستقبل والمتمثلة في: التميز العلمي، والاستعداد للابتكار والقدرة على التحليل، والتشبع بحب المعرفة وتعني «البحث العلمي»، والقدرة على التواصل مع الغير والعمل ضمن الفريق والتي تسمى بالمهارات الناعمة اللازمة للانخراط في قطاع الأعمال، وأخيراً الاعتزاز بالهوية الوطنية والشعور بالانتماء، وهو ما تحرص عليه جامعة حمدان بن محمد الذكية.

وقال: «يتعين علينا تطوير العملية التعليمية، بحيث يجمع الخريج بين المعارف والمهارات، وبالتالي فإن القول بأن العبرة بالمهارات لا بالشهادات هو قول باطل لا قيمة له؛ فالشهادة مجرد إثبات يكشف عن وضع قائم وليس منشئاً له».

وأضاف: «إن القول بأنه يمكن للخريج اكتساب المهارات أثناء ممارسة العمل غير صحيح، والصحيح أن ممارسة المهنة في الحياة العملية تصقل مهارات الخريج، ولا توجدها من العدم، الأمر الذي قد يكبد أجهزة الدولة عبء توظيف خريجين لا يمتلكون المهارات اللازمة لتنمية ونهضة الوطن».

 

خطط مستقبلية
 
وأكد الدكتور عبد اللطيف الشامسي، مدير مجمع كليات التقنية العليا، أن كليات التقنية حرصت على إعادة هيكلة وتطوير منظومتها التعليمية من خلال المراجعة الدورية للبرامج والتخصصات مع الوضع في عين الاعتبار المستجدات التي نتجت عن الأزمة، والتي أبرزت أهمية بعض القطاعات الحيوية وخاصة القطاع الطبي لأن أزمة «كوفيد19» مثلت تهديداً لحياة الإنسان، وضرورة أن يتم منح المزيد من التركيز على هذا القطاع وتخصصات العلوم الصحية المستقبلية من الطب والتمريض والمختبرات وعلم الفيروسات وغيرها، كذلك برزت ضرورة الاهتمام بقطاع الأمن الغذائي والقطاع التكنولوجي والمتعلق بتكنولوجيا المعلومات والأمن المعلوماتي (السيبراني) وريادة الأعمال، وكذلك أهمية الابتكار، حيث لمسنا مدى التنافس العالمي على ابتكار الحلول والمنتجات التي تدعم مواجهة هذه الأزمة.

وذكر الشامسي أن الكليات لديها هذا العام 2020 /‏‏‏‏2021 زيادة واضحة في إقبال الطلبة على دراسة التخصصات العلمية والتكنولوجية والتي تعتمد على التطبيق والممارسة والاحترافية في المهارات مثال: (علوم الكمبيوتر والمعلومات زيادة 31% عن العام الماضي (كانت 4790 إلى 6269)، الهندسة أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة في مختلف التخصصات، العلوم الصحية 16% زيادة عن العام الماضي (2188 أصبحت 2544) .


الركائز

1 ــ الاستعداد للابتكار والقدرة على التحليل.
2 ــ ترسيخ البحث العلمي في نفوس الطلبة.
3 ــ القدرة على التواصل مع الغير والعمل ضمن الفريق.
4 ــ الاعتزاز بالهوية الوطنية.

5 ــ مناهج تجمع بين المعارف والمهارات.
6 ــ ربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل.
7 ــ تسخير تقنيات التعليم لغرس الإبداع لدى الطلاب.
8 ــ طرق وأساليب دراسية جديدة تفي بمتطلبات وظائف المستقبل.

9 ــ تطوير مهارات المعلمين والأكاديميين.
10 ــ استحداث طرق جديدة لتقييم الطالب باستمرار.
11 ــ إنشاء مكتبات رقمية تضم المناهج ليصل الطالب إليها في أي وقت.
12 ــ قاعدة بيانات لوظائف المستقبل.  

13 ــ مسح ميداني سنوي لتحديد قائمة الوظائف المتوقع اختفاؤها.
14 ــ تبادل الخبرات والاستعانة بأحدث التوجهات في مجال المهارات.
15 ــ التشجيع على التعلم الذاتي وتزويد الطلبة بالمصادر لاكتساب العلوم ذاتياً.
16 ــ استحداث تخصصات أكاديمية متعلقة بتكنولوجيا المستقبل.

17 ــ التركيز على المهارات الرقمية مع ظهور تقنيات جديدة في معظم القطاعات.
18 ــ إتاحة المجال أمام الطلبة لإجادة أكثر من لغة أجنبية.
19 ــ مواصلة التعلم مدى الحياة لاكتساب المعارف والمهارات.
20 ــ التوسع في مدارس الموهوبين ومدارس التعلم المهني.


تطوير المناهج وأساليب التدريس واستحداث طرق جديدة لتقييم الطلبة

توقع أكاديميون وتربويون أن تستند وظائف المستقبل على المهارات وليس على الشهادات العلمية فقط، وتوجه الشركات والمؤسسات لتوظيف من يمتلكون الأدوات والمهارات اللازمة في سوق العمل، وسيصحب ذلك ظهور تخصصات جامعية ستكون لها الريادة في الاختيار، فيما ستندثر أخرى.ودعوا إلى تطوير المناهج الدراسية وأساليب التدريس في مختلف المراحل لتواكب متطلبات وظائف المستقبل، إلى جانب استحداث طرق جديدة لتقييم الطالب باستمرار، وإتاحة المجال أمام الطلبة لإجادة أكثر من لغة أجنبية.

 

مستقبل الوظائف

أوضح ستيفن جيل، المدير الأكاديمي لكلية الرياضيات وعلوم الكمبيوتر، جامعة هيريوت وات – دبي أن تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كشف أن التأثير المزدوج للأتمتة و«كوفيد19» سيؤدي إلى اختفاء 85 مليون وظيفة بحلول العام 2025، ومع ذلك فإن من بين الوظائف التي يفترض بقاؤها، ستطلب 50% منها إعادة التشكيل بحلول 2025، مشيراً إلى أن الفجوة الحالية بين المهارات التي يمتلكها شباب اليوم والمهارات التي سيحتاجها السوق غداً معرضة للخطر والاتساع بشكل أكبر، إذ إن الثورة الصناعية الرابعة تعمل على تحويل الأعمال والأدوار الوظيفية بشكل أسرع مما يمكن للقوى العاملة مواكبته، بيد أنه يرى أيضاً أن مستقبل العمل مليء أيضاً بإمكانيات لا تصدق، في حال أراد المرء أن يصبح أكثر مرونة ويبدأ الاستعداد والتسلح بالمهارات المطلوبة لوظائف المستقبل منذ الآن، ونخص بالذكر متخصصي الأمن السيبراني إذ إن النظرة المستقبلية لهم مشرقة مع تزايد الهجمات الإلكترونية على نطاق واسع عالمي.

التفكير النقدي

وقال الدكتور سيدوين فرنانديز، مدير جامعة ميدلسكس دبي، «من أجل الاستعداد للوظائف المستقبلية، لا يحتاج الطلاب فقط إلى معرفتهم التخصصية فحسب، وإنما يجب عليهم العمل والتفاعل لامتلاك العديد من المهارات الأخرى بما في ذلك، المهارات الشخصية، والقدرة على التفكير النقدي، والعمل مع الآخرين كجزء من فريق واحد».

 

وأوضح الخبير التربوي عدنان عيسى عباس نائب المدير العام لإحدى المدارس الخاصة، أن مخرجات التعليم في عالمنا العربي غير متناسبة مع متطلبات سوق العمل، لأنها تفتقر إلى حد كبير إلى المهارات المطلوبة والتي يجب على الخريج اكتسابها خلال دراسته، ويجب إعادة النظر في المناهج وتطويرها بالشكل المناسب، مع ربط المواد الدراسية والعلوم بعضها البعض.

 

وقال الدكتور ماهر حطاب مدير إحدى المدارس الخاصة، إن تعلم اللغات الأجنبية مثل اليابانية والكورية والصينية يساعد أجيال المستقبل على الحصول على تعليم ملائم لعصر واقتصاد المعرفة، ما يعني الحاجة إلى تعديل المناهج الدراسية وأساليب التدريس في مختلف المراحل لتواكب متطلبات الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي.

وذكر أن اشتراطات الشركات والمؤسسات حاليا لوظائفها على امتلاك مهارة التحدث والكتابة باللغة الإنجليزية بطلاقة يؤكد ان وظائف المستقبل سوف تشترط على اجادة أكثر من لغة.

 

المهارات الأربع

وقالت التربوية غدير أبو شمط: إن المدارس يجب أن تتحول إلى تعليم (المهارات الأربع) المتمثلة في التفكير النقدي، والتواصل، والتعاون، والابتكار، إلى جانب التركيز على المهارات الحياتية ذات الأغراض العامة، والأهم من ذلك هو مشاركة الطلبة في القدرة على التعامل مع التغيير، وتعلم أشياء جديدة، والحفاظ على التوازن العقلي في المواقف غير المألوفة.

وذكرت أن تعلم اللغات الآسيوية على رأس قائمة اللغات التي ستطلب في وظائف المستقبل.

 

الروبوتات

وتوقعت مها بركة، مديرة إحدى المدارس الخاصة، أن تتمحور التخصصات المطلوبة خلال السنوات المقبلة حول الروبوتات ومحترفي التسويق الرقمي والوسائط الرقمية ومصممي البرمجة، ومتخصصي علوم الحاسوب والمتخصصين في الإدارة والأعمال وعلماء النفس والمهنيين الذين يتمتعون بمهارات عالية.

وتابعت: إن كل هذه التخصصات ترتكز على إمكانات ومهارات ما يمارسها، مؤكدة على أهمية تعزيز تبادل الخبرات والاستعانة بأحدث التوجهات العالمية في مجال المهارات وتصميم آليات وأدوات مبتكرة تناسب طبيعة سوق العمل، واعتماد اختبارات الذكاء في المؤسسات التعليمية لاكتشاف الموهوبين وتعزيزهم بمهارات القرن الثاني والعشرين، وإلزام المؤسسات التعليمية باستحداث اختبارات مهارية سنوية.


3 تحديات تواجه التعليم العربي

أكد الدكتور عصام الكردي، رئيس جامعة العلمين الدولية في جمهورية مصر العربية، أن هناك 3 تحديات رئيسة تواجه أنظمة التعليم العربي، أولاً: التحول السريع نحو نظام التعلم عن بُعد أو التعلم الهجين كبديل لنظام التعليم التقليدي، وثانياً: التطور السريع في وظائف المستقبل والتي تتطلبها الثورة الصناعية الرابعة، وثالثاً: اعتراف العديد من المؤسسات العالمية بالجدارات بديلاً عن الدرجات العلمية والتركيز على قدرة الخريج على الانخراط في سوق العمل مباشرة.

وقال: إن العديد من المؤسسات العالمية مثل «جوجل» و«كورسيرا» طرحت برامج دراسية عن بعد تواكب وظائف الثورة الصناعية الرابعة، وتمنح شهادات تقنية آخذة في الاعتبار متطلبات سوق العمل المستقبلي القريب.

وأكد أنه يجب على المؤسسات التعليمية تبني بعض الإجراءات السريعة بغرض مواكبة مواصفات خريجي المستقبل، عبر اتباع طرق وأساليب دراسية جديدة تفي بمتطلبات وظائف المستقبل والثورة الصناعية الرابعة، بالإضافة إلى ضرورة توفر مرونة في طرح شهادات دراسية ذات طبيعة تطبيقية، نظرا لما تتطلبه هذه الوظائف من استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في كافة التخصصات.

وأفاد بأن هناك أنماطاً وأشكالاً عدة للشهادات والدرجات العلمية سيتم طرحها في المستقبل القريب، من ضمنها أن يتم تقييم مستوى الطلبة الذين يقررون الالتحاق بأي من التخصصات والبرامج التي توفرها منصات التعليم العالمية، ثم يتم إضافة بعض البرامج بحيث تؤهل الخريج للالتحاق بوظيفة معينة، وهو ما يسمى الشهادات التي يتم تفصيلها أو تخطيطها بناء على الخبرة التي حصل عليها الطالب سواء من خلال دراسته بالجامعة أو من عبر انخراطه في سوق العمل.

وذكر أنه من الضروري استحداث برامج غير تقليدية لاسيما خلال تنبي نظام التعلم عن بعد، والتعلم الهجي.

وأشار إلى ضرورة تطوير طرق تقييم الطلبة، بحيث لا يمكن الاعتماد كما في السابق على إجراء امتحان أو حتى امتحانين خلال الفصل الدراسي الواحد، وإنما يجب استحداث طرق جديدة لتقييم الطالب باستمرار خلال الفصل الدراسي بطرق بعيدة كل البعد عن الطرق التقليدية.

وأكد الدكتور الكردي ضرورة أن تقوم المؤسسات الأكاديمية بإنشاء مكتبة رقمية تضم البرامج الدراسية التي تطرحها هذه المؤسسات بحيث تكون المادة العلمية والمحاضرات والاختبارات مطروحة عبر موقع الجامعة، ليتمكن الطالب من الوصول إليها في أي وقت ومن أي مكان.


التعلم مدى الحياة لاكتساب الخبرات

قال الدكتور كلايتون ماكينزي، نائب مدير جامعة زايد، إن جامعات المستقبل لابد وأن تكون مؤثرة ومستجيبة ومندمجة في المجتمع ربما بشكل أقوى من أي وقت مضى في التاريخ، مؤكداً أن التحدي الذي يجب على كل جامعة مواجهته، هو كيفية تحضير الشباب للمستقبل، داعياً الطلبة إلى عدم التوقف عن تطوير مهاراتهم بمجرد تخرجهم؛ فالتخرج في الجامعة والحصول على الشهادة الجامعية ليس خط النهاية، بل هو بداية رحلة التعلم مدى الحياة، لاكتساب الخبرات والمعارف المتنوعة.

وأشار إلى نوعية المهارات التي يجب أن تركز عليها النظم التعليمية وأبرزها الذكاء الاصطناعي، الذي بات صعوده واضحاً للجميع، ولذلك يجب على الجامعات معالجة ذلك من خلال ضمان براعة طلابها في فهم واستخدام التطورات التكنولوجية الجديدة، إضافة إلى التركيز على مجموعة المهارات التي لا يمكن للتكنولوجيا أن تحل محلها بسهولة، مثل التفكير الإبداعي والملهم، وسرعة البديهة والعمل الجماعي الداعم في إدارة التحديات المعقدة.

 

وقال الدكتور معاوية العوض، مدير معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية في جامعة زايد، إن جامعات المستقبل سترتبط بشكل وثيق بالمجتمع والبيئة المحيطة بها، بحيث تصبح من أهم المنصات التي تعمل يداً بيد مع شركائها «الجهات الحكومية والخاصة والمنظمات العلمية والمدنية» بهدف تحقيق عالم أفضل من خلال التشارك في إنشاء مساحات التعلم وفي عمليات البحوث والتطوير والتي تعمل على قيادة التغييرات الإيجابية وخلق المهارات اللازمة لها.

وعن كيفية الانتقال من بناء المعارف إلى بناء المهارات أوضح الدكتور العوض أن المناهج التقليدية تعتمد بشكل موسع على بناء المعارف من خلال التركيز على الوعي والفهم والتجريد، مع القليل من المهارات والتي تعتمد على التعلم التجريبي وكيفية القيام بالمهام، مشيراً إلى أن هذا النموذج من التعليم يسير بشكل بطيء، مقارنة بحاجات سوق العمل وكذلك بسبب الصعوبة بالتنبؤ بالمهارات اللازمة لوظائف المستقبل والتي قد لا نعرف عنها الكثير.


أنظمة تعليمية تسمح للطالب بحرية التفكير

رأت الدكتورة نورية العبيدلي، مستشار شؤون طلبة في قطاع التعليم العالي، أنه لا يوجد نظام تعليمي ناجح لجميع المجتمعات، فلكل مجتمع خصائصه وثقافته التي تميزه عن غيره.

وأكدت أن بناء المهارات بحاجة إلى أنظمة تعليمية تسمح للطالب بحرية التفكير، بالإضافة إلى توفير العديد من المصادر والتجهيزات التي تساعد على تصميم وتنفيذ مناهج داعمة لبناء المهارات، والتي تتطلب بيئات تعليمية مشجعة على الإبداع والابتكار، وليست تقليدية، مشيرة إلى أن المهارات وحدها لا تكفي، بل تتحد مع تحصيل المعرفة وهي مرحلة تسبق التدرب على المهارات.

التعلم الذاتي

وشددت الدكتورة نورية العبيدلي، على أهمية التشجيع على التعلم الذاتي وتزويد الطلبة بالمصادر اللازمة للقيام بعملية اكتساب المعارف والعلوم ذاتياً، ومن ثم التركيز على توظيف المعارف المكتسبة لبناء المهارات تحت توجيه نظام تعليمي متمكن وبشكل ممتع ومشوق يتوافق مع ميول الطالب واهتماماته.


6 مهارات يحتاجها حديثو التخرج بعد «كورونا»

أظهر تقرير «لينكد إن»، تحت عنوان «دليل الخريج للحصول على الوظائف»، أن هناك 6 مهارات مطلوبة في جميع القطاعات التي يمكن أن تساعد الخريجين على التميز من بين الحشود، وبدء حياتهم المهنية، بتقدم مع تعافي الاقتصاد الذي يواجه الركود العالمي، متأثراً بانتشار فيروس «كورونا».وذكر تقرير «لينكد إن» أن هذه المهارات تعتبر من أبرز المهارات المطلوبة حالياً، هي مهارات شخصية، مثل التواصل والقيادة والقدرة على حل المشكلات وإدارة العمليات، والتسويق، وخدمة العملاء.

وأشار إلى أنه مع استمرار تفشي «كوفيد 19»، وتأثيره في طريقة عمل الشركات، تظل مهارات خدمة العملاء واحدة من المهارات القوية الحيوية.

 وقال: يظل هناك طلب مرتفع على الموظفين الذين يعرفون كيفية التعامل مع العملاء بطريقة تجعلهم يشعرون بالتقدير، خاصة أن إجراء العديد من الخدمات، أصبح عبر الإنترنت، من دون الحاجة لعنصر التعامل «وجهاً لوجه» القديم.

وأشار التقرير إلى أن مهارة القيادة لا تقتصر على المديرين، إنما هي علامة على الوعي الذاتي والمصادقة، ويمكن أن تأخذ حياتك المهنية إلى آفاق جديدة، حيث يجب على الموظفين اتخاذ القرارات الحاسمة في الأوقات الصعبة.


التركيز على المهارات الرقمية

رأى الدكتور أحمد العموش من جامعة الشارقة أن مرحلة ما بعد «كورونا» ستشهد إعادة النظر في التخصصات الجامعية التقليدية والانتقال إلى تخصصات افتراضية تعالج مسألة انتقال العالم إلى مجتمع رقمي وما يحمله من أنماط جديدة من احتياجات البشر، مشيراً إلى أن الحديث الآن يتركز حول مستقبل الوظائف الرقمية، مشدداً على ضرورة التركيز على المهارات الرقمية مع ظهور تقنيات جديدة في معظم القطاعات.

تخصصات

وأوضح أن التخصصات الأكاديمية عالمياً رقمية تعالج مجتمعاً رقمياً وستشهد مزيداً من التركيز على المهارات والابتكار والتفكير الإبداعي ومفاهيم جديدة أخرى، مؤكداً أن عالماً جديداً بانتظار المجتمعات البشرية سيقابلها خطط استراتيجية سواء في التعلم المدرسي أو الجامعي، مشدداً على الحاجة لإعادة النظر في احتياجات المجتمع والتركيز على الذكاء الاصطناعي الذي بات جزءاً أصيلاً في شتى مناحي الحياة ومنها الأمن السيبراني الذي يقوم على فهم الحياة الرقمية وحماية المجتمع من الجرائم والهجمات غير التقليدية.

وتابع انه على المؤسسات التعليمية مسؤولية تطوير رؤية جديدة تواكب المستجدات وتوفر من خلالها بيئات تعليمية متطورة لكسب مهارات الحياة وتطوير كافة أدوات التكنولوجيا التي تساعدهم في ممارسة نشاطهم بسلاسة دون تعقيد، مستفيدين من التطور العلمي الهائل في هذا المجال.

 

اهتمام

وقالت أمل إبراهيم الأستاذ المساعد في كلية الحوسبة المعلوماتية في جامعة الشارقة: إن الجامعات أصبحت مهتمة بتوجيه الخريجين ليواكبوا متطلبات العصر والتحديات المستقبلية وأن تتناسب مع متطلبات سوق العمل المستقبلية، حيث ظهرت تخصصات جديدة جميعها تواكب ذلك الهدف ومنها الحاسب الآلي بمفهومه المتطور والذي سيشمل خوارزميات وبرمجيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، بالإضافة إلى زيادة الطلب على تلك المهارات باعتبار الذكاء الاصطناعي يعول عليه كثيراً في الصناعات المستقبلية وممارسات الأعمال، ويرتبط أيضاً تخصص الذكاء الاصطناعي ارتباطاً وثيقاً بالبيانات وهو أحد التخصصات التي ستشهد إقبالاً شديداً خلال المرحلة المقبلة، مشيرة إلى أن الفيزياء وعلوم الفضاء والفلك والطاقة المستدامة، والهندسة النووية وعلوم الذرة على رأس أولوية التخصصات.

 لمشاهدة  ملف « 20 ركيزة إبداعية لإعداد طالب المستقبل» بصيغة الــ pdf اضغط هنا