قرع جرس انطلاقة العام الدراسي الجديد 2022 - 2023 وسط تنظيم عالي المستوى من الجهات المعنية التي تدير قطاع التعليم على مستوى الدولة، وفي الوقت ذاته تتطلع عناصر العملية التعليمية إلى الارتقاء بمستوى العام الدراسي المقبل عبر تطبيق عملية التعليم والتعلّم بشكل تكاملي، حيث رصد تربويون 10 مرتكزات وأولويات تضمن تحقيق عام دراسي مثالي. وينتظم اليوم طلبة كافة أنواع التعليم على مستوى الدولة، في التعليم الحضوري، ويباشر أكثر من مليون و100 ألف طالب دراستهم للعام الدراسي الجديد، وتتولى فرق ميدانية من مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي متابعة انتظام ودوام الطلبة في المدارس الحكومية، وتضم المدارس الحكومية في الدولة والتي يبلغ عددها 564 مدرسة ويعمل فيها 24751 كادراً تربوياً، ما يقارب 274 ألفاً و895 طالباً وطالبة.
وأكدت مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي جاهزية 95% من المدارس الحكومية لاستقبال الطلبة، كما أكدت إدارات المدارس الخاصة جاهزيتها لخوض غمار التعليم من اليوم الأول، لافتة إلى أنها وضعت جدولاً لاستقبال الطلبة حسب المراحل الدراسية على أن يبدأ اليوم دوام طلبة المرحلة الثانية والثالثة، بينما ينتظم طلبة رياض الأطفال والحلقة الأولى خلال باقي أيام الأسبوع الأول من الدراسة مراعاة لاستقبالهم استقبالاً حافلاً ومن دون مواجهة أي تحديات.
مرتكزات
وكشف تربويون عن 10 مرتكزات وأولويات تضمن الحصول على عام دراسي مثالي تتمثل في: تطبيق التعليم المتمايز الذي يراعي تنوع خلفيات الطلبة المعرفية ومدى استعدادهم للتعلم بمختلف إدراكاتهم، وتعزيز مفهوم الصحة النفسية لدى الطلبة، والتركيز على الارتقاء بجودة بيئة الحياة المدرسية، وتعويض الفاقد التعليمي من خلال تقديم الدعم التعليمي والتربوي، ورفع التحصيل الدراسي ورفع الكفاءة التعليمية، وتنفيذ استراتيجيات تعليمية تراعي أنماط التعلم المختلفة، وأهمية وضع خطط تطوير تواصل مستمرة لتعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة مع تقديم تغذية راجعة فعالة، والتأكيد على المواطنة الرقمية، وتطوير التعلم القائم على المشاريع لتعزيز مهارات القرن الحادي والعشرين مثل البحث والابتكار، وإجراء جلسات «مجموعات التعليم المصغرة» لإعادة تعليم مهارات القراءة والكتابة الأساسية والرياضيات.
من جانبها، أكدت التربوية فاطمة الظاهري، أهمية التركيز على جودة ورفاهية حياة الطلبة والتعلم الاجتماعي والعاطفي، من خلال تلبية الاحتياجات الأساسية لدعم الصحة النفسية والرفاهية في المدارس والصفوف المدرسية، من أجل إنشاء بيئات تعليمية ترحيبية لكافة الأطفال عند عودتهم إلى المدرسة. وأضافت: «يجب ربط الرفاهية بالتعليم والتعلّم، وتقديم النصائح للطلبة من أجل تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية للمساعدة في تحسين الرفاهية الجماعية للطلاب مع التركيز على الحماية، فضلاً عن تطوير المعلمين استراتيجيات لدعم رفاهية الطلبة لمعالجة الضغوطات التي يتعرّضون لها وتقديم الدعم اللازم لهم.
وأوضحت أن الدراسات العالمية تؤكد أن التركيز على جودة الحياة من سن مبكرة ينعكس بشكل إيجابي على حياه الطالب، سواء في الدراسة أو الأمور الحياتية.
رفع كفاءة التعليم
وقالت سعاد أبو حرب مديرة مدرسة دبي الوطنية، إن رفع كفاءة التعليم تعدّ من أهم البرامج التي يجب أن تعمل عليها المدارس، موضحة أن تجربة مدرستها تمثلت في تغطية النواقص التعليمية الناتجة عن (كوفيد 19) خلال العام الماضيين، حيث تم العمل عليها العام الماضي، والعام الحالي تستكمل المدرسة برامجها الداعمة المكثفة لرفع التحصيل الدراسي للطلبة وتعويض الفاقد التعليمي. ولفتت إلى أن مدرستها خصصت حصص دعم على مدار العام الماضي بشكل مجاني لرفع كفاءة التعليم وتعويض الفاقد التعليمي من خلال برامج الدعم. وأوضحت أن مدرستها قامت بتحليل البيانات لتحديد مدى تأثير الجائحة على مستوى تحصيل الطلبة وتقدّمهم الدراسي، للتخفيف من الضرر الذي يحدث ومعالجته، وكانت الخطوة الأولى هي تحسين جودة التعلم للطلبة.
استراتيجيات تعليمية
بدوره، أكد الخبير التربوي يوسف الحوسني أهمية تنفيذ استراتيجيات تعليمية تراعي أنماط التعلم المختلفة، ووضع برامج وخطط قابلة للتنفيذ، وتطوير تواصل مستمر، وتعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة مع تقديم تغذية راجعة فعالة، والتأكيد على المواطنة الرقمية التي تساعد على الاستخدام الأمثل للموارد الرقمية وتقويمها، والتي تساعد على التوجيه نحو المنافع والحماية من مخاطرها المحتملة من خلال التوعية المبكرة، وتتمثل في عدم الإشارة لمصدر المحتوى الرقمي عند الاستفادة منه، واحترام الآخرين على شبكة الإنترنت وعدم الإساءة لهم أو التعدي على حقوقهم، بالإضافة إلى عدم اختراق الأنظمة والحواسيب الخاصة بالأفراد أو المنظمات، وعدم استخدام برامج القرصنة أو سرقة هوية أشخاص آخرين. وأكد الحوسني، أهمية تطوير التعلم القائم على المشاريع لتعزيز مهارات القرن الحادي والعشرين مثل البحث والابتكار، والتركيز على حل المشكلات وإدراج مهارات القرن الواحد والعشرين في شتى المشاريع والفعاليات والأنشطة التي تنفذها المدارس ليتقنها جميع الطلاب مهما اختلفت تخصصاتهم الأكاديمية أو العلمية، وتزويدهم بمهارات التعلم التي تتضمن 5 عناصر مهمة تساعد الطلاب على التعلم والتفكير النقدي والإبداعي لتمكين الطلاب من معرفة أساليب التفكير، ويؤدي ذلك إلى تعزيز مهارات التعاون التي تكسب الطلبة أهمية العمل الجماعي من خلال تكوين المجموعات، بالإضافة إلى تعزيز التواصل والبحث وراء المعرفة.
ولفت الحوسني إلى أهمية تفعيل جلسات «مجموعات التعليم المصغرة» لإعادة تعليم مهارات القراءة والكتابة الأساسية والعمليات الحسابية، حيث تزيد تلك المجموعات من رغبة الطلبة ودافعيتهم نحو التعليم والتعلم، كما أنها تخلق جواً محفزاً يرفع من معدل التنافس بين الطلبة. وذكر أن التوجه العالمي في التعليم، يأخذنا إلى تجهيز الحواسيب ودعمها بالبيانات اللازمة لتعليم الطلبة، فضلاً عن الجودة ودقة في الأداء التي ترافق الأنماط التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي.
مهارات مهمة
وحول المهارات التي يتطلبها الطالب لمواكبة الأنماط التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي مثل التعلم الآلي، أفاد بأن هذه النوعية تمكن المتعلمين من مهارات متنوعة أساسية تواكب الاحتياجات حتى عام 2025، أبرزها حل المشكلات المعقدة، التي ستصبح التفكير التحليلي والابتكار، والتفكير الإبداعي إلى التعلم المستمر واستراتيجيات التعلم، والإبداع إلى حل المشكلات المعقدة، وإدارة الأشخاص إلى التفكير النقدي والتحليل، والتنسيق مع الآخرين إلى الإبداع والأصالة والمبادرة، والذكاء العاطفي إلى القيادة والتأثير الاجتماعي.
التعليم المتمايز والشخصي
من جانبها، طرحت ماري سعد، مديرة أولى في التطوير المدرسي بمجموعة جيمس للتعليم، أهمية تطبيق التعليم المتمايز والتعليم الشخصي.
وقالت: «إن التعلم المتمايز والتعلم الشخصي هما مفهومان يتمّ تداولهما كثيراً في الآونة الأخيرة».
وأوضحت أن التعلّم المتمايز هو نهج تعليمي يهدف إلى دعم الطلبة بناءً على أنماط التعلم الخاصة بهم واحتياجاتهم لتحقيق نواتج تعليمية محددة، والتعلّم الشخصي هو تعلّم مصمم وفقاً لخيارات واهتمامات المتعلمين المختلفين، وتحدّد أساليب التعليم لتناسب الاحتياجات الفردية للطالب، وتبنى على أساس خياراته بما في ذلك أهداف التعلم ومصادر التعلّم.
تعليم موجّه
وفي السياق ذاته، قال روبرت رينالدو، مدير مدرسة أكاديمية جيمس الأمريكية أبوظبي: «إن التعليم الموجه حسب قدرات الطفل واحتياجاته الشخصية هو التعليم المتمركز حول الطالب، ونصح المدارس بالتركيز على المهارات الحسابية والأدبية، وتوفير خيارات متعددة لتطوير المهارات الحياتية وإحداث تغيير من خلال تعلمهم ضمن مجتمعاتهم، ويشجع التعليم الشخصي الطالب على تبني سلوك المحاولة والفشل ثم التأمل والسعي إلى تحقيق النمو، وتعتبر العقلية النامية مكملاً طبيعياً للتعليم الشخصي، وتشجع على تحفيز استقلالية الطالب وبناء الحافز الذاتي».
أولوية
وتحدث راكيل نحاس، مساعدة مدير المرحلة الابتدائية في مدرسة جيمس الدولية بشارع الخيل، عن تطوير المعلم قائلاً: «إن التطوير جزء لا يتجزأ من استمرار نجاح الطلاب في عالم دائم التغير، وعلى المدارس إعطاء الأولوية القصوى للفرص التي تعزز أداء المعلمين وندعم تطورهم الخاص الذي يعود بالنفع في نهاية المطاف على الطلاب، كما نقدم التعليم المتخصص لجميع الطلاب الذي يستهدف تحقيق طموحاتهم الأكاديمية، فضلاً عن رفاهيتهم الشخصية والاجتماعية ودعم النمو العاطفي لديهم».
التجربة الفنلندية.. 9 معايير لتعليم إبداعي
تعد «فنلندا» إحدى الدول المتقدمة في موضوع التعليم، وتحتل أحد المراكز الأولى، في كافة دراسات بيسا PISA، والتي تنظمها منظمة التعاون الاقتصاديّ والتنمية الدولية OECD كل ثلاثة أعوام، وبالاطلاع على التجربة الفنلندية في التعليم نجد أنها تحدد 9 معايير لضمان تعليم متميز.
1الأطفال يحتاجون إلى وقت ومساحة للنمو والتطور، وفي خلال السنوات الأولى من التعليم، يحصل الوالدان على معلومات شفهية بخصوص أداء الطفل ومستواه في المدرسة، أما في الطفولة المبكرة، فيستمتع الأطفال برعاية والديهم واهتمامهم بهم، كما يشارك الأطفال في أنشطة جماعية، مثل اللعب وممارسة الرياضة والأنشطة التي تمارَس في الأماكن المفتوحة.
2يعتمد التدريس في فنلندا على الدعم والمشاركة والتفاعل، كما يعمل الطلاب باجتهاد، دون أن يجبَروا على ذلك من خلال الطلب أو التخويف أو الضغط، وتخصص ساعتان للتربية البدنية أسبوعيّاً، بالإضافة إلى دعم خاص للطلبة الذين لديهم صعوبات في التعلم.
3 تسهم العديد من المشروعات في دعم المدارس مادياً، بحيث تجعلها قادرة على مواكبة التطورات وتكنولوجيا الحاسوب وغيرها من المجالات، ويفرز ذلك نتائج تعلم جيدة، كما يستطيع الطلاب الموهوبون التعمق في هذه المواد من خلال حصص مخصصة لهذا الغرض، مما يساعد على زيادة التحفيز ويضع أمامهم تحديات إضافية.
4 يتم تفويض المدارس والمعلمين في فنلندا بشكل فرديّ، لاختيار طريقة التعلم المناسبة والتعامل داخل الفصول، فليس غريباً أن يضع المعلم الطرق التدريسية الخاصة به، وترى المؤسسات التعليمية أن المعلم بمثابة الخبير وهو على دراية باحتياجات طلابه وبالفرص المتاحة أمامهم، مع احترام أهداف المناهج الدراسية الوطنية.
5 تخفيف شعور الرهبة والخوف لدى الطفل من الالتحاق بالمدرسة أو العودة لديها، إذا كان في المرحلة الدراسية الأولى، واستبدالها بشعور إيجابي تجاه العودة إلى الصفوف الدراسية، وتحميسه بأنه سيلتقي بمعلميه وأصدقائه وأنه سيشارك في الأنشطة الصفية واللاصفية، وأن بيئة المدرسة لا شك ثرية وستناسب ميوله الدراسية.
6 تحفيز الطلبة ورفع استعدادهم لتقبل المحتوى الدراسي الجديد، مما يساعد على تهيئتهم ودعم اتجاهاتهم الإيجابية تجاه الدراسة والإقبال على المدرسة بشغف جديد وحب للعودة لها، مما يساعد على تعريف الطالب بنظام الدراسة والمناهج الدراسية والتخصصات والخدمات المتاحة، وهذه الأدوار تقع على عاتق الأسرة والمدرسة معاً.
7 تنمية روح البحث والاطلاع والتفكير والإبداع والابتكار والتجديد والتمكن من تقنيات العصر لدى الهيئات التدريسية حتى نصل إلى نموذج المعلم المتمكن المواكب للتطور والتقدم، والقادر على إنتاج مخرجات متعلمة ومبدعة، بالإضافة إلى دور الإدارة المدرسية في توجيه المعلم وتذليل العقبات أمامه، وتوفير كل الإمكانات التي يحتاجها بما يعود في النهاية على الطالب بالنفع.
8 تلتزم فنلندا بمبدأ التعليم الذكي أو الإلكتروني كأحد معايير تقييم الجامعات داخل الدولة وترخيصها، وتشترط عند اعتماد البرامج والتخصصات الجديدة أن يكون محتوى المساقات موائماً لإطار منظومة المؤهلات، كما يتم الوقوف على مدى مطابقة جودة معايير التعلم الإلكتروني المعمول بها في الجامعة لمعايير الجودة العالمية.
9 يحرص النظام التعليمي الفنلندي على تأهيل الطلبة بتخصصات يحتاجها سوق العمل الحالي والمستقبلي، والبدء بذلك منذ المرحلتين الإعدادية والثانوية، وأبرز التخصصات التي يتم التركيز عليها الذكاء الاصطناعي، وهندسة التقنيات الحديثة، باعتبارها عصب الاقتصاد الوطني والتنمية الشاملة.
توصيات البيان
01 تنفيذ استراتيجيات تعليمية تراعي أنماط التعلم المختلفة
02 تطوير التواصل المستمر وتعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة مع تقديم تغذية راجعة فعالة
03 التأكيد على المواطنة
الرقمية
04 تطوير التعلم القائم على المشاريع لتعزيز مهارات القرن الحادي والعشرين مثل البحث والابتكار
05 إجراء جلسات «مجموعات التعليم المصغرة» لإعادة تعليم مهارات القراءة والكتابة الأساسية والرياضيات
06 تطبيق التعليم المتمايز حسب تنوع خلفيات الطلبة المعرفي ومدى استعدادهم للتعلم بمختلف إدراكاتهم
07 تعزيز جوانب الصحة النفسية والاجتماعية
08 تفعيل أدوار المعلمين داخل الصفوف اعتباراً من اليوم الأول
09 تمكين الطلبة من المهارات التقنية والتكنولوجية