لمكافحة التهديد الرقمي المتزايد

تربويون يطالبون بآليات فعالة للإبلاغ عن التنمر الإلكتروني

ت + ت - الحجم الطبيعي

طالب تربويون واختصاصيون نفسيون بضرورة توفير آليات فعالة للإبلاغ عن التنمر الإلكتروني وتوفير الدعم لضحاياه بهدف مكافحة ما اعتبروه آفة اجتماعية متنامية وتهديداً رقمياً متزايداً، كما طالبوا بضرورة توفير استراتيجيات استباقية في المدارس لمجابهة الظاهرة.
 

وأكدوا لـ«البيان» أهمية الدور التكاملي بين المؤسسات التعليمية والأسرية لمواجهة ظاهرة التنمر الإلكتروني والحد من مسبباتها وآثارها السلبية على المسار الدراسي، والاجتماعي، مشددين على ضرورة نشر الوعي بالاستعمال الآمن للتكنولوجيا بالإضافة إلى تعزيز قيم المواطنة الرقمية.
 

التصدي للمشكلة
 

حددت الخبيرة التربوية نورا سيف المهيري بعض الأدوار المحورية التي تقع على عاتق المؤسسات لجهة التصدي لمشكلة التنمر الإلكتروني والحفاظ على بيئة تعليمية آمنة وداعمة للطلاب، تتمثل في مسؤولية نشر الوعي والتثقيف حول مخاطر التنمر الإلكتروني وآثاره السلبية على الصحة النفسية والاجتماعية للطلاب، وذلك من خلال إطلاق برامج توعية شاملة تستهدف الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين على حد سواء.
 

نورا المهيري:  تدريب الكادر التعليمي لتمكينه من التعرف على علامات التنمر والتعامل معها بفاعلية

 

وتابعت: على المؤسسات التعليمية إنشاء آليات فعالة للإبلاغ عن حالات التنمر والتعامل معها بسرعة، ما يتطلب تطبيق لائحة السلوك الطلابي، إضافة إلى تدريب الكادر التعليمي لتمكينه من التعرف على علامات التنمر والتعامل معها، إلى جانب توفير الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب بتوفير خدمات الإرشاد والعلاج النفسي وبرامج التأهيل والتمكين الاجتماعي لمساعدتهم على التعافي والتكيف، مؤكدة أهمية تعزيز المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى الطلبة، من خلال البرامج التعليمية والأنشطة اللاصفية.
 

تشريعات فعالة


هيام أبو مشعل:  تثقيف المراهقين حول مخاطره وتوجيههم للإبلاغ عن أي سلوك مسيء

من جانبها، أكدت المستشارة النفسية والأسرية الدكتورة هيام أبو مشعل أن النجاح في مواجهة التنمر الإلكتروني مرهون بتضافر جهود كل أفراد المجتمع من الآباء والأمهات والمدارس والمؤسسات والحكومات، علاوة على دور التثقيف والدعم النفسي والتشريعات الفعالة، وصولاً لحماية الأجيال الحالية والأجيال القادمة من هذا التهديد الرقمي المتزايد ومن خلال التعاون بين جميع الجهات من أجل إحداث التغيير الإيجابي والصحة النفسية في حياة المراهقين وحماية الفرد والمجتمع.
 

كما حددت مشعل بعض الخطوات الواجب اتخاذها من قبل أولياء الأمور وعدتها ضرورية للغاية أبرزها تثقيف المراهقين حول مخاطر التنمر الإلكتروني، وكيفية التعامل معه، وتوجيههم للإبلاغ عن أي سلوك مسيء، داعية الآباء إلى مراقبة نشاط أبنائهم على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والتحدث معهم بانتظام حول سلامتهم وأمنهم الرقمي.
 

وقالت: المؤسسات التعليمية والمجتمعية ذات العلاقة مطالبة بتطوير سياسات وبرامج فعالة لمنع التنمر الإلكتروني من خلال التعاون الوثيق بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، كجدار حماية من هذا التهديد الرقمي المتنامي وتداعياته على الصحة النفسية والذي يشكل خطراً مدمراً، حيث يتسبب بالشعور بالوصم والإقصاء الاجتماعي من خلال الإنترنت، والذي قد يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات والاكتئاب والقلق واضطرابات سلوكية وانفعالية، وفي بعض الحالات قد يدفع ذلك المراهقين إلى سلوكيات انتحارية.
 

وأكدت أهمية أخذ هذه المشكلة على محمل الجد، مع توفير الدعم النفسي اللازم للضحايا، وتوعية المتنمرين أنفسهم لعدم دراية البعض منهم بالأضرار النفسية والاجتماعية التي يسببونها من خلال برامج توعية في المدارس والمجتمع، مهيبة بضرورة تعليمهم وإرشادهم عن عواقب أفعالهم وتشجيعهم على التصرف بمسؤولية أكبر على الإنترنت، علاوة على إلزامية تفعيل التشريعات والسياسات التنظيمية والتي تشكل دوراً محورياً في معالجة مشكلة التنمر الإلكتروني من خلال وضع الحكومات والمنظمات المعنية قوانين صارمة لمعاقبة السلوكيات المسيئة على الإنترنت وتوفير آليات فعالة للإبلاغ عن الحوادث والتحقيق فيها.
 

دعم نفسي
 

من جانبها، شددت المستشارة التربوية والنفسية الدكتورة ميساء عبدالله، على أهمية الدعم النفسي للطلبة الواقع عليهم التنمر، موضحة أن هذه التجربة قد تؤثر بشكل سلبي على صحتهم العقلية والعاطفية وتؤدي إلى مشكلات مثل القلق والاكتئاب والانعزال الاجتماعي، مؤكدة أن توفير الدعم النفسي الفردي والجماعي يساعد على التعامل مع آثار التنمر وتطوير استراتيجيات للتعامل معها بشكل صحي، لافتة إلي أن هذا الدعم قد يتضمن جلسات إرشادية، وتمارين لبناء الثقة، وتطوير مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي.

ميساء عبدالله:  توفير الدعم النفسي للطلبة المتأثرين سواء ضحاياه أم مرتكبيه

 

ولفتت إلى أهمية توفير الدعم النفسي للطلبة المتنمرين، وقالت: «قد يكون هؤلاء الطلبة بحاجة إلى المساعدة للتعامل مع العوامل المساهمة في سلوكياتهم العدوانية، مثل الصعوبات الأسرية أو الاجتماعية، وتوفير برامج تدريبية وإرشادية لهؤلاء الطلبة قد يساعدهم على تطوير المهارات والاستراتيجيات اللازمة للتعامل مع نزاعاتهم بطرق بناءة وغير عنيفة».
 

وذكرت أن توفير الدعم النفسي للطلبة المتأثرين بالتنمر، سواء أكانوا ضحايا أم مرتكبي التنمر، أمر بالغ الأهمية، حيث يساعد هذا الدعم على معالجة الآثار النفسية للتنمر وتطوير استجابات إيجابية وسليمة، وذلك من خلال التدخل المبكر والشامل، ولتعزيز بيئة آمنة وداعمة للطلبة جميعاً.

 

وركزت المعلمة سها وائل شعشاعة، على الأنشطة الموجهة ودورها في تعديل سلوك الطلبة والحد من ظاهرة التنمر والانتقاد السلبي للزملاء، وذلك من خلال تقديم قصص وسيناريوهات تحمل قيم التعاون والاحترام المتبادل بين الطلاب.
 

سها شعشاعة:  تقديم قصص وسيناريوهات تحمل قيم الاحترام المتبادل بين الطلاب

وتابعت: على سبيل المثال «المسرحيات المدرسية» ومساهمتها في إظهار الأثر النفسي والاجتماعي الناجم عن التنمر على الطلبة، وذلك من خلال عرض مواقف واقعية تواجه الطلاب المعرضين للتنمر، ثم تقديم الحلول المناسبة لمعالجة هذه المشكلة، مما يعزز وعي الطلاب بمخاطر التنمر وأهمية بناء علاقات إيجابية فيما بينهم.
 

مبادرة دولية
 

وقالت التربوية حنان بوادي إنها حرصت على إشراك طالباتها في مبادرة «نحو مجتمع إلكتروني آمن»، وذلك بالتعاون مع أكاديمية دولية معتمدة، شارك فيها طلبة من مختلف أنحاء الدولة، وتم التركيز فيها على مفهوم التنمر الإلكتروني، وعرضوا بعض المواقف التي واجهتهم، وقدموا نصائح لزملائهم تساعدهم على الوقاية من التنمر والحماية في حال وقوعها.

حنان بوادي:  أشركنا طالباتنا في مبادرة «نحو مجتمع إلكتروني آمن» بالتعاون مع أكاديمية دولية معتمدة

 

وأوضحت البوادي أنها استعرضت من خلال المبادرة علامات استجابة الأبناء للتنمر الإلكتروني وطرق الوقاية منه وتجنب الوقوع في هذا الفخ وطرق التعامل مع مثل هذه المواقف في حال التعرض لها.
وأضافت إن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة مشاركة المعلومات مع الآخرين لعب دوراً واضحاً في مواجهة أبنائنا للتنمر الإلكتروني والابتزاز الرقمي بآفاته أو ما يطلق عليه التسلط الرقمي وهو الاستخدام المتعمد للتكنولوجيا بهدف إيذاء الآخرين.
 

مبادرة رقمية
 

أفادت التربوية ياسمين زهرة أن الواقع عليه التنمر يمكن أن يصعب عليه الإبلاغ، لذلك حرصنا على إطلاق مبادرة رقمية يمكن من خلالها الإبلاغ عن حالات التنمر سواء من شهود الواقعة أم من الواقع عليه التنمر بكل سرية، وذلك من خلال رابط يستطيع الطالب من خلاله إرسال رسالة للمعلم يشرح فيها الموقف الذي تعرض له ليتدخل الأخصائي أو الشخص البالغ ويعالج الظاهرة بالتفاهم مع طرفي الظاهرة.

ياسمين زهرة:  أطلقنا مبادرة رقمية للإبلاغ برابط يستطيع الطالب من خلاله إرسال رسالة للمعلم

وأردفت: إن محاربة التنمر ليست مسؤولية فردية، بل هي جهود جماعية تتطلب تعاوناً من جميع أفراد المجتمع ولا سيما الهيئة التعليمية والتربوية، حيث يمكن أن يلعب الأفراد دوراً فعالاً في محاربة التنمر من خلال الشجاعة في التصرف عند مشاهدة حالات التنمر، سواء بالإبلاغ عنها للسلطات المعنية أم بدعم الضحايا والوقوف بجانبهم.
 

وذكرت معلمة الرياضيات مها عكاشة أنها عملت على تنفيذ مبادرة لمكافحة التنمر الإلكتروني على مدار ثلاث سنوات، وتضمنت المبادرة إضافة وحدة إلكترونية تحتوي على فيديوهات كرتونية، وعروض بوربوينت، ونصائح وإرشادات على بوابة التعلم الذكي تحت بند الخطة الدراسية.
 

وأضافت: إنها «خلال الحصص اليومية» تعرض فقرة إرشادية أو فيديو أو تجري مناقشة عصف ذهني حول موضوع التنمر الإلكتروني أو الاستخدام الآمن للإنترنت لطلاب المدارس، بالإضافة إلى ذلك، تم تشكيل فريق الوعي والإرشاد بالأمن والتنمر الإلكتروني في المدرسة، والذي يتألف من مجموعة من الطالبات، حيث ينفذ هذا الفريق دورات توعية لطالبات المدرسة خلال حصص النشاط أو حصص الاحتياط تحت إشرافها.
 

هوية المتنمر

يعقوب الحمادي: إخفاء المتنمر لهويته وقدرته على النفاذ لأكبر عدد من الضحايا أهم التحديات

وقال الخبير التربوي يعقوب الحمادي إن أحد أهم التحديات التي تواجه التنمر الإلكتروني كونه يحدث في أي وقت، إضافة إلى سهولة إخفاء المتنمر لهويته وقدرته على النفاذ لأكبر عدد من الضحايا، ما يجعل المسؤولية كبيرة لا سيما على الأسر، مشيراً إلى الجهود التي تبذلها المدارس لتوعية الطلبة وتسليحهم بالوعي والقدرة على التصرف في حال تعرضهم للتنمر الإلكتروني علاوة على تدريب الهيئات التدريسية والإدارية وتمكينها للتعامل مع طرفي المعضلة «المتنمر والمتنمر عليه».
 

Email