أكاديميون وطلبة: ضرورة وجود منصة لاحتضانها وتحويلها واقعاً

مشاريع التخرج.. أفكار واعدة تواجه التحديات وتستشرف المستقبل

الطلبة في الإمارات أثبتوا كفاءتهم في تقديم مشاريع تواكب متطلبات العصر | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد مشاريع التخرج علامة بارزة على مدى وعي وإدراك الطلبة لما تعلموه منهجياً وربطه بواقعهم المعاش، حيث يقدم الطلبة سنوياً من مختلف التخصصات والبرامج مشروعات تعكس اهتمامهم بالمجالات البيئية والاقتصادية والإنسانية والثقافية والتراثية وغيرها، حتى بدت تلك المشاريع علامات مضيئة تنبئ بجيل ذي طاقات واعدة، وتجد مشاريعهم حلولاً ناجعة للتحديات التي تواجهها الدول والمجتمعات.

وأكد عدد من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي والأكاديميين والطلبة في حديثهم لـ «البيان»، ضرورة وجود منصة تجمع هذه المشاريع وفقاً لتصنيفات الحلول التي توفرها للتحديات الحالية والمستقبلية، بحيث يمكن للمؤسسات والجهات المعنية والشركات الاطلاع عليها وتبني الملائم منها وتطويرها عبر التواصل مع الجامعات والطلبة بهدف فتح آفاق النمو المستدام، انطلاقاً من أن العلم هو قاطرة التطوير في شتى المجالات، والاقتصادية في مقدمتها.

 

أفكار مبدعة

أكد هلال الكعبي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، الدور المهم الذي تقوم به الجامعات في دولة الإمارات، حيث تعتبر مراكز حيوية للابتكار والأبحاث الرائدة، وتتولد من خلالها الأفكار المبدعة والحلول المستقبلية للتحديات الراهنة، بما يحقق رؤية الدولة الطموحة نحو الابتكار والاستدامة.

هلال الكعبي: جامعات الدولة مراكز حيوية للابتكار والأبحاث الرائدة

 

وأوضح أن ذلك يتأتى من خلال الشراكات والاتفاقيات الاستراتيجية الفاعلة مع الجهات الحكومية والصناعية وجهات أخرى تحتضن وتستهدف المشاريع الطلابية الاستثنائية ذات الأفكار الهادفة والخلاقة، الأمر الذي يسهم في تعزيز مسيرة التعليم وبناء مهارات رواد المستقبل وتعزيز قدراتهم لمواجهة التحديات باختلافها.

من ناحيتها، أشارت ناعمة الشرهان، عضو المجلس الوطني الاتحادي، إلى أهمية التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية من أجل تحويل الأفكار الإبداعية للطلبة إلى مشاريع واقعية قابلة للتنفيذ، لافتة إلى أن هذا التعاون المثمر لا يعزز من قدرة الطلبة على تحقيق طموحاتهم فحسب، بل يسهم أيضاً في تقديم حلول ملموسة للتحديات التي تواجه العالم بشكل عام.

 

مرتكزات

وأكد الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، أهمية الدور الذي تلعبه الجامعات في تحقيق أحد أهدافها وهو السعي من خلال المشاريع التي تتطلبها التخصصات، إلى إيجاد الحلول للتحديات الصناعية أو البيئة أو الاجتماعية أو غيرها.


عيسى البستكي:  أهمية الموازنة بين مشاريع التخرج التقليدية والتي  تدعم المجتمع

 

وقال إن المؤسسات الأكاديمية الحديثة مبنية على مرتكزات أساسية، أبرزها التعاون بين الجهات الحكومية والصناعية والمؤسسات الأكاديمية، لذا كان من الضروري أن تخرج الجامعات طلبة يلبون حاجة قطاع الصناعة والحكومة من العلوم الأكاديمية التي درسوها في الجامعات ومتسلحين بالمهارات الأساسية والوظيفية عن طريق التدريب اللازم لسوق العمل.

وأوضح أن جامعة دبي تضم مراكز بحثية تابعة للحكومة يعمل الطالب فيها لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات المطروحة من قبل الحكومة، من خلال مشروع التخرج، وأشار إلى أهمية الموازنة بين مشاريع التخرج التقليدية والمشاريع التي تساعد المجتمع على التصدي لتحدياته، منوهاً إلى ضرورة أن يتصدى مشروع التخرج لتحدٍ واقعي.

 

تعليم تطبيقي

وقال محمد عبدالله رئيس معهد دبي للابتكار والتصميم، إن التعليم في المعهد هو تعليم تطبيقي طوال سنوات الدراسة الأربع، مشيراً إلى أن كل البرامج والمواد التي يتم تدريسها تتطلب من الطالب إعداد مشروع يبين مدى وعيه لما درسه، وذلك في كل فصل دراسي وليس في التخرج فقط.


محمد عبدالله:  ضرورة إعداد الطالب مشروعاً يبين مدى وعيه لما درسه

 

وأوضح أن المعهد يطرح مساقات تدرس بالكامل في الميدان مثل إحدى المواد المتعلقة بتحديات أصحاب الهمم، حيث يتم تدريس هذا المساق بالكامل في مركز النور لأصحاب الهمم ليتيح للطلبة التعرف عن كثب على التحديات الواقعية التي تواجه هذه الشريحة ومن ثم العمل على ابتكار أدوات تساعدهم على العيش بشكل أفضل.

 


محمد عبد الرحمن:  المؤسسات تتبنى المشاريع البحثية لتعزيز الابتكار وتطوير المعرفة

 

من جهته، أفاد الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن مدير جامعة الوصل بدبي أن الجامعة وجهت نيابة شؤون البحث العلمي بضرورة التواصل مع الجهات المعنية وذات الصلة برعاية وتبني المشاريع البحثية للطلبة، مشيراً إلى أن المؤسسات تتبنى المشاريع البحثية لأسباب عدة من أهمها تعزيز الابتكار وتطوير المعرفة والتكنولوجيا وخدمة المجتمع.

 

تعاون بناء

وأوضح الدكتور سيف النيادي، أستاذ مساعد في جامعة العين، أن جامعات الدولة تحرص كل الحرص على تجسيد التعاون البناء، للأخذ بيد الطلبة ومشاريعهم ودعمهم بحيث تكون قابلة للتنفيذ، وتحويل مشاريعهم إلى شركات ناشئة ناجحة.


سيف النيادي:  تعزيز التعاون للأخذ بيد الطلبة وتحويل مشاريعهم إلى شركات ناشئة ناجحة

 

وذكر النيادي مثالاً لحاضنة «كيه - تيك» (Khalifa Innovation Center) «مركز خليفة للابتكار» في جامعة خليفة، والذي تعمل الجامعة من خلاله على احتضان مشاريع الطلبة المبتكرة لتحويلها إلى شركات ناشئة ناجحة، مثل مشروع «نظام التعرف على الوجه الذكي» الذي طورته مجموعة من الطلبة، وحصل على دعم مالي وتقني من الحاضنة وتم تسويقه بالتعاون مع جهات حكومية.

وأضاف إنه بالتعاون مع شركة «مبادلة» للاستثمار، أنشأت جامعة خليفة مركزاً للأبحاث المتقدمة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تطوير حلول مبتكرة للتحديات الصناعية والطبية، بمشاركة طلبة الجامعة في مشاريع البحث والتطوير.

وتابع قائلاً: كما تنظم الجامعة الأمريكية في الشارقة سنوياً مسابقة للابتكار وريادة الأعمال، وتستهدف طلبة الجامعة، وتوفر المسابقة منصة لعرض أفكارهم الابتكارية أمام لجنة من الخبراء والمستثمرين، ويحصل الفائزون على دعم مالي وإرشادي لتحويل أفكارهم إلى مشاريع تجارية.

وأكد الدكتور النيادي على ضرورة تعزيز الروابط بين الجامعات والشركات من خلال تشجيع إقامة ورش عمل ومؤتمرات مشتركة بين الجامعات والشركات.

تعزيز الوعي

من جهتهم، أكد عدد من الطلبة أن المشاريع تعزز وعيهم بالقضايا والتحديات المختلفة، وأن المشاريع التي تتطلبها التخصصات منهم بالإضافة إلى المعارض التي تنظمها الجامعات، تعمل على تنمية روح الإبداع لديهم، وتحثهم على استغلال الموارد المتاحة، وتشجعهم على تصميم وتطوير تجاربهم ومشروعاتهم العلمية، ويدفعهم نحو التفكير الإبداعي والمستقل، وأكدوا أهمية وجود جهة تحتضن هذه المشاريع وتدعمها لتصبح قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

 

وقال الطالب أحمد محمد عبد المنعم من جامعة روشستر بدبي، إن هذه المشاريع تساعد في إعداد قاعدة متنوعة من الكوادر الوطنية الاستشارية التي تسهم في دفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات بالدولة، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع يحتاج إلى إمكانات مادية، وإلى مؤسسات مختصة تتولى تطويرها والارتقاء بها وتقديمها للعالم كابتكارات ببصمة إماراتية.

 

وأكدت الطالبة رئيسة المهيري من جامعة زايد، ضرورة وجود منصة أو مظلة ترعى هذه المشاريع وتضمها تحت سقفها لتكون مرجعاً، للاستفادة منها، مشيرة إلى أن الطلبة يشرعون سنوياً وفي كل فصل دراسي في تنفيذ مشاريع كتطبيق لهم على ما تمت دراسته خلال سنوات الدراسة، وبعض المشاريع تتحول إلى شركات ناشئة، ترفد السوق ببعض الوظائف، وتسهم في دخول الشباب لسوق العمل كأصحاب أعمال.

 

بدورها، قالت الطالبة هدى محمد عوض من جامعة الوصل بدبي، إن تبني مشاريع الطلبة وتطويرها وتنفيذها على أرض الواقع سيعود بالنفع العام على المجتمع، وجودة الخدمات وتطويرها، فضلاً عن التصدي للتحديات، الأمر الذي بدوره يدعم روح التنافسية والاجتهاد بين الطلاب.

Email