أكد تربويون أن المدارس تقف أمام مسؤولية كبيرة في بداية العام الدراسي الجديد تتجاوز مجرد نقل المعرفة إلى الطلاب، فهي مطالبة بإعدادهم نفسياً وذهنياً للانخراط في عملية تعليمية شاملة تتجاوب مع احتياجاتهم وتواكب تطلعاتهم المستقبلية، ولم يعد النجاح الأكاديمي وحده كافياً لقياس جودة التعليم، بل أصبح التركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية والابتكارية وأساليب تدريس نوعية وأنواع التعليم للطلاب جزءاً لا يتجزأ من هذه المسؤولية.

وتتمثل تلك الأدوار في التهيئة النفسية والاجتماعية كأحد الأدوار الأساسية التي تعمل المدرسة عليها من خلال تنظيم أنشطة ترحيبية، مما يساعدهم على الاندماج بسرعة مع زملائهم ومعلميهم، بالإضافة إلى تقديم التوجيه الأكاديمي، من خلال إرشادات واضحة حول المناهج الدراسية وأهداف كل مادة، ليتمكن الطالب من فهم ما هو مطلوب منه لتحقيق النجاح الأكاديمي، كما يتمثل دورها في أهمية التواصل مع الأهل، حيث تنسق المدرسة بشكل مستمر مع أولياء الأمور، ويتم ذلك عبر اجتماعات أو نشرات إخبارية توضح دور الأهل في دعم أبنائهم خلال العام الدراسي، مما يسهم في تكامل الأدوار بين المدرسة والمنزل، ويعزز من استقرار العملية التعليمية.

ودعا التربويون الإدارات المدرسية إلى التركيز على إعداد بيئة تعليمية مشجعة، عن طريق توفير بيئة محفزة مزودة بوسائل تعليمية حديثة، تساهم في تشجيع الطلاب على التفاعل والمشاركة بفعالية داخل الصف، مما يعزز من تجربتهم التعليمية.

كوادر

وقالت عائشة ميران مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي «مع اقتراب انطلاقة العام الدراسي الجديد، نرحب بعودة الكوادر التعليمية في جميع مراكز الطفولة المبكرة والمدارس والجامعات في الإمارة ، هذه المؤسسات، التي ستنبض فصولها وقاعاتها بالحيوية والنشاط، إن الدور الحيوي الذي تقوم به الكوادر التعليمية لا يمكن الاستغناء عنه، حيث يشكلون الركيزة الأساسية في بناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل».

وأعربت ميران عن شكرها وتقديرها للمعلمين والمعلمات الذين يواصلون العمل بجد واجتهاد من أجل تحقيق أهدافنا المشتركة، مشيرة إلى أن الجهود المبذولة من قبلهم تسهم بشكل مباشر في تعزيز مكانة دبي وجهة تعليمية متميزة على مستوى المنطقة والعالم.

وأضافت ميران: «إننا على ثقة أن العام الدراسي الجديد سيشكل محطة أخرى للتميز في مسيرة التعليم بدبي، أتمنى لكل تربوي يساهم بدوره في رسم مستقبل مجتمعنا بداية سعيدة وانطلاقة ناجحة، فمع بدء العام الدراسي الجديد، ستنبض مدارسنا ومراكز الطفولة المبكرة وجامعاتنا بالحياة والنشاط بصحبة طلبتنا المتحمسين للتعلم والاستكشاف، وأرجو أن تفتح تجربة التعلم آفاقاً رحبة لطلبتنا، ليمتد تأثير المعلمين إلى ما هو أبعد من جدران الفصول الدراسية».

خطط ومرونة

من جهته أكد الخبير التربوي الدكتور عبداللطيف الشامسي أن بداية الدراسة تحتاج من المؤسسات التعليمية وضع خطط قابلة للتنفيذ منذ اليوم الأول لتأهيل الطالب وجذبه نحو العملية التعليمية، موضحاً أن نجاح العملية التعليمية يبدأ من اليوم الأول، حيث يجب أن يتم تقديم محتوى دراسي مشوق يتناسب مع ميول الطلاب وقدراتهم، مع التركيز على تهيئتهم نفسياً وعاطفياً لتقبل البيئة المدرسية.

وأشار الشامسي إلى أن المؤسسات التعليمية يجب أن تضع برامج وأنشطة تفاعلية تساهم في تعزيز الثقة بين الطلاب والمعلمين، مما يسهل عليهم التأقلم مع الجو الدراسي الجديد، مؤكداً أن التركيز على بناء علاقات إيجابية منذ البداية يسهم في خلق بيئة تعليمية محفزة تساعد الطلاب على التفاعل والمشاركة بفعالية.

وأضاف الشامسي إن استخدام التقنيات الحديثة في تقديم الدروس من اليوم الأول يعتبر عاملاً حاسماً في جذب انتباه الطلاب، خصوصاً في ظل التطور السريع الذي يشهده العالم في هذا المجال، كما دعا إلى أهمية تدريب المعلمين على استخدام هذه التقنيات بفعالية لضمان تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة. وفي سياق آخر، شدد الشامسي على ضرورة أن تكون الخطط التعليمية مرنة وقابلة للتكيف مع التحديات التي قد تطرأ خلال العام الدراسي، مثل التطورات التقنية.

ركيزة أساسية

وأشارت التربوية الدكتورة مروة علي مهيأ إلى أن العمل الجاد منذ اليوم الأول من العام الدراسي هو الركيزة الأساسية للارتقاء بمهارات الطالب وتحقيق الأهداف التعليمية المرجوة، موضحة أن البداية القوية تساهم في وضع الأساس السليم لبناء قدرات الطلاب، سواء في الجانب الأكاديمي أم الشخصي، مما يضمن تقدمهم المستمر طوال العام الدراسي.

وأضافت إن التنسيق مع الأسرة يعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا العمل، إذ إن دور الأهل لا يقل أهمية عن دور المدرسة في دعم الطالب، مؤكدة أن التعاون بين الطرفين يسهم في خلق بيئة متكاملة تدعم تطوير مهارات الطالب وتعزز من فرص نجاحه، كما أشارت إلى ضرورة تحديد أهداف واضحة منذ البداية والعمل على تحقيقها بشكل تدريجي.

وفي إطار تعزيز التعاون مع الأسرة، اقترحت الدكتورة مروة تنظيم لقاءات دورية بين المعلمين وأولياء الأمور «أونلاين» لمتابعة تقدم الطلاب وتبادل الأفكار حول كيفية دعمهم بشكل أفضل.

وفي فكرة جديدة، اقترحت الدكتورة مروة تبني برنامج «تحدي الأسبوع الأول»، الذي يهدف إلى تحديد تحديات صغيرة ومحددة للطلاب تتعلق بمهاراتهم الشخصية والأكاديمية، على أن يتم تنفيذها بدعم من المدرسة والأسرة، مؤكدة أن هذا البرنامج يعزز من روح المثابرة لدى الطلاب ويشجعهم على التطور المستمر منذ بداية العام الدراسي.

تعزيز الانتماء

وأشارت وئام عمر جبر، مديرة مدرسة الأهلية الخيرية فرع القادسية بنات، إلى أهمية تعزيز الانتماء لدى الطلاب منذ اليوم الأول من التحاقهم بالمدرسة، موضحة أن هذا يتم من خلال تنظيم برامج وأنشطة هادفة تهدف إلى تعزيز ارتباط الطلاب بالمدرسة.

وأضافت وئام عمر جبر إن هذه الأنشطة تلعب دوراً كبيراً في خلق بيئة مدرسية إيجابية، مما يساعد الطلاب على الاندماج السريع وتطوير شعور قوي بالانتماء، وهذا الشعور يعزز من مشاركتهم الفعالة في الأنشطة الدراسية والاجتماعية، ويشكل أساساً لنجاحهم الأكاديمي.

وأفادت بانتهاء استعدادات مدرستها بشكل كامل لاستقبال الطالبات في العام الدراسي الجديد، حيث تم وضع خطط شاملة تهدف إلى جذب الطالبات وتحفيزهن على التفاعل مع العملية التعليمية من اليوم الأول، موضحة أن هذه الخطط تستند إلى تقديم بيئة تعليمية محفزة وآمنة، تتيح للطالبات التعبير عن أنفسهن والمشاركة الفعالة في الأنشطة الدراسية.

وأضافت إن المدرسة وضعت ضمن أولوياتها رفع مهارات الطلبة وفقاً لاحتياجاتهن وتطلعاتهن، بالإضافة إلى تقديم أنشطة ترفيهية وتربوية تساهم في كسر الحواجز النفسية وتعزيز الشعور بالانتماء للمدرسة، مؤكدة أن إدارة المدرسة قامت بتدريب المعلمات على أفضل الأساليب التربوية والتقنيات الحديثة، لضمان تقديم دروس مشوقة وممتعة تشجع الطالبات على المشاركة الفعالة منذ البداية.

وأشارت وئام عمر جبر إلى أن المدرسة وضعت برنامجاً خاصاً للترحيب بالطالبات الجدد، يهدف إلى تسهيل اندماجهن في البيئة المدرسية وتكوين علاقات إيجابية مع زميلاتهن ومعلماتهن، ويشمل هذا البرنامج أنشطة تفاعلية تهدف إلى بناء الثقة وتعزيز التعاون بين الطالبات.

معلمون مصدر دعم

وفي بداية العام الدراسي، تتزايد أهمية تنظيم أنشطة تهدف إلى تعزيز التواصل بين المعلمين والطلاب، وأكد عدد من المعلمين الدور المهم الذي تلعبه هذه الأنشطة في بناء علاقات قوية بين الجانبين، مما يعزز من بيئة التعليم ويسهم في تحسين الأداء الأكاديمي والتفاعل داخل الصفوف الدراسية.

ويرى المعلمون أهمية كبيرة لمثل هذه الأنشطة في تحقيق تجربة تعليمية مثمرة للجميع. وأكد صلاح الحوسني، رئيس مجلس جمعية المعلمين، أن التخطيط المبكر من قبل المعلم هو العامل الأساسي في جعل العام الدراسي مثالياً على المستويين الأكاديمي والنفسي للطلاب، موضحاً أن المعلم الذي يبدأ العام الدراسي بخطة واضحة وشاملة يتمكن من توجيه طلابه نحو تحقيق أهدافهم الأكاديمية وتطوير مهاراتهم الشخصية، مما ينعكس إيجاباً على تجربتهم التعليمية. وأضاف الحوسني أن التحضير الجيد للدروس والأنشطة منذ اليوم الأول يساهم في خلق بيئة تعليمية منظمة وجاذبة، حيث يشعر الطلاب بالراحة والثقة في قدرتهم على النجاح، مشيراً إلى أن التخطيط المبكر يسمح للمعلم بتحديد احتياجات الطلاب بشكل دقيق ووضع استراتيجيات لتلبية تلك الاحتياجات، مما يعزز من تفاعلهم مع المادة الدراسية ويزيد من حماسهم للتعلم.

علاقات إيجابية

وقال المعلم أيمن النقيب، إن بناء علاقة إيجابية مع الطلاب منذ اليوم الأول هو أساس نجاح العملية التعليمية، هذه العلاقة لا تتشكل بشكل تلقائي، بل تحتاج إلى جهد من المعلم لتنمية الثقة المتبادلة والاحترام، وتنظيم أنشطة كسر الجليد يعتبر من أفضل الطرق لتحقيق ذلك، حيث تتيح للطلاب التعرف على معلميهم وزملائهم في جو غير رسمي ومريح.

وأضاف النقيب إن مثل هذه الأنشطة تساهم في تعزيز روح الفريق والعمل الجماعي بين الطلاب، لافتاً إلى أنه عندما يشعر الطلاب بأنهم جزء من مجموعة مترابطة، يكون لديهم دافع أكبر للمشاركة والتفاعل.

قدوة

من جانبها، أوضحت المعلمة رانيا محمد، أن دور المعلم يتجاوز مجرد تقديم المعرفة إلى أن يصبح قدوة ومصدر دعم للطلاب، مشيرة إلى أن الطلبة يشعرون بالقلق أو التوتر تجاه ما ينتظرهم في بداية العام الدراسي، وهنا يأتي دور المعلم في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي من خلال أنشطة كسر الجليد، وهذه الأنشطة تساعد في خلق بيئة من الثقة والراحة، حيث يمكن للطلاب أن يشعروا بأنهم مقبولون ومحترمون.

تكيف الطلاب

وقالت الدكتورة ميساء عبدالله إن الدعم النفسي والاجتماعي أصبح من العناصر الأساسية لضمان تكيف الطلاب مع التحديات الدراسية والاجتماعية، مما يسهم في خلق بيئة تعليمية صحية وآمنة، وتعتبر البرامج النوعية التي تحفز الابتكار والإبداع لدى الطلاب محركاً رئيسياً في إعداد جيل قادر على مواجهة المستقبل بثقة واقتدار.

وأوضحت أن الدعم الأسري يلعب دوراً حيوياً في توفير الدعم للطلاب في بداية مرحلتهم الدراسية، وذلك من خلال تقديم الدعم العاطفي والنفسي من خلال تعزيز ثقته بنفسه وشعوره بالأمان، والاستماع والتفهم لمخاوفه وقلقه بشأن الدراسة والتغييرات الحياتية، والتشجيع على التعبير عن مشاعره، كل ذلك يساهم في إشباع حاجاته النفسية ومساعدته على التكيف.

وبالإضافة إلى الدعم العاطفي، تقوم الأسرة بتقديم المساعدة العملية للطلاب في بداية مسيرتهم الدراسية، من خلال مساعدتهم في تنظيم وقتهم وإدارة مهامهم الدراسية، وتوفير بيئة هادئة ومناسبة للدراسة في المنزل، إضافة إلى المساعدة في الوصول إلى المدرسة وتحضير الوجبات والملابس، يمكن للأسرة أن تخفف من العبء العملي على الطالب ليركز على تحصيله الأكاديمي.

الدعم المعنوي والتوجيه

وقالت إن الأسرة مطالبة بتقديم الدعم المعنوي والتوجيه للطلاب في بداية مرحلتهم الدراسية، من أجل تعزيز دافعيتهم ومساندتهم على تجاوز التحديات، وتقديم النصح والتوجيه بشأن القرارات المهمة، ومساعدتهم في وضع أهداف واقعية وخطط لتحقيقها، يمكن للأسرة أن تساعد الطلاب على إيجاد الاتجاه الصحيح وتحقيق النجاح.

تأهيل

بدورها، قالت التربوية الدكتورة رانيا مدحت إن المرحلة الثانوية من أكثر المراحل الدراسية التي تحتاج إلى دعم وإعداد في بداية العام الدراسي الجديد، حيث ينتقل الطلاب في المرحلة الثانوية من نظام المواد المفتوحة إلى التخصصية، وهذا التحول يتطلب من الطلاب تنظيم وإدارة وقتهم بشكل أكثر تحدياً مقارنة بالمراحل الدراسية السابقة، بالإضافة إلى أن المناهج الدراسية تتطلب مهارات دراسية متقدمة مثل التحليل والبحث والكتابة، وهذا يتطلب إعداداً جيداً للطلاب لاكتساب هذه المهارات.

ساعة بيولوجية

أما الاختصاصية الاجتماعية شاهيناز أبو الفتوح فأكدت على أهمية ضبط الساعة البيولوجية للطلاب في بداية العام الدراسي، وذلك لتحسين تركيزهم وأدائهم الأكاديمي، موضحة أن النوم الكافي أمر في بالغ الأهمية للطلاب خلال فترة الدراسة، ويجب أن ينام الطالب من 8 إلى 10 ساعات كل ليلة لضمان حصوله على القدر الكافي من الراحة، فالنوم المنتظم يعزز من قدرة الطلاب على التركيز والاستيعاب في الفصل الدراسي.