قال الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، إن التردد في أخذ لقاح كورونا يعتبر تساهلاً غير حميد، ويكون من التواكل المذموم، داعياً إلى عدم الاستماع إلى الشائعات التي يتناقلها الناس لتثبطهم عما ينفعهم وينفع مجتمعهم ولا يضرهم، في وقت حث فيه المواطنين والمقيمين على حمد الله وشكره، ثم شكر القيادة الرشيدة التي سارعت لتوفير اللقاحات المختلفة حفاظاً على سلامة وصحة المجتمع.
وأوضح الدكتور الحداد لـ«البيان» أن أخذ لقاح كورونا ومسحاتِ الأنف أو من خلال قطرات الدم في رمضان لا تفطر الصائم، وأن التقيؤ اللاإرادي يأخذ الحكم نفسه حتى وإن وجد الصائم طعمه في الحلق ورجع للجوف.
ودعا فضيلته إلى التصدق لإطعام الصائمين وإخراج فدية الصيام من المرضى وكبار السن، عن طريق الجهات المرخصة من الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتوزيع الآمن، والالتزام بعد إقامة التجمعات لما في ذلك من إلحاق الضرر بالصائمين وغيرهم من المجتمع بانتقال العدوى سريعاً.
التداوي
وعن ضرورة أخذ اللقاح قال كبير مفتين:«على الناس أن يبادروا لأخذ اللقاحات التي هي سبب رئيس لتقليل انتشار العدوى، وتقليل أثر الإصابة إن وقعت كما تفيد الجهات الخاصة في الدولة وفي العالم، والتردد في ذلك يعتبر تساهلاً غير حميد، ويكون من التواكل المذموم، فإننا مأمورون بالتداوي والأخذ بأسباب الوقاية النافعة لنا ولغيرنا، فلا ينبغي سماع الإشاعات التي يتناقلها الناس لتثبطهم عما ينفعهم وينفع مجتمعهم ولا يضرهم، فإن مثل هذه المسألة لا تُؤخذ إلا من المتخصصين وهم الأطباء والجهات الرسمية الراعية للناس، وقد أثبتت وزارة الصحة ولجنة الأزمات والطوارئ أن هذا اللقاح مفيد للفرد والمجتمع، وسارعت الدولة حرسها الله وأعز شأنها بتوفيره بمبالغ طائلة، وطرحته مجانا لعموم الناس، من أجل مصلحتهم وحمايتهم.
وتابع:» بينما نرى ونسمع كثيرا من الدول الغنية فضلا عن الفقيرة لم توفره لرعايها بالشكل المطلوب، وبعضها وفرت شيئاً من اللقاح بمبالغ كبيرة يتحملها الفرد، فعلى الناس أن يحمدوا الله تعالى ويشكروا شيوخنا الكرام وحكومتنا الرشيدة التي سارعت لتوفير اللقاحات المختلفة، ويشكروا المولى سبحانه أن هيأ لهم هذه الحكومة الرشيدة التي تسعى لمصالحهم منفعتهم.
صيام صحيح
وأكد الدكتور أحمد الحداد أن أخذ لقاح كوفيد 19 في شهر رمضان يُفطر لا لأنه يكون عن طريق العضد فلا يؤثر على صحة الصوم كسائر الإبر العضدية أو العضلية، فيجوز للصائم أخذها ولا حرج في ذلك شرعا، فإنه لا يفطر الصائم إلا ما دخل الجوف من المنافذ المفتوحة كالفم والأنف ونحوهما، أو كانت الإبرة مغذية عن طريق الوريد فإن هذه تقوم مقام الطعام والشراب، فتفطر الصائم، فإن كان الإنسان مريضا جاز له أن يفطر، فإن ذلك رخصة من الله تعالى كما قال جل شأنه: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. أي فأفطر فعليه قضاء ما أفطره في أيام أخر.
«أما الإبر التي لا تفطر كإبر لقاح كورونا فإن الصوم معها صحيح».
فحوصات غير مفطرة
وبين مدير إدارة الإفتاء أن المسحات التي تؤخذ من الأنف أو من خلال قطرات الدم لا تفطر الصائم، «فيجوز أخذها ولا حرج؛ لأن مسحة الأنف ليس فيها مادة تدخل الجوف، بل تؤخذ عيِّنة لفحصها في الخارج، وذلك لا يؤثر على صحة الصوم».
وقال إن سحب الدم من الصائم لفحص كورونا، أو كان حجامة لا يفطر الصائم عند جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية «خلافاً للحنابلة، فإنهم يروم الحجامة مفطرة، لحديث» أفطر الحاجم والمحجوم»، إلا أن الجمهور رأوا أن هذا الحديث معارض بحديث عائشة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم»، وحملوا حديث رافع ابن خديج على الكراهة، وحديث ابن عباس على الجواز، أو أنه من باب ما يؤول إليه أمر الحاجم من احتمال وصول الدم إلى حلقه فيفطر، حيث كانت الحجامة بطريقة مصّ الدم بنفس الحاجم، والمحجوم بأن الحجامة قد تضعفه فتحمله على الفطر، فيكون من باب المجاز المرسل باعتبار ما يؤول إليه حال كل من الحاجم والمحجوم، وهذا من أجل الجمع بين الحديثين المتعارضين وكلاهما صحيح.
أعراض
وعن تصرف الصائم الذي يشعر بأعراض تعب ويتقيأ نتيجة مرض كورونا أو أخذ اللقاح قال: «التقيؤ القهري غير المتعمد لا يفطر الصائم، حتى وإن وجد طعمه في حلقه ورجع لجوفه، لأنه مكره عليه، والمكره مرفوع عنه القلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من ذرعه القيء -أي غلبه- فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقضِ»، فإن تقيأ ولم يتناول شيئاً من المفطرات من أدوية أو غيرها فصومه صحيح، وإن تناول المسكنات فقد أفطر، ولا حرج عليه أن يفطر إن تعب واحتاج للفطر فهو مريض وعليه القضاء، كما تقدم».
تفطير الصائمين
ودعا الدكتور أحمد الحداد المحسنين والمتصدقين إلى تقديم صدقاتهم إلى الجمعيات والمؤسسات المعنية بتوزيعها واتباع تعليمات الجهات الرسمية المتعلقة بعدم إقامة التجمعات في رمضان.
وقال: «بما أن إفطار الصائمين في المساجد والمخيمات يؤدي إلى تجمع الصائمين ومريدي الطعام في مكان واحد فيكون ذلك التجمع سبباً لانتشار الفيروس المعدي؛ فإن المتعين تجنب هذا التجمع، وعدم إقامة هذه الموائد التي يجتمع فيها كثير من الناس؛ لما في ذلك من إلحاق الضرر بالصائمين وغيرهم من المجتمع بانتقال العدوى سريعاً، لا سيما وقد منعت الجهات المعنية ذلك، ووفرت البدائل التي تحقق رغبة المتصدقين ومخرجي فدية الصيام من المرضى وكبار السن، وذلك عن طريق الجهات المرخصة من الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتوزيع الآمن، فعلى الناس أن يمتثلوا ويحققوا التنافس في الخير والعمل الصالح بهذه الطريقة».