قال جوسيبي سابا المدير التنفيذي للمدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي: إن المدينة أرسلت 696 شحنة مواد إغاثية متنوعة منذ بداية العام، استفادت منها 110 دول، مشيراً إلى أن معدات تنقية المياه والبطانيات أكثر المواد الإغاثية طلباً من حيث العدد. وأوضح سابا في حوار مع «البيان»: إن اليمن وأفغانستان أكثر الدول استفادة من الإغاثة منذ بداية 2022، مشيراً إلى وجود مخزون مواد إغاثة في مستودعات المدينة، تصل قيمتها إلى 144 مليون دولار.

وأكد سابا أن سخاء حكومة دبي يمنح ويغطي تكاليف تشغيل المدينة التي تحتضن 87 عضواً من المنظمات والشركات، وأن النجاح الكبير، الذي حققته «المدينة» يعود إلى رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات عموماً، ولدبي خصوصاً، وقدرتها على فهم وإدراك حاجات المجتمع الإنساني واستباقها.

وتطرق سابا خلال الحوار إلى معايير اختيار وجهات المساعدة، التحديات التي تواجه العمل الإنساني والإغاثي، دور المدينة في توفير الحلول والتسهيلات لتجاوز تلك التحديات، الأسباب التي خلقت الحاجة لتوسيع مساحة المدينة، آلية قياس تأثير دعم المدينة على المجتمعات المستفيدة من جهود الإغاثة، أولويات المدينة، خلال المرحلة المقبلة وأخرى سنتعرف إليها في هذا السياق.

•تسهل المدينة جهود الإغاثة لعشرات المنظمات، للاستجابة للأزمات العالمية العاجلة وآخرها أفغانستان، فما معايير اختيار وجهات المساعدة؟

- يركز جزء من مجتمع المدينة العالمية للخدمات الإنسانية على الاستعداد لحالات الطوارئ والاستجابة لها، وجزء آخر يركز أكثر على مشاريع التنمية.

وتكرس المنظمات جهودها لمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية أو حالات الطوارئ، وتقوم بتجهيز مواد الإغاثة داخل المدينة لتكون متوفرة عند وقوع أي أزمة طارئة، حيث ترسل من مستودعاتنا في دبي إلى المناطق المتضررة.

تحديات

•برأيكم ما أبرز تحديات العمل الإنساني والإغاثي؟

- التحدي الأول هو التمويل لإرسال المساعدة وتجديد مواردها لحالة الطوارئ التالية، ومن ثم تأتي القيود اللوجستية التي يمكن أن تكون نتيجة عوامل مختلفة، كانهيار الطرق وغياب الجسور وظروف السلامة والأمن بالإضافة إلى الطقس، وهذه التحديات من الممكن طرح حلول لها بشكل أساسي.

أما التحديات الأخرى فتتمثل بازدواجية الجهود من منظمات مختلفة والتكاليف الإضافية نظراً لسوء التواصل، وغالباً ما يعود ذلك إلى قصور في التنسيق بين الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة، والتي يزداد عددها مع بروز منظمات جديدة.

•ما الدور الذي تلعبه المدينة عندما يتعلق الأمر بذلك؟

- تحرص المدينة تعمل على تقديم حلول للتحديات، ومثال ذلك توفير التسهيلات المناسبة للتخزين المسبق لمواد الإغاثة، وتأمين الدعم لنقل المساعدات، وفي بعض الأحيان تغطية تكاليف النقل وصولاً إلى الوجهة النهائية عبر استئجار طائرات، بالإضافة إلى ذلك، تعمل المدينة على المساعدة في تسهيل الإجراءات الجمركية كونها عضواً في مجموعة عمل دولية مشتركة بين الوكالات الإنسانية، تناقش وتقترح السياسات المطبقة في حال الطوارئ لتسريع حركة المساعدات.

وتعزز المدينة الحوار مع جميع الجهات الإنسانية لاعتماد مناهج واستراتيجيات مشتركة، من أجل دعم المجتمع الإنساني في مهمته، كما توفر الأدوات اللازمة للارتقاء بالتنسيق وتبادل المعلومات، مثل بنك البيانات اللوجستية للخدمات الإنسانية.

تطور

• المدينة دائمة التطور، حيث توسعت بشكل كبير منذ العام 2003 ما أهمية ذلك؟

تأسست المدينة العالمية للخدمات الإنسانية عام 2003 وسنحتفل قريباً بمرور 20 عاماً على تأسيسها. وفي 2003 كنت أدير مستودعات الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية، حيث كان لي شرف المشاركة في تأسيسها، وإنشاء مركزها الأول في إيطاليا في عام 2000 لتتوسع وتصبح شبكة تتألف من ستة مراكز إنسانية.

عام مفصلي

• 2010 كان عاماً مفصلياً بالنسبة للمدينة، فما التغيير الذي حصل في ذلك العام؟

- شهدت المدينة تطوراً كبيراً في عام 2010 بشكل أساسي بعد فترة تجريبية في موقعها الأول في منطقة الخليج التجاري بالقرب من برج خليفة حالياً، ففي ذلك العام انتقلت المدينة من مقرها السابق بمساحة ثلاثين ألف متر مربع إلى تسعين ألف متر مربع في موقعها الحالي، وشمل هذا التوسع، على وجه الخصوص، مساحة عمليات الإغاثة.

وفي السنوات الخمس الماضية توسعت مساحة المدينة من تسعين ألف متر مربع إلى مئة وأربعين ألف متر مربع تلبية للطلب المتزايد على الانضمام إليها، والتوسع فيها من قبل المنظمات الدولية والشركات الخاصة والمؤسسات الأكاديمية والجهات الحكومية المختلفة.

لقد حدثنا إجراءاتنا وأطر العمل من أجل إعداد فريق مرن يستبق الأزمات، وقادر على الاستجابة لحالات الطوارئ على النحو المطلوب، طبعاً بموجب القانون الذي يحكم المدينة العالمية للخدمات الإنسانية.

كما راجعنا قواعدنا ولوائحنا الداخلية، التي تتحكم في عمل المدينة، والعلاقة مع مجتمعنا من المنظمات الإنسانية والشركات التجارية المستضافة داخل منطقتنا الحرة.

وتعمل جميع الجهات الفاعلة في المجال الإنساني في نموذج فريد من نوعه، يلتقي فيه مختلف الأطراف معاً على منصة واحدة.

وقد شكلت هذه الخطوة تغييراً ملحوظاً مقارنة بنهجي السابق مع فريق مستودع الأمم المتحدة، حيث كان مركزاً يمكن اعتبار أنه بمثابة نادٍ للمنظمات الإنسانية فقط. في المقابل، كانت رؤية المدينة مفتوحة لأي منظمة أو شركة أو قطاع خاص أو مؤسسة، وما إلى ذلك، وهنا تكمن القيمة المضافة لعمل المدينة.

كما استحدثنا بيئة عملية تقترن فيها الخبرة الميدانية والمعرفة لمجتمع يضم أكثر من 500 شخص يحملون عشرات السنين من الخبرة ويتشاركها من أجل الوصول إلى حلول مبتكرة ومستدامة.

قياس الأثر الإغاثي

•كيف تقيسون تأثير دعم المدينة على المجتمعات المستفيدة من جهود الإغاثة؟ وما رأيكم بأبرز إنجازات المدينة؟

- يستفيد مئات الآلاف من الأشخاص من المساعدات الإنسانية، التي تقف خلفها فرق عمل مختلفة تتضافر جهودها من خلال عمليات التنسيق، التي تديرها المدينة.

وتظهر بيانات السنوات الخمس الماضية نمواً متصاعداً في عدد المنظمات التي تنضم إلى المدينة، ومن حيث عدد العمليات والبلدان التي تخدمها وقيم مواد الإغاثة المرسلة، ومساهمة حكومة دبي، من خلال المدينة العالمية للخدمات الإنسانية.

تجاوزنا التحديات وسيرنا طائرات نقلت مساعدات إلى جزر المحيط الهادئ والبحر الكاريبي عند الحاجة، ونجحنا في توقع الحاجات على سبيل المثال من خلال توسيع سعة التخزين، التي يتم التحكم في درجة حرارتها، ومركز سلسلة التبريد في المدينة، وبناء مركز التجهيز، وتنظيم التحالفات مع الجهات المعنية بالمجال اللوجستي، وبذل كل الجهود لعدم ترك أي شخص خلفنا من دون مساعدة.

 

أولويات

•ما أولويات المدينة خلال المرحلة المقبلة؟

- تكمن أولوياتنا في الارتقاء بالمدينة إلى مستوى آخر، من حيث البنية التحتية للعمل ضمن معايير عالية المستوى، وإنشاء مركز امتياز للخدمات اللوجستية الصحية، وتصبح المدينة بالتالي جاهزة لمواجهة حالات الأوبئة والجائحات.

كما نعمل على مشاركة معرفتنا وبروتوكولاتنا وأفضل الممارسات ونموذج المدينة مع المراكز الإنسانية الشقيقة الأخرى لمشاركة خبراتنا، ونعمل كما قلت سابقاً عن كثب مع الحكومات المستضيفة للمراكز الإنسانية على أمل تحقيق مستوى قوي من التعاون بين الطرفين.

دور إغاثي

•ما دور الإمارات في جهود الإغاثة وإرسال المساعدات إلى الدول المحتاجة أو المنكوبة؟ وكيف تلخصون أسباب نجاح المدينة وريادتها العالمية؟

- تتصدر الإمارات منذ سنوات عدة قائمة المانحين من حيث المساعدات والإغاثة، وفي المرحلة الحاسمة لجائحة كوفيد 19، بذلت الإمارات جهوداً استثنائية من خلال مساعدة بلدان عدة.

لن أنسى يوم كنت أتابع في تلك الفترة أخبار وطني، إيطاليا، ورأيت طائرة إماراتية تهبط في العاصمة روما محملة بالإمدادات الطبية، لمساعدة السكان في مواجهة الجائحة. اتخذت الإمارات الإجراء نفسه مع بلدان أخرى كثيرة. كانت الجهود متعددة الأطراف حاسمة ومهمة بالقدر ذاته.

أتاحت الإمارات طائرات عسكرية، لضمان حركة سلسة المساعدات الإنسانية في حين انهارت سلسلة التوريد في العالم.

كما ساعد موقع المدينة على تميزها، فاختارها المجتمع الإنساني وطناً له، ويُعزى ذلك أيضاً إلى البنية التحتية اللوجستية، وقربها من ثلثي سكان العالم، ومنهم الأكثر تعرضاً للكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى قربها من الشركات المصنعة للمساعدات الإنسانية والموجودة بشكل رئيسي في الصين والهند وباكستان وماليزيا. إنما يعود النجاح الأكبر للمدينة العالمية للخدمات الإنسانية إلى رؤية الإمارات عموماً ودبي خصوصاً وقدرتها على فهم حاجات المجتمع الإنساني واستباقها.

خطة استراتيجية

•هل من جديد بخصوص تحديث الخطة الاستراتيجية للمدينة للأعوام المقبلة؟

- تعمل المدينة اليوم على تنفيذ استراتيجية 2022- 2025 بناء على المبادئ التوجيهية والتغييرات التي فرضتها جائحة كوفيد 19، وعليه استخلصنا من السنتين الماضيتين دروساً تساعدنا على تعزيز استعدادنا لحالات الطوارئ والأزمات التي يمكن أن يواجهها العالم في المستقبل.

 

النزاعات الدولية

•كيف أثرت الحرب الروسية- الأوكرانية على جهود الإغاثة على مستوى العالم، وهل تختلف خطط الإغاثة من منطقة صراع إلى أخرى؟

- أكدت الحرب الحاجة الماسة إلى تعزيز شبكة البلدان المضيفة للمراكز الإنسانية الشقيقة.

إن التنسيق الجيد يتطلب دراسة أفضل لمستوى وجودة ونوع المساعدات الإنسانية، التي سيتم تخزينها مسبقًا في كل زاوية من العالم بهدف تحقيق عمليات أكثر استدامة وفعالية من حيث التكلفة والسرعة.

• اليمن وأفغانستان الأكثر استفادة من الإغاثة منذ بداية 2022

• معدات تنقية المياه والبطانيات أكثر المواد الإغاثية طلباً من حيث العدد

• 144 مليون دولار أمريكي حجم مخزون مواد الإغاثة في مستودعات المدينة

• 56 % من حجم المساعدات للنزاعات والحروب و33% لـ«الجائحة والأمراض»

• التمويل لتوفير المساعدات أبرز تحديات العمل الإنساني والإغاثي

• حلول وتسهيلات متعددة توفرها «المدينة» للتغلب تحديات «القطاع»

• الحرب الروسية- الأوكرانية أكدت الحاجة لتعزيز شبكة البلدان المضيفة للمراكز الإنسانية

• المدينة منهمكة اليوم بتنفيذ استراتيجية 2022- 2025

• مساحة المدينة توسعت من تسعين ألف متر مربع إلى مئة وأربعين ألف متر مربع في السنوات الخمس الأخيرة

• مئات الآلاف يستفيدون من المساعدات الإنسانية التي تديرها وتنسق لها المدينة

• نمو متصاعد في عدد المنظمات التي تنضم إلى المدينة في السنوات الخمس الفائتة والعدد اليوم 87 عضواً

• الارتقاء بالبنية التحتية للمدينة وإنشاء مركز امتياز للخدمات اللوجستية الصحية أولوية

• الإمارات وفرت طائرات عسكرية لضمان حركة سلسة المساعدات التي توقفت في العالم نتيجة «كورونا»