اختارت مجلة «تايم» الأمريكية معالي عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، ضمن أهم 100 شخصية في العالم بمجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب عدد من كبار مطوري شركات التكنولوجيا في أنحاء العالم، منهم إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، وكيفين سكوت، نائب رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، وروبن لي، الرئيس التنفيذي لشركة «بايدو»، وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن أيه آي»، وأيريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «غوغل»، وجنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة نفيديا.
أكد معالي عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد أن النهج الذي تتبناه الإمارات في التعامل مع الذكاء الاصطناعي وفي حوكمته مثير للاهتمام، ذلك أنها استثمرت فيه منذ عدة سنوات، الأمر الذي جعلها تسبق العديد من الدول في هذا الشأن.
وأجرى معاليه مقابلة مع مجلة «تايم» الأمريكية، بمناسبة اختيارها لمعاليه ضمن أهم 100 شخصية على مستوى العالم في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقال معاليه: «لا يُعد الذكاء الاصطناعي تقنيةً جديدة، كما نعلم جميعاً، بل وإنما هي تقنية قائمة بينا منذ ما يزيد على 50 عاماً، إلا أن ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، ثم ظهور السيارات ذاتية القيادة، والقدرة على القيام بأشياء كانت تبدو مستحيلة قبل ذلك، أظهر لنا مدى تقدم المسار الذي يمضي فيه الذكاء الاصطناعي. وترى قيادتنا في الإمارات أنه بدلاً من انتظار تقنية الذكاء الاصطناعي حتى تأتي إلينا كمُنتَج ثانوي لقرارات الآخرين، والتفاعل مع شيء غريب عن طبيعتنا، فيتعين علينا أن نكون الأمة الأكثر جاهزية للجوانب الإيجابية وكذلك السلبية للذكاء الاصطناعي. وعليه، كان تأسيس منصب وزير الدولة للذكاء الاصطناعي».
وجهة
وأضاف: «في بادئ الأمر، كانت وجهة نظري أننا نستطيع أن نفعل الكثير وبطريقتنا الخاصة فيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي. ولكن على الرغم من ذلك، فأنا اليوم متيقن 100 % أننا لا نستطيع وضع هذه التقنية في جزيرة مُنعزلة. إنك لا تستطيع التعامل مع هذه التقنية بمفردك، وإنما يتعين عليك أن تفعل ذلك بالتعاون مع الآخرين. وينبغي أن نفعل ذلك ..ويكون عالمياً بالمعنى الفعلي للكلمة. وعليه، فثمّة احتياج إلى اتفاقية عالمية تحكم الذكاء الاصطناعي ويشارك الجميع في إبرامها».
وتطرق معاليه إلى نهج الإمارات في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، قائلاً: «أعتقد في واقع الأمر أنه أمر صحي أن تتنوع المناهج التي تتبناها الدول في التعامل مع الذكاء الاصطناعي. إنه لأمر جيد أن يمضي الاتحاد الأوروبي صوب اتجاه معين في التعامل مع هذه التقنية، بينما تسير الصين صوب اتجاه آخر، والولايات المتحدة في اتجاه ثالث، ذلك أنني لا أعتقد أن أحداً سيتعامل مع الذكاء الاصطناعي على النحو الصحيح من الوهلة الأولى. وبالتالي، فعندما تتوافر لدينا نماذج مختلفة للتعامل، يمكننا استقاء عناصر مُحدّدة من هذه النماذج والاقتداء بما يصلح منها، وأيضاً التأكد من قدرتنا على التعامل مع كافة النماذج والاتجاهات، بدلاً من المُضي في اتجاه واحد».
وأضاف: «إن النهج الذي تبنته الإمارات في التعامل مع الذكاء الاصطناعي مثير للاهتمام، فقد أدركنا أننا في وضع مُتفرد، وعليه، فقد استثمرنا في الذكاء الاصطناعي منذ بضع سنوات. لذا، فها نحن متقدمون على العديد من الدول الأخرى في هذا الشأن.
لا يمكننا التنافس مع الصين والولايات المتحدة، ولا أعتقد أننا حتى نرغب بذلك. إن مهمتنا تتمثل بالمقام الأول في أن نكون مُمّكنين وأن نعزز قوتنا لدعم كافة الأطراف اللاعبة في الذكاء الاصطناعي.
عندما تتميز حكومتنا وكذلك آلية صنع السياسات لدينا بالمرونة، وعندما نكون قادرين على التحرك بسرعة شديدة، فإننا بذلك نضمن قدرتنا على استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة تنظيمية. نريد أن يكون اسم الإمارات هو أول اسم يرِد إلى الأذهان عندما يتعلق الأمر باستخدام الذكاء الاصطناعي في ظل لوائح تنظيمية حاكمة. وعندئذٍ، سنكون قادرين على تزويد باقي دول العالم بأي نتائج تحققت لدينا. وبهذا النحو، فإننا نتكامل مع اللاعبين الآخرين عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي».
وتحدث معاليه عن الأولويات التي يتعين على الدول مناقشتها فيما يتعلق بالفرص والتحديات المُقترنة بالذكاء الاصطناعي، فقال: «الذكاء الاصطناعي ليس تقنية واحدة، وكل تقنية لها منفعة مختلفة. فعلى سبيل المثال، تختلف السيارات ذاتية القيادة اختلافاً هائلاً عن النماذج اللغوية الكبيرة. وتتمثل المشكلة الأولى عندما يتعلق الأمر بحوكمة الذكاء الاصطناعي أو البحث في مستقبله، في كون الناس في واقع الأمر يصنفونه كتقنية واحدة ويعتقدون أن لدينا إجابة واحدة على كافة الأسئلة المتعلقة به. وأما المشكلة الثانية، فهي أننا بحاجة إلى تحديد مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث تغيير، سواءً كان هذا التغيير إيجابياً أم سلبياً».
وتابع: «تختلف هذه القدرة من بلد لآخر. فعلى سبيل، ستُحدث السيارات ذاتية القيادة تغييرات إيجابية في الإمارات، لأننا نمتلك بنية تحتية فائقة الحداثة. فلنقارن ذلك ببلد آخر به أكثر من مليون سائق شاحنة وبنيته التحتية ليست مُجهّزة لاستقبال هذه النوع من التقنية. وفي الوقت نفسه، فإن البلدان التي لديها انتخابات وشيكة سيتعين عليها التصدي لمشكلة مُلحة ناجمة عن النماذج اللغوية الكبيرة والتقنيات التي تنشر المعلومات المُضللة. وما يتعين عمله بالمقام الأول هو توفير حماية.
إننا بحاجة إلى حوار عالمي وجس نبض فيما يتعلق بالأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي. ومن الضرورة بمكان أن يجري ذلك على نحو لا سياسي. وبالتالي، يتعين على العلماء الصينيين التحدث إلى العلماء الأمريكيين، والذين يتعين عليهم بدورهم التحدث إلى العلماء الإماراتيين».
كيان
وأضاف بقوله: «كما نحتج أيضاً إلى وجود كيان مشابه للأمم المتحدة نفهم من خلاله أين حدود الذكاء الاصطناعي وما هي قدراته، ذلك أن ثمّة مشكلة نعاني منها اليوم، ألا وهي أن اللاعبين السيئين دوماً أكثر مرونة إلى حد كبير، ودوماً أفضل في التقنية المتقدمة التي يمتلكونها من الحكومات ومن اللاعبين الجيدين. وما يحدث بالفعل هو نشر المعلومات المُضللة.
وتحدث: «لقد انتشرت صورة منذ شهرين لتفجير صاروخي ضرب مبنى البنتاغون، وبمجرد انتشارها تأثرت أسواق الأسهم الأمريكية سلباً لفترة وجيزة، ثم سرعان ما تعافت، عندما تبين أن تلك الصورة مزيفة. فلنتصور ماذا كان سيحدث لو أن نشر تلك الصورة المزيفة قد جرى على نحو مُنسّق، بحيث تعتقد غالبية الناس أن الصورة حقيقية».
واختتم معاليه: «إن تقنية الذكاء الاصطناعي عميقة للغاية بحيث يمكننا في واقع الأمر الرجوع إلى التاريخ لفهم السبب الذي يجعلنا بحاجة إلى إنشاء وزارة له. فعندما كان البشر يعتمدون على الفحم ونيران الخشب في الحصول على الطاقة، لم تكن هناك وزارة للطاقة. وعندما بات من الأهمية بمكان تأمين إنتاج الطاقة وتوزيعها، عينت كل حكومة وزيراً للطاقة. حدث الشيء نفسه مع الاتصالات. واعتقد أن الذكاء الاصطناعي يقع في نفس المستوى».