أمل بن شبيب : التفكير التصميمي سر نجاح حكومات المستقبل

أكدت أمل بن شبيب مدير «مختبر دبي للتصميم» الذي تشرف عليه مؤسسة دبي للمستقبل، أن التفكير التصميمي سر نجاح حكومات المستقبل، وأن العمل الحكومي في دولة الإمارات يرتكز في جوهره على الإنسان، وعلى مواكبة تطلعات المجتمع وفهم طموحاته والاستجابة الفاعلة لاحتياجاته ومتطلباته، وتصميم الأدوات والحلول المستقبلية التي تضمن له التقدم والازدهار وترتقي بجودة الحياة.

وقالت في حوار مع «البيان»: «إن أهم من الخدمة الحكومية طريقة تقديمها، وأهم من عدد المعاملات رضا المتعاملين، وقيمة كل مسؤول هي ما ينجزه في خدمة الناس»، كلمات عميقة ومباشرة لخص من خلالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رؤى سموه القيادية لدور الحكومة ومهمة المسؤولين فيها.

بدايات المسيرة

وأضافت: إذا عدنا إلى البدايات الأولى لدولة الإمارات، قبل خمسة عقود، سندرك أن هذا النهج كان وليد فكرة الاتحاد التي أقامها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والآباء المؤسسون، على رؤية محورها الإنسان وشغفها المستقبل، ما مكنها خلال سنوات قليلة من إحداث نقلات نوعية تتطلب عقوداً طويلة من العمل الجاد الدؤوب، وصولاً إلى ترسيخ أسس حكومة مستقبلية مرنة طورت أفضل الممارسات وبنت عليها لتصبح من أكثر الحكومات ريادة عالمياً، حيث تخوض دولة الإمارات الآن مرحلة جديدة من خمسة عقود تصل بها إلى مئوية التأسيس، منطلقة من رؤى متجددة ونهج شامل لتحقيق أهدافها يتبنى الاستباقية وتعزيز الجاهزية للتحديات.

وتابعت: ضمن هذا التوجه يمكننا تخيل ملامح العمل الحكومي لدولة الإمارات في المستقبل، ومهمة الموظف الحكومي، أياً كان اختصاصه أو مجال عمله، التي تتلخص في الارتقاء بمستوى حياة الأفراد وخدمة المجتمع، بأعلى درجات الإتقان التي تتطلب تأدية الواجبات ودراسة الآليات وتطوير الأنظمة.

مفهوم التصميم

وعن التصميم وأهميته لحكومة المستقبل قالت أمل بن شبيب: «التصميم من الناحية العلمية مرتبط بشكل أساسي بالفنون ومجالات الابتكار والاختراع، أما كمفهوم فهو مرحلة من مراحل صناعة شيء ما، أو رسم لوحة أو تخطيط مبنى، وهو نقطة البداية التي ينطلق منها المصمم بتخيل الشيء قبل صناعته، فيدون الإيجابيات والسلبيات ويبني على ذلك.

وأكدت أن التصميم ليس مقتصراً على الهندسة والفنون والرسم، بل هو عنصر أساسي لمواجهة تحديات العمل الحكومي وطريقة فعالة لابتكار حلول غير تقليدية، تأخذ المُصَمِم والمُصَمَم لهم في رحلة لاستكشاف أهم الاحتياجات، التي تسهم تلبيتها في تنمية المجتمع وتعزيز جودة الحياة، وإشراك الأفراد في صناعة الحلول.

وأوضحت أن عقلية المصمم تستدعي أن يضع نفسه مكان الآخرين ويبدأ بمحاولة فهم التحديات التي تواجههم، بالنزول إلى الميدان للتعرف عليها عن كثب، وهذه مرحلة من المراحل التي تفصل عملية التصميم عن غيرها. إذ إن المصمم لا يفترض معرفة أو فهم ما يواجهه الأفراد، بل يذهب إليهم ويصغي إلى وجهات نظرهم، ويسألهم عن تجاربهم، وتأثير التحديات التي يعايشونها على حياتهم اليومية.

وشددت أن «وضع الإنسان في قلب العمل من شأنه فتح الأبواب لتصميم وابتكار الأفكار السباقة غير التقليدية، المبنية على طريقة تفكير لها أبعاد مختلفة، غنية بوجهات نظر عدة، تؤدي إلى ابتكارات وحلول جديدة ذات مستوى عال من الجودة».

من التخطيط إلى التنفيذ

وأوضحت أمل بن شبيب: بعد مرحلة دراسة الحلول ووضع الاستراتيجيات والخطط التنفيذية، ومواءمتها بين المؤسسات الحكومية والمعنيين من القطاع الخاص والفرق المنفذة، يبدأ تجريبها على أرض الواقع، وهذه المرحلة في غاية الأهمية، وهي عنصر مميز بين العمل القائم على التصميم وغيره من المنهجيات، إذ إن فاعلية الحل لا تفترض، لكنها تقاس بناءً على الملاحظات التي يتم جمعها من الإطلاق التجريبي للخدمة أو المشروع، والتي تكشف نقاط القوة ومجالات التحسين، ويتم تكرار المرحلة التجريبية إلى أن يتم ضمان إحداث أكبر أثر إيجابي.

رحلة التفكير

وحول المنهجية المتبعة في التصميم، قالت مدير مختبر دبي للتصميم: «العمل الحكومي قادر على الاستفادة من أدوات التصميم وأساليبه، إذ إن النزول إلى الميدان والإصغاء إلى متلقي الخدمات وإشراكهم في عملية رسم الاستراتيجيات وابتكار الحلول التي تصمم من أجلهم، كلها مفاهيم تصب في نواة العمل الحكومي المتميز والموظف الحكومي الشغوف والمتفاني».

وأضافت: «إيماناً بأهمية التصميم كعنصر أساسي في العمل الحكومي، وإدراكاً لتأثيره على مستقبل المدن والمجتمعات، بادرت حكومة دولة الإمارات كونها حكومة سباقة تهتم بالحلول والمبادرات الخلاقة في كل ما يخص العمل الحكومي، بتكوين شراكة متميزة وفريدة من نوعها، جمعت بين المختصين في التفكير الإبداعي والتصميم المرتكز على الإنسان والمنظومة الحكومية، وأسست مختبراً في مجال التصميم تشرف عليه مؤسسة دبي للمستقبل».

ومن أهم المبادرات التي يمكن الإشارة إليها هي المبادرة بالشراكة مع وزارة تنمية المجتمع لإجراء بحوث ميدانية ونوعية واستخدام أدوات التصميم، والتصميم المرتكز على الإنسان والتفكير الإبداعي في مشروع محوره فئة ذات أهمية كبيرة من المجتمع، ما أدى إلى اعتماد مجلس الوزراء «السياسة الوطنية لكبار المواطنين».

نتائج ملموسة

وتضيف أمل بن شبيب: «رأينا خلال السنوات الماضية الأثر الواضح للتصميم عند تضمينه في آلية العمل الحكومي من خلال المشاريع التي تمت بالتعاون مع الجهات الحكومية. وبما أن محور العمل الحكومي في دولة الإمارات يرتكز على الارتقاء بمستوى جودة الحياة، ورؤية دولة الإمارات منوطة بالتطور المستمر في كل آليات الحكومة، فإن إشراك المصممين، من كل المجالات، في العمل الحكومي ما هو إلا جزء من رحلة تطور المنظومة الحكومية».

وأكدت أن إشراك المصممين في التأسيس للجيل المقبل من الحكومات عملية لا بد منها، إذ تسهم قدراتهم ومهاراتهم الإبداعية في إثراء وجهات النظر وزيادة آفاق الفكر عند مواجهة تحد ما.

وتابعت: إن اعتماد التصميم في العمل الحكومي سيفتح آفاقاً جديدة وواسعة للتطور على أسس مستدامة، ولدينا في دولة الإمارات الكثير من الكوادر الوطنية والشابة المتخصصة في مجالات التصميم، والتي يمكن توظيفها والاستثمار فيها من خلال دمج مهاراتها في المؤسسات الحكومية.

الأكثر مشاركة