توج مسبار الأمل مهمته التي امتدت نحو 7 أشهر بنجاح عندما التقط الصورة الأولى للمريخ من داخل مداره والرابعة خلال رحلته الأحد الماضي، حيث أكملت هذه الصورة مراحل سابقة اجتازها المسبار بنجاح، تجسدت من خلال التقاطه أول صورة للكوكب الأحمر في 22 يوليو 2020، فيما تبعتها في 24 أغسطس صورة أخرى التقطت بكاميرا تتبع النجوم أيضاً، بينما التقط الجهاز العلمي فوق البنفسجي الصورة الثالثة والتي كانت في 3 ديسمبر.
كفاءة الأنظمة
وأعلن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مؤخراً أن «مسبار الأمل» أرسل أولى صوره التي التقطها للكوكب الأحمر عبر كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI، مدشناً بذلك بداية مرحلة جمع 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن المريخ، فيما تعتبر الصورة الأولى للمريخ، مؤشراً على كفاءة المسبار وأنظمته الفرعية وأجهزته العلمية وجودتها، والتواصل السلس والفعال مع مركز التحكم.
وتعتبر الكاميرا EXI رقمية متخصصة لالتقاط صور ملونة عالية الدقة لكوكب المريخ، وتستخدم أيضاً لقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، ومن جهتها تُظهر الصورة التي التقطت عند شروق الشمس بركان «أوليمبوس مؤنس»، الذي يعد أكبر بركان على كوكب المريخ وأكبر بركان في المجموعة الشمسية، وتم التقاطها على ارتفاع حوالي 25 ألف كيلومتر فوق سطح المريخ، وظهر فيها القطب الشمالي للمريخ، وبركان «أوليمبوس مؤنس»، كما أظهرت الصورة بشكل واضح 3 براكين قريبة من خط الاستواء على المريخ، وهي قمة «أسكريوس» وقمة بافونيس وقمة أرسيا، بينما رصدت أيضاً الغيوم الثلجية فوق المرتفعات الجنوبية، وكذلك حول بركان ألبا مؤنس، وتوفر هذه الغيوم الثلجية التي يمكن رؤيتها في مناطق جغرافية مختلفة وفي أوقات مختلفة من اليوم نظرة شاملة عن مساهمة مسبار الأمل في تعزيز فهمنا للمناخ على المريخ.
3 صور
وبالعودة لمرحلة الرحلة التي قضى فيها المسبار نحو 7 أشهر، نجد أنه نجح في التقاط 3 صور أخرى للمريخ، حيث التقطت كاميرا تتبع النجوم التي تستخدم للملاحة ضمن أجهزة الملاحة الفضائية للمسبار في يوليو الماضي، أول صورة لوجهته نحو الكوكب الأحمر، وذلك بعد ابتعاده عن كوكب الأرض بمليون كيلومتر في عمق الفضاء، فيما تبعتها في أغسطس الصورة الثانية، والتي التقطها مسبار الأمل بكاميرا تتبع النجوم أيضاً، حيث تجاوز حينها 100 مليون كيلومتر من رحلته، وظهر في الصورة المريخ بالأمام، فيما كوكبا زحل والمشتري، كانا في الخلف كما في الصورة التي التقطت.
وظهر المريخ في هذه الصورة كنقطة بيضاء، حيث التقطته كاميرا تتبع النجوم، من دون خاصية التركيز، وذلك لجمع أكبر كمية من الضوء من النجوم والكواكب البعيدة، حيث يقوم المسبار بمقارنة الصورة مع البيانات المخزنة للنجوم ومواقعها لتحديد اتجاهه، ويمكنه من خلالها تحديد اتجاه النجوم والكواكب البعيدة، فيما التقط الجهاز العلمي فوق البنفسجي لكوكب المريخ «الصورة الثالثة»، بعد أن قطع المسبار مسافة 349 مليون كيلومتر من رحلته.
أجهزة علمية
وتعتبر كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI واحدةً من 3 أجهزة علمية متطورة يحملها مسبار الأمل لدراسة كوكب المريخ، ونقل صورة شاملة عن مناخه وطبقات غلافه الجوي المختلفة، الأمر الذي من شأنه أن يوفر فهماً عميقاً لعمليات الغلاف الجوي لكوكب المريخ، كما أنها كاميرا إشعاعية متعددة الطول الموجي، قادرة على التقاط صور بدقة 12 ميغابيكسل مع الحفاظ على التدرج الإشعاعي اللازم للتحليل العلمي المفصل، وتتكون الكاميرا من عدستين إحداهما للأشعة الفوق بنفسجية، والأخرى للأطياف الملونة تستخدم لالتقاط صور ذات تفاصيل واضحة للمريخ.
ويمكن للبعد البؤري القصير للعدسة أن يخفض من مقدار الزمن اللازم للتعريض الضوئي إلى وقت قصير جداً لالتقاط صور ثابتة أثناء الدوران حول الكوكب، ويتكون مستشعر الكاميرا من مصفوفة أحادية اللون بدقة 12 ميغابيكسل أبعادها 3:4، ويمكن التقاط الصورة وتخزينها على شريحة الذاكرة بحيث يمكن التحكم في حجم الصورة ودقتها، مما يقلل من معدل نقل البيانات بين المسبار ومركز التحكم الأرضي.
فوق البنفسجية
ويستطيع المستشعر التقاط 180 صورة عالية الدقة في المرة الواحدة، ويعني ذلك إمكانية تصوير فيلم بدقة 4K عند الحاجة، ويعتبر استخدام المرشحات المنفصلة ميزة إضافية يمكنها توفير دقة أفضل لكل لون من الألوان، بالإضافة إلى أنها توفر تفاصيل أكثر دقة في الصورة، مما يسهم في تقليل درجة عدم اليقين عند قياس الإشعاع للتصوير العلمي.
وأمّا في ما يخص عدسة الأشعة فوق البنفسجية فسيكون نطاق التردد للموجات قصيرة الطول بين 245-275 نانومتر، بينما سيكون نطاق التردد للموجات الطويلة بين 305 – 335 نانومتر، أما بالنسبة لنظام العدسة الأخرى فسيكون تردد اللون الأحمر 625 – 645 نانومتر، واللون الأخضر 506 – 586 نانومتر، واللون الأزرق 405 – 469 نانومتر.
تحت الحمراء
ويحمل مسبار الأمل معه كذلك جهازاً ثانياً وهو المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، الذي يقيس درجات الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي.
وتم تطوير هذا الجهاز لالتقاط ديناميكيات الغلاف الجوي للمريخ، باستخدام مرآة المسح الضوئي لتوفير 20 صورة في الدورة الواحدة بدقة تبلغ من 100 إلى 300 كيلومتر لكل بيكسل، فيما يستهدف هذا المقياس الطيفي دراسة الغلاف الجوي السفلي للمريخ في نطاقات الأشعة تحت الحمراء، وتوفير معلومات من الغلاف الجوي السفلي بالتزامن مع ملاحظات من كاميرا الاستكشاف.
وأما الجهاز الثالث الذي حمله المسبار لدراسة كوكب المريخ فهو المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية EMUS، الذي يقيس الأوكسجين وأول أوكسيد الكربون في الطبقة الحرارية للمريخ والهيدروجين والأوكسجين في الغلاف الخارجي للمريخ.
وهو مقياس فوق بنفسجي مصمم لمراقبة التغيرات المكانية والزمنية للمكونات الرئيسة في الغلاف الحراري للمريخ. ويستهدف المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية تحديد مدى وفرة وتنوع أول أوكسيد الكربون والأوكسجين في الغلاف الحراري على نطاقات زمنية شبه موسمية.
مدار علمي
يدرس مسبار الأمل الغلاف الجوي للمريخ من مدار علمي يكون في أقرب نقطة إلى سطح المريخ على ارتفاع يبلغ 20 ألف كيلومتر وفي أبعد نقطة يكون على ارتفاع 43 ألف كيلومتر، وسيتمكن المسبار من إتمام دورة كاملة حول الكوكب كل 55 ساعة بدرجة ميل مداري تبلغ 25 درجة، ويعطي هذا المدار أفضلية لمسبار الأمل عن أي مركبة فضائية أخرى، حيث لم يكن لأي من المهمات السابقة إلى المريخ مدار مشابه، حيث كانت لها مدارات لا تسمح لها سوى بدراسة الغلاف الجوي للمريخ في وقت واحد خلال اليوم.