أكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة رئيسة وكالة الإمارات للفضاء، أن نجاح أول مهمة فضائية عربية من نوعها، وإيصال «مسبار الأمل» إلى مداره حول كوكب المريخ يمثل نتاجاً لرؤية دولة الإمارات الاستشرافية، القائمة على تطوير تخصصات المستقبل والاستثمار في الكفاءات الوطنية الشابة، وتعزيز قدراتها في مجالات العلوم والتكنولوجيا المتقدمة والهندسة والبحث العلمي.
وقالت معالي الأميري خلال مشاركتها في جلسة بعنوان «استكشاف الفضاء في عام 2021.. الدروس المستفادة» ضمن أعمال حوارات القمة العالمية للحكومات، أدارتها كورين إيوزيو رئيسة تحرير مجلة «بوبيولار ساينس»، إن دولة الإمارات حريصة على تعزيز العلوم والتكنولوجيا والابتكار، من خلال إطلاق المشروعات الريادية الهادفة لنقل المعرفة وتزويد الكفاءات من المهندسين والباحثين والعلماء بالمهارات اللازمة التي تمكنهم من تطوير هذا القطاع الحيوي.
وأضافت أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ سيضع البيانات الجديدة التي سيجمعها مسبار الأمل عن الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في خدمة المجتمع العلمي العالمي، بما يمكنه من تعزيز فهمه لهذا الكوكب، وبما يسهم في تطوير مشاريع جديدة، على مدى السنوات المقبلة.
معارف
وقالت سارة الأميري: إن «أبحاث ومهام استكشاف الفضاء تمكننا من توسيع معارفنا الإنسانية وإدراك ما يحيط بنا من كواكب ومجموعة شمسية وفهم الظواهر الكونية من حولنا، كما تقدم لنا نظرة على الماضي ورؤية للمستقبل، وتسهم في الارتقاء بحياتنا اليومية من خلال الابتكارات التي توفرها صناعات الفضاء».
وأضافت أن نجاح مهمة «مسبار الأمل» سينعكس إيجاباً على الخطط الوطنية للعقد المقبل، في إعداد الجيل الجديد من الكوادر الوطنية التي أسهمت في تخطيط وتصميم وبناء وإنجاز وبرمجة المسبار على مدى ست سنوات من عمر المشروع.
وأشارت إلى أن الخطوة الأولى في قطاع الفضاء الإماراتي هي نقل المعرفة، ومن ثم إتاحة المجال لبناء قطاع خاص واعد في علوم الفضاء واستكشاف فرص نموه، بما يسهم في تعزيز الأبحاث العلمية وتطوير وابتكار أنظمة وتطبيقات ذكية تعود بالفائدة على المجتمع وصناع القرار في الحكومة.
بيانات
وتطرقت وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة إلى المهام العلمية التي سينفذها مسبار الأمل في دراسة الظواهر المناخية والفصول على كوكب المريخ طوال عام كامل، مبينة أن البيانات التي سيوفرها المسبار ستسهم في تقليص الفجوة المعرفية حول هذا الكوكب، من خلال تقديم صورة شاملة عن وضع الطقس في الطبقة الدنيا من الغلاف الجوي للكوكب، ومكونات الغبار والغيوم والغازات التي ستشرح سبب فقدان الهيدروجين والأكسجين منه، بما يمكن المجتمع العلمي من فهم تحديات التغير المناخي التي يواجهها كوكب الأرض.
وحول تعدد المهام الفضائية العالمية الموجهة إلى المريخ، أوضحت أن تعدد المهام في قطاع استكشاف الفضاء يساعد في توسيع المجالات العلمية ورفدها ببيانات جديدة، ما ينعكس إيجاباً على إثراء المعرفة البشرية وتقدم الإنسانية في مجال الفضاء.
ولفتت سارة الأميري إلى أن الأجهزة العلمية الثلاثة التي يحملها مسبار الأمل تعمل بكفاءة تامة وقد تم فحصها عقب وصوله إلى مدار الالتقاط، وهو ما يتكامل مع الجاهزية التامة لنظم تلقي البيانات والمعلومات من المسبار إلى مركز تجميع البيانات بمحطة التحكم الأرضية بمركز محمد بن راشد للفضاء في دبي.
ولفتت إلى أهمية بناء وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص في مجال استكشاف الفضاء وتطوير تقنياته وتسريع الابتكار فيه، وحددت مرحلتين أساسيتين لإشراك القطاع الخاص بشكل فاعل في مجال الفضاء، الأولى تتمثل في توفير منظومة حيوية شاملة تمكّن المستثمرين والمبتكرين من المساهمة في تطوير مختلف جوانب هذا القطاع، فيما تركز المرحلة الثانية على تطوير الطاقات والإمكانات والكفاءات المطلوبة في مختلف التخصصات التي يستهدفها قطاع الفضاء الوطني.
جاهزية
وقالت سارة الأميري إن فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ كان على ثقة بإتمام الاستعدادات اللازمة وضمان جاهزية «مسبار الأمل» لدخول مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر، التي ترتكز عليها جهود سنوات من الإعداد وملايين ساعات العمل، ضمن مساحة عمياء من الوقت امتدت إلى 27 دقيقة قام بها المسبار بمناورة غير مسبوقة عالمياً في مجال المهام الفضائية نحو المريخ وخفض سرعته الهائلة من 121 ألف كيلومتر في الساعة إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة باستخدام محركات الدفع العكسي الستة التي يضمها المسبار، حتى دخل مدار الالتقاط بنجاح، لتصبح دولة الإمارات خامس دولة تصل إلى كوكب المريخ، وثالث دولة على مستوى العالم تصل إلى مدار الكوكب من المحاولة الأولى.
رسالة أمل
أشادت سارة الأميري بجهود أعضاء فريق مسبار الأمل الذين منحوا وقتهم وجهدهم وتركيزهم الكامل للمشروع، من أجل إنجاح المهمة الفضائية المريخية الأولى عربياً في تحقيق أهدافها وبث رسالة أمل من دولة الإمارات للمنطقة والعالم بأن لا شيء مستحيل إذا ما اقترنت الموارد والمهارات مع الإصرار والتفاني والإرادة والطموح.