تجسد مسيرة الأردن في الذكرى المئوية لتأسيسها والذي يصادف الحادي عشر من أبريل، فصلاً من مسيرة الكفاح العربي في التحرر. فقد عاشت البلاد العربية اضطراباً في ظل حكم الدولة العثمانية، وتفاقمت الأوضاع المعيشية في سنوات الحرب العالمية الأولى، وزاد تعسف السلطات على السكان، فكانت الأجواء تحتّم نشوب ثورة عربية ضد الحكم العثماني بعد حكم دام أربعة قرون. حمل الشريف الحسين بن علي راية هذه الثورة يوم 10 يونيو 1916 وباتت المدن العربية في بلاد الشام والعراق تتطلع لمكاسب هذا الحراك العربي الواسع.
في أبريل 1920، نكثت بريطانيا بوعودها للعرب، ودخلت في مخططات استعمارية خلال مؤتمر سان ريمو وسيطرت قبيل ذلك على العراق وفلسطين وشرقي الأردن، فقاوم العرب في هذه المناطق وأعادت بريطانيا استقلال كلّ من العراق والأردن تحت انتدابها لكن الشريف حسين رفض الاعتراف بالانتداب فعقد في الثاني من سبتمبر عام 1920 «مؤتمر أم قيس» لرجالات شرق الأردن بعد أن اتصل زعماء الحركة العربية ورجال السياسة وشيوخ القبائل بالشريف الحسين بن علي يطلبون إليه إرسال أحد أبنائه لتحرير بلاد الشام من الاستعمار الفرنسي، واتفقوا على الدعوة لإنشاء حكومة عربية وطالبوا أن يكون لهذه الحكومة أمير عربي، وقد كُلِّف الأمير عبدالله بن الحسين بهذه المهمة، فتوجّه إلى معان ووصلها في 21 نوفمبر 1920 وهناك عقد اجتماع في معان، فالتفّ حوله رجال الحركة الوطنية، وفي 28 فبراير 1921 غادر معان متوجهاً إلى عمّان.
تأسيس الإمارة
شرع الأمير عبدالله بن الحسين في تأسيس إمارة شرق الأردن وقام بتأليف أول حكومة مركزية فيها بتاريخ 11 أبريل 1921، تحت اسم «حكومة الشرق العربي».
عام 1923 لم يتوقف الأمير عند إعلان الحكومة المركزية ليعلن تأسيس الجيش العربي ورسم ملامح لشكل القطاعات المهمة التي ستؤسس لوطن جامع داخليا متجها بعدها عام 1928 لإصدار القانون الأساسي الذي نظم السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ليجري نتيجته أول انتخابات تشريعية عام 1929.
شكل الـ 25 من مايو 1946 تحولاً آخر في تاريخ الأردن. فقد أعلنت الاستقلال وشكلت حكومةً مستقلة بنظام ملكي دستوري بلقب ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
يوم الجمعة 20 يوليو 1951 على عتبات المسجد الأقصى تم اغتياله تاركا خلفه حكاية وطن في طور البناء.
تولى بعده الحكم الملك طلال بن عبد الله، حيث تولى الحكم لقرابة سنة، ثم الملك الحسين بن طلال حيث تولى الحكم لقرابة 46 سنة، تلاه الملك عبدالله الثاني، رابع ملوك الأردن الذي تسلم الحكم في فبراير 1999.
أما خلاصة هذه المسيرة الحافلة فتتجسّد اليوم في الاستقرار المديد والمميز الذي يعيشه الأردن منذ تأسيسه. فرغم قربه من خط توتر أمني عالي المستوى، إلا أنه استطاعت القيادة الأردنية على مر التاريخ إنقاذ البلاد من الاضطرابات الإقليمية، وهو ما انعكس على الداخل أيضاً، حيث ما زال الأردن تحت قيادة الملك عبدالله الثاني نموذجاً للاستقرار الإقليمي، رغم الصعاب التي تواجهها البلاد عامة تحت وطأة تفشي فيروس كورونا.