ناقشت جلسة «دور الإعلام الإماراتي أثناء الأزمات» التي عُقدت ضمن فعاليات النسخة الـ 6 من منتدى الإعلام الإماراتي في دبي، أهمية وتأثير دور الإعلام الإماراتي أثناء الأزمات على وجه الخصوص، ومدى قدرته على التكيُّف مع المتغيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم أجمع.
وقدمت الجلسة التي أدارها في مقر نادي دبي للصحافة كل من الإعلامية ريم سيف المعمري من مؤسسة الشارقة للإعلام، والإعلامي ماجد الفارسي من قناة سكاي نيوز عربية، بمشاركة وحضور قيادات الإعلام الإماراتي ورؤساء تحرير الصحف المحلية وكبار الكتاب ورموز العمل الإعلامي في الدولة، وجمع من الأكاديميين والمعنيين بالقطاع، تقييماً عملياً لطريقة تعامل الإعلام الإماراتي مع الأزمات خلال السنوات الماضية؛ لاسيما الأزمة العالمية التي جلبتها جائحة «كوفيد 19»، وذلك بهدف التوصل إلى تصورات لتطوير استراتيجية إعلامية وطنية فاعلة في التصدي للأزمات.
تداعيات
وأكد محمد جلال الريسي، مدير عام وكالة أنباء الإمارات «وام»، خلال الجلسة، أن الإعلام الإماراتي بمختلف مؤسساته حاضر وناجح في إدارة الأزمات الطارئة التي تصل مداها إلى الدولة، مشيراً إلى أن الإعلام الوطني خلال أزمة جائحة «كوفيد 19»، كان على مستوى الحدث والمسؤولية بفضل المهنية والثقة التي اكتسبها من تحري المصداقية والتعامل بمنتهى الشفافية والحياد مع تداعيات الأزمة وأبعادها المختلفة وتأثيراتها على المجتمع.
وقال الريسي: نفتقد بشكل كبير الأبحاث والتقييمات التي تقدم مخرجات واضحة لكل أزمة، ورأى الريسي أن هذا التحدي يعززه غياب استراتيجية إعلامية يتم تفعيلها أثناء الأزمات، ما يفرض على كل مؤسسة إعلامية إيجاد خطط واستراتيجيات إعلامية بشكل فردي، لافتاً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة وصلت برؤيتها إلى المريخ، ولكن إعلامنا المحلي لم يبلغ مستوى طموح الدولة، مشيراً إلى أن الشفافية الذاتية تفرض علينا أن نراجع أنفسنا ونعيد تقييم طريقة عملنا حتى نكون جميعاً في هذا القطاع على قدر المسؤولية وتطلعات القيادة الرشيدة.
وبدوره قال سامي الريامي، رئيس تحرير صحيفة «الإمارات اليوم»: إن إعلامنا الوطني بدون شك يقوم بدور إيجابي أثناء الأزمات، ولكنه في المقابل يواجه جملة من التحديات، تتمثل أبرزها في نقص الإعلام المتخصص في بعض المجالات، خصوصاً الإعلام التنموي والعلمي والصحي، مؤكداً أن غياب التخصصات الإعلامية يعود بقدر أكبر إلى الميزانيات التي تتمتع بها هذه المؤسسات الإعلامية، ولم يعد يخفى على أحد الإنهاك المالي الذي تعاني منه بعض المؤسسات الإعلامية.
وأضاف الريامي: أن الإعلام المحلي فيما يخص الأزمة الأخيرة المتعلقة بانتشار فيروس كورونا، نجح بشكل منقطع النظير في إنتاج محتوى مؤثر بكوادر معظمها كانت تعمل بعيداً عن مكاتبها.
وقال الريامي: إننا نمر بمرحلة لا يلتفت فيها أحد إلى معاناة الصحافة، رغم أننا بأمسّ الحاجة إلى الدعم، لافتاً إلى أن الصحافة الإماراتية قادرة على تطوير أدواتها الصحافية وعدم الاعتماد الكامل على العمل الورقي، وقد نجحت في ذلك خلال الجائحة بدليل زيادة عدد قرّاء صحيفة «الإمارات اليوم» حيث كان يطالع محتوى الصحيفة على المنصات الرقمية خلال منتصف عام 2019 نحو 3 ملايين متابع، بينما تضاعف العدد خلال النصف الثاني من عام 2020 إلى 9 ملايين متابع، بفضل الأدوات المبتكرة المستخدمة في إنتاج محتوى جديد.
تعامل
ولفت محمد الحمادي، رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية، إلى أن قطاع الإعلام في العالم أجمع يعيش أزمات ندركها جميعاً، والإعلام الإماراتي هو جزء من هذه الحالة العامة، مشيراً إلى أهمية عامل السرعة في نقل المعلومات وتوصيل الرسالة الإعلامية أثناء الأزمة، وضرورة التحلّي بالدقة والشفافية والصدق والشجاعة في التعامل مع الأحداث حتى لا يترك المجال مفتوحاً للشائعات والتفسير الخاطئ في حال التأخر في توصيل الرسالة إلى المتلقي في الوقت المناسب.
منظومة
وتناولت الجلسة موضوع الثقة بين المتلقي ووسائل الإعلام المحلية، وهل يلجأ البعض لاستقاء المعلومات والأخبار من وسائل إعلام خارجية، حيث أشار المشاركون إلى وجود ثقة كبيرة من قبل المتلقي في وسائل الإعلام المحلية، وأن هناك حاجة لرفع السقف في التعامل الإعلامي مع بعض الملفات حتى يتمكن الإعلام من العمل ضمن منظومة تخدم الأجندة الوطنية والمواقف الثابتة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي هذا السياق أشارت منى بوسمرة، رئيس التحرير المسؤول لصحيفة البيان، إلى أن جائحة كورونا شكّلت تحدياً لجميع المؤسسات الإعلامية في العالم، والارتباك الإعلامي الذي حصل في بداية الأزمة سببه طبيعة وحجم الأزمة الصحية غير المتوقعة، مؤكدة أن الإعلام المحلي لم يبقَ في دائرة الارتباك طويلاً، بل أعاد ترتيب أولوياته سريعاً وتدارك الموقف حتى أصبح المصدر الموثوق الأول للمجتمع في الحصول على المعلومات المتعلقة بتطورات الموقف محلياً وعالمياً، وساعدنا في ذلك البنية التحتية الإعلامية والتقنية القوية للدولة، والتي كانت داعمة بشكل كبير للصحف الإماراتية لتنطلق بأدوات جديدة تصل إلى القارئ مباشرة وبأسلوب مؤثر عبر مختلف المنصات الرقمية.
وقالت بوسمرة إن هناك حاجة فعلية لاستراتيجية نستطيع من خلالها التصدي للأزمات العابرة، لاسيما الصورة النمطية التي تحاول بعض وسائل الإعلام الدولية ترويجها عن الدولة للنيل من نجاحاتها. وأشارت إلى ضرورة تحلي الإعلام المحلي بالثقة الكافية عند مناقشة القضايا المختلفة التي تصب في مصلحة الوطن، وعدم التردد في توجيه النقد المسؤول والبنّاء لمؤسساتنا الإعلامية من منطلق حس وطني يهدف إلى معالجة السلبيات والوصول إلى أفضل الخدمات، مؤكدة أن انتقاد بعض السلبيات لا يضر بصورة الإعلام المحلي، بل على العكس قد يكون في مصلحة المجتمع.
رؤى
وبدوره قال منصور المنصوري، المدير العام السابق للمجلس الوطني للإعلام، نحتاج إلى الاهتمام بعامل السرعة في نقل الرسائل والمعلومات وتوصيلها للجمهور، كما نحتاج إلى تطوير المحتوى الإعلامي ليتناسب مع ما يبحث عنه الشباب، منوهاً إلى أن منتدى الإعلام الإماراتي يشكل نواة لتأسيس منظومة إعلامية قادرة على تقديم رؤية تصب في مصلحة الإعلام الإماراتي وخدمة الوطن والمواطن على حد سواء.
تعدد الأصوات
تطرق النقاش إلى ضرورة إيجاد آلية للتعرف على آراء المتلقّي والمتابع للمحتوى المحلي، ونسبة رضاه عما يُقدم من محتوى إعلامي، وهو ما سيسهم بشكل مباشر في تحسين ما يقدم لهم من خدمات إعلامية، ويزيد من تمسك المتلقين بمتابعة وسائلهم الإعلامية المفضلة. ولفت المشاركون إلى ضرورة العمل على تعدد الأصوات وتنويع المحتوى الذي تتناوله الصحف المحلية، التي تتشابه فيما بينها من وجهة نظره فيما تقدمه من محتوى، مع الدعوة لدخول المؤسسات الإعلامية الخاصة في منافسة مهنية مع نظيراتها الحكومية، بما يخدم صالح المنظومة الإعلامية الإماراتية.