حذر قانونيون من نشر دعوات تحريضية ومعلومات مغلوطة تدفع إلى إحجام البعض عن أخذ لقاحات فيروس كورونا كوفيد 19، وذلك تجنباً لتعريض أنفسهم للمساءلة القانونية وفق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في حال أدت هذه التحريضات للإضرار بمصالح الدولة وخططها، مؤكدين أن حسن النية لا يعفي من المسؤولية.

وقال المستشار القانوني أيهم المغربي إن أخذ لقاح فيروس كورونا ما زال حتى الآن اختيارياً، مقترحاً فرض التطعيم في الحالات التي تكون فيها المصلحة العامة أهم من المصلحة الخاصة للأفراد، وخصوصاً في ظل تخوف البعض وإحجامهم عقب انتشار بعض الأفكار والمعلومات المضادة.




تكافل

وأشار إلى أنه يؤيد مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يمكن أن يبرر فرض التطعيم على الجميع، حتى بالنسبة للذين يشعرون بأنهم أقل عرضة لتهديد المرض، عندما يتعلق الأمر بحماية الأشخاص الأكثر ضعفاً، لافتاً إلى ما ورد في نص المادة 22 من قانون الأمراض السارية من إلزامية التطعيم لبعض الأمراض في المناطق التي ظهر أو يحتمل أن يظهر فيها مرض الجدري أو الكوليرا أو الخناق أو شلل الأطفال أو الحصبة أو الدرن أو التيفويد أو أي مرض وبائي آخر يمكن حصره بالتطعيم أو التحصين، ويجوز في هذه الحالة للشخص المسؤول أو المخول أن يصدر إعلاناً ينشر في الجريدة الرسمية وغيرها من وسائل الإعلام يحدد فيه المنطقة الموبوءة ويلزم بموجبه أي شخص في تلك المنطقة التطعيم أو التحصين الإجباري الواقي من المرض، فيما يستثنى من حكم البند (1) من هذه المادة أو أي أمر صادر بموجبه أي شخص لا تسمح حالته الصحية بإجراء التطعيم.

وأوضح المغربي أن نشر الفكر المضاد لأخذ اللقاح وتخويف الناس منه من الممكن أن يعرض أو يضر بمصالح الدولة، محذراً من نشرهم دعوات تحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي تجنباً لتعريض أنفسهم للمساءلة القانونية وفق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في حال أدت هذه التحريضات للإضرار بمصالح الدولة وأهمها المادة 31 ويعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مئتي ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من دعا أو حرض عن طريق نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات على عدم الانقياد إلى القوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة.


عقوبة

وقال المغربي إنه من الممكن أن يفسر البعض مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ويقول إنه لا يوجد قانون ينص على معاقبة من يحرض الأشخاص على عدم أخذ لقاح كورونا إلا أنه في حالة صدور قرارات تنظيمية واحترازية لمصلحة الدولة وسلامة المجتمع ونشر الوعي والثقافة القانونية لأخذ اللقاح وإتيان البعض بعملية التحريض الواسعة لعدم الانصياع لتلك القرارات يعد جريمة معاقباً عليها فهذا يعد تحدياً واضحاً وإساءة للمؤسسات المعنية.

وأعطى المغربي هذا المثال: كل من يحرض الغير على عدم لبس الكمامة أو مخالفة التدابير الاحترازية أو مخالطة المصاب للغير يعد مخالفة واضحة وصريحة لقرارات الجهات المختصة وتتم معاقبته حال ضبطه.


تشريع

ويرى المستشار القانوني أحمد حافظ أن درء الأخطار يستدعي عقوبة قانونية مشددة، ولا سيما في الحالات التي تستخدم فيها مواقع التواصل الاجتماعي، لنشر شائعات قد تكون أخطارها كبيرة على المصلحة العامة، وكذلك المساهمة في نشر معلومات مغلوطة، تتسبب في نشر الهلع والخوف بين أفراد المجتمع، لافتاً إلى أهمية المادة 31 التي تنص على معاقبة كل من دعا أو حرض عن طريق نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات، أو عدم الانقياد إلى القوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة، بالحبس وغرامة لا تقل عن مئتي ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.



وأضاف إن دولة الإمارات اتخذت جميع الاحتياطات اللازمة، وألزمت جميع أفراد المجتمع الإماراتي تطبيق التدابير والإجراءات الوقائية والاحترازية، لمواجهة انتشار جائحة فيروس كورونا، الذي أشرع بوابات مواقع التواصل الاجتماعي، للمعلومات غير الدقيقة ومن دون التأكد من صحتها، أو الحصول عليها من المصادر الموثوق بها، ما تسبب بفوضى معلوماتية حول الفيروس، والجرعات التطعيمية، التي أثبتت الدراسات الطبية جدواها ودورها في رفع مناعة الجسم، ما يستدعي تشديد العقوبات على ناشري المعلومات غير الصحيحة، والمحرضين على عدم أخذ المطاعيم اللازمة، كونهم يتسببون بتداعيات سلبية كبيرة على المصلحة العامة ويقوضون خطة تحقيق الحضانة الصحية الشاملة التي تقودها الجهات المعنية في الدولة.


مواجهة

وأشار إلى أن دولة الإمارات وفرت المطاعيم بمختلف أشكالها مجاناً، لجميع أفراد المجتمع الإماراتي من دون استثناء، وعليه يجب أن يساهم الأفراد في مواجهة الدعوات التحريضية التي ينشرها أفراد بعيدون كل البعد عن المفاهيم الصحية والطبية، كما يجب على من يقومون بنشر المعلومات المغلوطة التوقف، حتى لا يعرضوا أنفسهم للمساءلة القانونية، نظراً للأضرار الذي يتسببون بها لمصالح الدولة وتعريض الأفراد للخطر.



 وعدّ المحامي سعيد الشرمي أن ما يتم نشره، عبر شبكات التواصل الاجتماعي يعد تحريضاً على إجراءات الجهات الرسمية في الدولة، وأن العقوبة تكون حسب محتوى النص والفيديو والعبارات الواردة فيه من تحريض واستهزاء بالإجراءات،، لافتاً إلى أنه يجب على جميع أفراد المجتمع الالتزام بقوانين الدولة والإرشادات والتعليمات الصادرة بشأن مكافحة فيروس «كورونا» والوقاية منه.



وقال الشرمي، إن المادة 197 مكرر (1) من قانون العقوبات الاتحادي، نصت على الحبس وغرامة لا تقل عن 100 ألف ولا تتجاوز 500 ألف درهم، لكل من حرّض غيره على عدم الانقياد للقوانين أو حسّن أمراً يعد جريمة، كما نصت المادة 197 مكرر (2) بالسجن المؤقت لكل من استعمل أي وسيلة من وسائل الاتصال، أو وسائل تقنية المعلومات، أو أي وسيلة أخرى، في نشر معلومات أو أخبار أو التحريض على أفعال، من شأنها تعريض أمن الدولة للخطر أو المساس بالنظام العام، فيما يبقى تفسير الأمور المجرّمة من عدمه للمحاكم الجزائية المختصة فلها وحدها سلطة تقدير الفعل المجرّم ويبقى لنا مهمة نشر الوعي والثقافة القانونية بين الناس.


تضخيم

المستشار القانوني أشرف صقر يعتقد أن فئة قليلة في المجتمع تعمد إلى بث المعلومات المغلوطة والمذبذبة للرأي العام للتشكيك في نجاعة طرائق العلاج أو عدد المرضى أو الوفيات أو حتى في اللقاح الذي تعتمده الدولة للحفاظ على مواطنيها والمقيمين فيها، وهو ما يطرح السؤال حول مدى قانونية نشر مثل هذه المعلومات أو الأفكار أو الآراء التي تشكك في نجاعة اللقاحات المستخدمة والتضخيم أو اختلاق آثارها السلبية، وما إذا كان هناك من القانون ما يردع هؤلاء ويوقفهم عند حدهم.



وقال: إن دولة الإمارات من أكثر الدول نشاطاً في المجال القانوني بغية ضمان الأمن والسلام المجتمعي وبشكل يتفق مع الحريات الواسعة الممنوحة داخل الدولة لمواطنيها والمقيمين بها، ولذا فإن أبرز ما يمكن أن يقال في هذا الصدد هو ارتباط المشرع الإماراتي بالتطورات الواقعة في مجتمعه سواء من الناحية التقنية أو الاقتصادية أو المعلوماتية، فنجد أنه صاغ القانون المتعلق بمكافحة جرائم تقنية المعلومات بما يضمن حماية المجتمع من العابثين بمقدراته ويبتغونها عوجاً.

وأوضح أن القانون سالف الذكر وفي المواد 24، 28، 31 منه نص على عقوبات رادعة تصل إلى السجن المؤقت والغرامة التي تصل في حدها الأقصى إلى مليون درهم، وذلك لكل من تسول له نفسه أن يستغل هذه الحرية في أن يروج من خلال إحدى وسائل تقنية المعلومات لأفكار من شأنها إثارة الفتنة أو تمس بالسلام الاجتماعي أو تخل بالنظام العام، وكذلك نشر أو بث معلومات أو أخبار، من شأنها تعريض أمن الدولة ومصالحها العليا للخطر أو المساس بالنظام العام، ولم يقف تجريم المشرع في هذه النصوص عند هذا الحد إذ إنه أوجب العقاب لكل من دعا أو حرض عن طريق نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات على عدم الانقياد إلى القوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة.

وتابع: لم يكتفِ المشرع عند هذا الحد من العقوبات الرادعة بل عدّ في المادة 44 منه أن هذه الجرائم تشكل بارتكابها جرائم ماسة بأمن الدولة لتنظرها محاكم مختصة لمثل هذا النوع من القضايا أصبغ عليها نوعاً خاصاً من الإجراءات السريعة المتبعة فيها، كما عاقب على الشروع في هذه الجرائم بنصف العقوبة المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر بالإضافة إلى إبعاد الأجنبي الذي يرتكبها من البلاد بالمواد 40، 42 منه.