انتقل اليوم الثلاثاء إلى رحمة الله تعالى الدكتور المهندس عبد الرحمن حسنين مخلوف مدير دائرة تخطيط المدن في أبوظبي عن عمر ناهز 98 سنة، رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.

وقد اقترن اسم الدكتور عبد الرحمن مخلوف بالتخطيط العمراني لمدينة أبوظبي، فهو المهندس المعماري الذي حاز على الدكتوراه في ألمانيا ليعود مباشرة إلى العالم العربي ويعمل مع الأمم المتحدة في التطوير المدني والمعماري كخبير في التخطيط الحضري، وقضى جلّ حياته في أبو ظبي.

وحصل الدكتور عبد الرحمن مخلوف على جائزة أبو ظبي في دورتها الخامسة عام 2010 وتسلم الجائزة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما تم تكريمه من قبل صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان على مسيرة إنجازاته طوال نصف قرن.

ونشأ الدكتور عبد الرحمن مخلوف في أسرة عريقة في صعيد مصر قرية (بني عدي) تقدس العلم وترفع قدره فالجد والوالد من أعلام الأزهر الشريف، الشيخ محمد حسنين مخلوف شيخ الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء منذ تأسيسها عام 1911 والوالد الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية كما أن أخوته من خريجي الأزهر ودار العلوم والهندسة والاقتصاد والعلوم السياسية.

< p>وتخرج في جامعة القاهرة كلية الهندسة قسم العمارة عام 1950 وعين معيدا ثم مدرسا بعد حصوله على الدكتوراه من جامعة ميونيخ عام 1975، وانتدب للأمم المتحدة خبير لتخطيط المدن في المملكة العربية السعودية من عام 1959 إلى 1963 قام خلالها بإنشاء جهاز تخطيط المدن وأنجز مشروعات التخطيط العمراني لكل من مدن جدة ومكة المكرمة والمدينة وينبع.

وفي عام 1964 كان أول من قام ببحث علمي عن أوضاع ومستقبل مدينة القاهرة والجيزة كإقليم عمراني متكامل، ووضع مخططا مستقبليا لهما، واقترح فيه المدن الصحراوية الواقعة على طريق السويس والفيوم، كما اقترح الطريق الدائري حول القاهرة، وانتدب بعد عامين مديرا عاما لإدارة التخطيط العمراني للقاهرة الكبرى.

وفي كتابه «رحلة العمر مع العمران» يتحدث الدكتور مخلوف عن بداية قدومه إلى أبوظبي بقوله رحمه الله: «في العام 1968 طلب الشيخ زايد، طيب الله ثراه، من الأمم المتحدة إرسال خبير لتخطيط المدن للمساعدة في إعداد المخطط العام لمدينة أبو ظبي، فتم ترشيحي لهذه المهمة فعينت مديرا لتخطيط المدن في أبو ظبي حيث توليت مهام تخطيط المدن بها وتأسيس دائرة المدن في أبو ظبي والعين.

وعن أول لقاء له مع الشيخ زايد بن سلطان أشار الدكتور عبد الرحمن مخلوف إلى أنه عندما رشحته الأمم المتحدة كخبير للتخطيط العمراني بناء على طلب الشيخ زايد وصل إلى أبو ظبي يوم 2 نوفمبر عام 1968 ومكثت فيها شهرا أدرس تضاريس وجغرافية المدينة حيث كان الشيخ زايد في ذلك الوقت خارج البلاد في جنيف وبعد عودته التقيت بسموه بعد العصر في مكان بالقرب من فندق انتركونتيننتال حيث اعتاد أن يقوم بالمرور بعد صلاة العصر على المشاريع العمرانية التي تنفذ في ذلك الوقت ثم يجلس في نهاية المطاف في هذا المكان.

وفي مايو 1976 أسس الدكتور مخلوف المكتب العربي للتخطيط والعمارة، ومن ثم انتدب أستاذا محاضرا لمادة التخطيط العمراني في كلية الهندسة جامعة الإمارات في الفترة من 1983 إلى 1985.  

ويركز الدكتور مخلوف في كتابه "رحلة العمر مع العمران" الذي يجسد خلاله رحلة كفاحه التي استمرت نصف قرن في مجالات العمران وتخطيط المدن على المحطات الرئيسية التي توقف بها منذ نعومة اضافره وتخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة مرورا بسفره إلى ألمانيا وحصوله على درجة الدكتوراه وانتدابه ومساهماته في الأمم المتحدة  لتخطيط المدن في المملكة العربية السعودية والإمارات وعودته إلى القاهرة ثم استقراره أخيرا في مدينة أبو ظبي التي خصص لها جانبا كبيرا من كتابه ومن حياته، رحم الله الفقيد وغفر له وأسكنه فسيح جناته.