1.200.000 خلية نحل في الدولة تنتج مئات الأطنان من العسل سنوياً للاستهلاك المحلي والتصدير، لتشكل خلايا استثمار بعائد متوسطه بين 30 و40 %. ويبلغ حجم الإنتاج المحلي 800 طن سنوياً، فيما تنتج شركة عسل قرية حتا 50 طناً سنوياً، بحسب المهندس الشيخ سالم بن سلطان بن صقر القاسمي، رئيس دائرة الطيران المدني في رأس الخيمة، عضو المجلس التنفيذي، ورئيس مجموعة «ون هايف» المختصة بإنتاج وتطوير نحل العسل في دبي.
وتزخر دولة الإمارات ببيئة فطرية تعكس ثرواتها الطبيعية الغنية التي تعززها المحميات الطبيعية في مختلف مناطق الدولة، وبفضل ذلك التنوع يبرز أهمية العسل الإماراتي بخصائصه الصحية الفريدة بفضل الطبيعة الجبلية، بالإضافة لدوره البيئي ودعم السياحة الجبلية، وتعزيز الأمن الغذائي واستدامة قطاع النحل في الدولة.
وأشار الشيخ سالم بن سلطان بن صقر القاسمي إلى أن دولة الإمارات قامت بتصدير عسل ومنتجاته بقيمة 4.43 ملايين دولار لتتبوأ بذلك المركز 43 بين أكبر مُصدري العسل في العالم خلال عام 2019، واستوردت في نفس السنة 26.4 مليون دولار من العسل، لتصبح بذلك في المرتبة 17 بين أكبر مستورديه في العالم، بحسب موقع «مرصد التعقيد الاقتصادي» لبيانات التجارة الدولية.
وأكد أن حجم الواردات الإماراتية من العسل يفوق بكثير حجم الإنتاج المحلي، ما يزيد على 90% من منتجات العسل المعروضة على رفوف المتاجر هي مستوردة، نظراً لانخفاض أسعارها مقارنة بالمنتج الإماراتي.
تحديات
وأكد الشيخ سالم القاسمي، أن أبرز التحديات التي تواجه النحالة في دولة الإمارات تتمثل في صعوبة استدامة النحل بالدولة نتيجة لطبيعة الأرض والمناخ التي تمثل أكبر تحدٍ يواجه النحال الإماراتي، بالإضافة لقضية غش العسل، حيث يتم استيراد منتجات عسل شبيهة بالمنتجات المحلية سواء مصنّعة أو طبيعية، ولكن منخفضة الجودة، ويتم طرحها في الأسواق بأسعار زهيدة وتسويقها بالادعاء زيفاً أنها منتجة محلياً في الإمارات، لترغيب المستهلك في شرائها مما يلحق الضرر الاقتصادي بالنحّال الإماراتي.
مميزات
وأشار إلى أن أبرز مميزات الاستثمار في المناحل داخل دولة الإمارات يتمثل في أن مجال تربية النحل له أبعاد تتعدى الماديات، حيث يعتبر مجال تربية النحل في الإمارات إرثاً تاريخياً يتناقل عبر الأجيال، وهو وسيلة نسهم من خلالها في الحفاظ على التنوع البيولوجي الطبيعي وكذلك تعزيز مكانة دولة الإمارات كأحد أكبر المصدرين للعسل في العالم، مؤكداً أنه لا يمكن الحسم في ملف حساب نسبة الأرباح مقارنة بالتكاليف، إذ تختلف نسبة الأرباح في مجال تربية النحل باختلاف المواسم والظروف المناخية للمنطقة، لكن يمكننا أن نعطي رقماً تقديرياً بأنه يتراوح بين 30 و40%.
جدوى
وأوضح الشيخ سالم القاسمي، مشروع إنتاج العسل له جدوى من ناحيتين، الأولى تمثل العائد الاقتصادي الذي يعود على النحّال أو منتج العسل عن طريق بيع إنتاجه من منتجات الخلية كالعسل وحبوب اللقاح والعُكبر وغذاء ملكات النحل والشمع، والثاني تعزيز استراتيجية دولة الإمارات لدعم نمو واستدامة القطاع الزراعي في الدولة، لافتاً إلى أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أشار خلال تقريره أنه من بين 100 نوع من المحاصيل المسؤولة عن توفير 90% من الطعام الذي نتناوله في جميع أنحاء العالم، يعتمد حوالي 71 نوعاً منها على تلقيح النحل، وهذا يمثل ثلثي الطعام الذي نأكله.
ضوابط
وأكد أن وزارة البيئة والتغير المناخي تلعب دوراً محورياً في تنظيم هذا المجال من حيث وضع الضوابط والشروط الخاصة باستيراد أو تصدير النحل والعسل من وإلى الإمارات، وكذلك تنظيم ورش العمل، كما تم إطلاق خدمة إلكترونية لاعتماد أغذية ومكملات غذائية لنحل العسل، بهدف دعم قطاع إنتاج العسل وتسهيل الإجراءات الخاصة باستيراد الأغذية والمكملات الغذائية لنحل العسل، وأخيراً وليس آخر تعمل الوزارة على إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية للنحل والنحالين تحقيقاً لهدفين استراتيجيين يتمثلان في تعزيز التنوع الغذائي وضمان استدامته واستدامة النظم الطبيعية، وإدراكاً منها للدور الذي يلعبه نحل العسل في تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية.
كما تقوم هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية على تطوير سلالة نحل إماراتية، وتم إنتاج عدد من الأجيال لملكات عالية الجودة وتثبيت الصفات الوراثية وتقييم الأداء لملكات سلالة النحل الإماراتية، بالإضافة إلى تنظيمها الدوري لمعرض تربية النحل وإنتاج العسل وكذلك المنتدى العالمي للابتكارات الزراعية GFIA، ونحن بدورنا نفخر بكوننا شريكاً استراتيجياً بتعاوننا مع الجهات الحكومية في مجالات البحث العلمي وكذلك رعاية وتنظيم مسابقات لأفضل ممارسات، أبحاث، وابتكارات في مجال تربية النحل وإنتاج العسل على مستوى الوطن العربي.
وأضاف: وفقاً لإرشادات وزارة التغير المناخي والبيئة فإنه يراعى اختيار موقع إنشاء المنحل بعناية ودقة ومراعاة قربه من المصادر الطبيعية لغذاء النحل لإمداد النحل باحتياجاته الغذائية كحبوب اللقاح ورحيق الأزهار، ويجب مراعاة وجود مصادر للمياه النقية، كما يُنصح أن يبتعد المنحل المنشأ حديثاً عن المناحل التجارية الكبرى لتلاشي المنافسة بين الأفراد على مصادر الغذاء، كما يفضل قربه من الطرق العامة والمعبدة لسهولة الوصول إليه وسهولة التسويق، والبعد قدر الإمكان عن التجمعات السكانية لتلاشي ندرة الغذاء وتعرض السكان للسعات النحل، والبعد عن المستنقعات والبرك الراكدة التي تكون مسبباً مرضياً كبيراً للنحل، كما يفضل أن يكون المنحل بعيداً عن الطرق الترابية لعدم إزعاج النحل ونفوره من المكان والهجرة منه.
مواسم
وقال الشيخ سالم القاسمي: إن مواسم إنتاج العسل في دولة الإمارات متعددة، منها موسم أزهار الربيع ويعتمد كلياً على سقوط الأمطار ويتم جني العسل في شهري فبراير ومارس، وموسم عسل السمر (البرم) في الفترة بين شهري أبريل ومايو، وموسم عسل الغاف وعسل القرم (المانجروف) في شهري يونيو ويوليو، وموسم السدر في الفترة بين شهري أكتوبر ونوفمبر.
وأشار إلى أن أبرز أنواع العسل بالإمارات هما عسل السدر، وعسل السمر، أما باقي أنواع العسل الإماراتي فعدد قليل من النحالين يهتم بإنتاجها لكونها من الأعسال المتبلورة بالرغم من وفرة إنتاجها وقيمتها الغذائية العالية إلا أن كثيراً من المستهلكين يعتقدون بالخطأ أن العسل المتبلور هو عسل مغشوش أو مضاف إليه السكر الصناعي. ونحن في عسل حتا نحرص على إنتاج جميع الأعسال الإماراتية كما نعمل على نشر ثقافة العسل بين المستهلكين عن طريق التوعية عن طبيعة التبلور، فالتبلور هو عملية طبيعية تحدث للعسل ترجع إلى نسب حبوب اللقاح بالعسل، وتفاوت نسب الجلوكوز والفركتوز.
وأضاف: جميع أنواع العسل الطبيعي لها قيمة غذائية مهمة لجسم الإنسان وللصحة العامة، حيث إن العسل الخام غير المعالج وغير المخلوط - بأي سكريات صناعية أو مواد حافظة - يحتوي على مجموعة متنوعة من مضادات الأكسدة ـ مثل أوكسيديز الجلوكوز وحمض الأسكوربيك - كما أن للعسل خصائص مضادة للبكتيريا مما يساعد على تعزيز جهاز المناعة.
ويمتاز كل نوع من العسل بخصائص تميّزه من حيث اللون والطعم والرائحة: فعلى سبيل المثال يتميز عسل السدر بلونه الذهبي الفاتح ورائحته الشبيهة برائحة زهرة السدر، في حين يمتاز عسل السمر باللون الأحمر الداكن المائل للسواد مع مرور الوقت ورائحته العطرية الفواحة.
قرية النحل بحتا
قرية النحل هي أول حديقة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، أنشئت في منطقة حتا التابعة لمدينة دبي، وتبلغ مساحتها نحو 16 ألف متر مربع، وجاء اختيار موقعها بالفعل اختياراً موفقاً، وباتت اليوم مقصداً لأعداد كبيرة من السائحين والمواطنين والمقيمين، وصارت مزاراً سياحياً لا تتردد المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة من مدارس وجامعات بتنظيم رحلات أسبوعية لها، ساعد على تميزها وجمال الطبيعة فيها موقعها فهي تقع بين الجبال والمزارع، وهي موطن طبيعي لأكثر من 100 ألف نحلة بدأت بـ10 خلايا منذ تسع سنوات، إلى أن ازدهرت لتضم الآن أكثر من 3000 خلية على امتداد مساحة الحديقة.
وتعد قرية النحل في حتا بمثابة جامعة أو مركز تعليمي، يتعرفون من خلالها على فنون تربية نحل العسل، ودور النحل وأهميته في البيئة وكيفية جمع العسل، وأهم الأشجار الإماراتية المنتجة للعسل كالسدر أو السمر والغاف، وكيفية تربية اليرقات منذ الصغر، إلى أن تصبح ملكة كبيرة في الخلية وطرق إنتاج الغذاء الملكي، وتثقيف الأجيال في مجال إدارة المناحل، والتعريف بالعسل وأنواعه وسلالاته وصولاً إلى كيفية إنتاج العسل ومشتقاته.