بلغت «المساحات» التي نفذتها وتشرف على إدارتها وصيانتها بلدية دبي العام الماضي 43 مليوناً و700 ألف متر مربع، ويبلغ نصيب الفرد من المساحات الخضراء 26.3 متراً مربعاً في العام 2021، نحو ضعف المساحة المحددة من قبل الأمم المتحدة، والتي تبلغ 15 متراً مربعاً نصيباً للفرد حداً أدنى. 

 

وعلى الرغم من أن بيئة الدولة صحراوية، واجهت دبي هذا الأمر بمنظومة زراعية شاملة من خلال استخدام أفضل التقنيات العالمية وشبكة وأنظمة ري ذكية تدار «عن بعد» وفرق صيانة مميزة تعمل على مدار العام وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، بهدف تعزيز وزيادة المساحات الخضراء في إمارة دبي، كما تقوم باستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة مياه الري وإنتاج النباتات في مشتل ورسان التابع لبلدية دبي، والذي تقدر طاقته الإنتاجية بأكثر من 120 مليون شتلة سنوياً.

وأوضح محمد العوضي مدير إدارة الزراعة والري في بلدية دبي في حوار مع «البيان»، أن التجميل بالزهور يبقي الإمارة زاهية على مدار العام، ويمتد على أكثر من 1.5 مليون متر مربع ضمن طرق وحدائق المدينة.

ويعتبر النظام الآلي الذي تستخدمه البلدية في مشتل ورسان لإنتاج الزهور الأول على مستوى الشرق الأوسط، وأنظمة الري في المنشأة مستدامة يتم فيها إعادة تدوير المياه للمحافظة على الموارد الطبيعية، إضافة إلى قدرة المشتل على مضاعفة الطاقة الإنتاجية باستخدام أحدث التقنيات العالمية، واستخدام أحدث أنظمة الري والتسميد مثل نظام الري بالغمر.

ويوفر المشتل بمساحة 36 هكتاراً، مختلف أنواع النباتات والزهور والأشجار الداخلية والخارجية، فضلاً عن مستلزمات التزيين والزراعة والبستنة بما في ذلك الأتربة والأسمدة، وأنتج العام الماضي 48 مليون شتلة من الزهور والنباتات ويعتمد 100% الطاقة الشمسية في تشغيل بعض المرافق والمضخات، وتبلغ مبيعات المشتل 2 مليون درهم سنوياً بأسعار رمزية واعتماده على 100% على التحكم الذاتي في أنظمة الري.

وأكد أن الاهتمام بتجميل إمارة دبي والمناطق التابعة لها وتحسين ظروفها البيئية من خلال نشر المساحات الخضراء، يسهم في ارتفاع قيمة العقارات وزيادة فرص الاستثمار وانتعاش السياحة بالإضافة إلى إمكانية تحقيق عوائد مالية نتيجة تقديم خدمات الاستجمام والترويح والتريض والترفيه داخل المساحات الخضراء، لافتاً إلى أن الاستفادة من المخلفات الزراعية وتدويرها وتحويلها إلى أسمدة عضوية يعتبر من المشاريع ذات العائد المادي الجيد.

كما أكد العوضي أهمية النباتات المستخدمة في تخضير وتجميل المدينة وتحسين ظروف البيئة من خلال قيام كل نبات من النباتات المزروعة بدور أو هدف محدد يؤديه وتكون المحصلة النهائية هو تجميل وتخضير المدينة.

وقال: «عادة ما تتوازن عناصر التنسيق النباتية وغير النباتية بمشاريع الزراعة التجميلية من حيث المساحة والارتفاعات وتوافق الألوان والتفاعل مع المنشآت المحيطة بها كالمباني والجسور، وحالياً يقاس مدى تقدم ورقي المدن عالمياً بما تحويه من مساحات خضراء وما توفره كنصيب للفرد من هذه المساحة، ولأهمية هذا الموضوع فقد أنشأت المنظمات العالمية والإقليمية جوائز عدة في هذا المجال تتنافس عليها مدن العالم ويتم منحها للدول التي تتبنى رؤى ومعايير واضحة في هذا المجال».

مجموعات نباتية

 

أما بالنسبة لأصناف الزهور والنباتات التي يتم استخدامها، فهي عديدة ومتنوعة من حيث الألوان والأشكال والأحجام وأهمها، البيتونيا، الماري جولد، زينيا، أليسم، وينكا، الانترهينم، البلارجونيوم، الكريزانثيمم، السالفيا، الاجيراتم، وغيرها من الأصناف التي يتم تحديدها واختيارها بعناية فائقة، مستندين في ذلك إلى نتائج الأبحاث والتجارب الصادرة عن محطة الأبحاث والتجارب التابعة لمشاتل البلدية، والتي تمتد على مساحة تقدر بعشرة آلاف متر مربع وتتسع لأكثر من 120 صنفاً في المرة الواحدة.

وبحسب المسؤول، تهدف المحطة إلى تقييم النباتات بطريقة علمية ومعايير محددة أهمها قطر الزهرة، فترة حياة الزهور، تغطية التربة، تغطية الزهور للنبات، تجانس النمو، نقاوة لون الزهرة، تشابه الزهور، مقاومة الإصابة بالأمراض أو الحشرات، منتهجين في ذلك معايير الحوكمة عند تحديد الأصناف التي يتم شراؤها للإنتاج، كما يتم اتباع الأنظمة العالمية عند التقييم وهي التقييم بالمقارنة والتقييم بالمشاهدة.

طريقة التصميم

 

وحول كيفية تصميم أعمال الزراعة في الطرق قال العوضي: نظراً لما يتطلبه تصميم مساحات الزهور في الطرق والميادين العامة من تخصصية في العمل، فقد شكلت بلدية دبي فريق عمل متخصصاً في هذا المجال من الكفاءات المواطنة، مهمته دراسة المواقع المطلوب زراعتها بالزهور وإعداد التصاميم لها مستنداً في ذلك لعدة أسس ومعايير أهمها، طبيعة المنطقة تخطيطياً (سكنية /‏‏‏ تجارية /‏‏‏ صناعية)، سرعة الشارع، زاوية النظر، شكل الأحواض المخصصة للزراعة ومساحتها، بالإضافة إلى نوعية الخدمات والمرافق والمباني المحيطة.

وأضاف: كما يدخل فريق التصميم وبشكل مستمر عناصر جديدة ومبتكرة لتوظيفها بالشكل الأمثل في التصميم، مثل مزهريات الزهور المعلقة التي تم إدخالها أخيراً في بعض المواقع إضافة إلى المزهريات الأرضية والمزهريات المضاءة.

تحدي الطقس

 

وأوضح مدير إدارة الزراعة والري أن التغلب على الظروف الجوية في الدولة يتم من خلال إنشاء صوبات زجاجية بمساحة 10000 م2 المخصصة لتوفير الاحتياجات من النباتات خصوصاً الزهور في الأوقات التي يصعب الإنتاج فيها بالمناطق الخارجية بسبب عدم ملاءمة الظروف الجوية أو لاحتياجات النباتات لظروف خاصة للإنتاج من درجات حرارة ورطوبة وإضاءة معينة.

وأضاف: لكي تقوم البيوت المحمية بعملها حسب ما هو مخطط لها، تم تزويدها بعدة أنظمة مثل أنظمة تبريد ميكانيكية، أنظمة تبريد صحراوية، نظام للتهوية، نظام للإضاءة، أنظمة ري حديثة يتم فيها إعادة تدوير المياه، نظام للتضبيب، نظام للتغذية من خلال شبكة الري، نظام للتحكم في الفترات الضوئية (ستائر/‏‏‏ وأنظمة إضاءة خاصة)، وجميع هذه الأنظمة مرتبطة بجهاز حاسب آلي لتشغيلها.

وأوضح أن الإنتاج داخل الصوبة الزجاجية يتم من خلال الزراعة في طاولات متحركة لاستغلال هذه الوحدات بطريقة اقتصادية وضمان توفير الاحتياجات من النباتات للسنوات المقبلة.

 

البيع للجمهور

وفي سؤال حول تخصيص المشتل بعض منتجاته للبيع للجمهور أجاب محمد العوضي: «تم إنشاء مركز مكيف لبيع النباتات يتيح الفرصة لعرض جميع النباتات الداخلية بالإضافة إلى مناطق مظللة لعرض النباتات الخارجية، كما أن منطقة المعارض والبيع مجهزة للعمل في الفترة المسائية وخلال العطلات لتلبية احتياجات الجمهور من النباتات بالأسعار الرمزية حسب الأوامر المحلية الصادرة في هذا المجال لتقديم خدمة متميزة لسكان إمارة دبي، من خلال بيع نباتات جيدة خالية من الآفات الزراعية وموثوقة المصدر مع توفر مختصين بالمركز مؤهلين وقادرين علي تقديم الإرشاد الزراعي وتوعية المتعاملين في المجالات الزراعية».

مبيد طبيعي

 

ولفت إلى استخدام محلول بذور أشجار النيم كمبيد طبيعي آمن لمكافحة بعض الآفات الزراعية كحشرة المن والدودة الخضراء والذبابة البيضاء والعناكب الحمراء والتربس والديدان القارضة على نباتات الزينة المختلفة، حيث أدى ذلك إلى انخفاض ملحوظ في كمية المبيدات الكيميائية المستخدمة وإلى تقليل التكلفة والمحافظة على البيئة من التلوث.

 

تقنيات

وقال العوضي: يستخدم المشتل أفضل تقنيات الإنتاج والتفريد الآلية، ويوفر خاصية المحافظة على استدامة التقنيات المستخدمة مع مرور الزمن وتطويرها ورفع كفاءتها، كما يوفر مركز تدريب وتأهيل متكاملاً لدعم التدريب التخصصي والتأهيل الزراعي للمتخصصين والعاملين والشركات الزراعية المرخصة في إمارة دبي، بما يضمن عملها وفقاً للشروط والمعايير والمواصفات المعتمدة بإمارة دبي.

أما مرافق الدعم للمشتل فهي: مختبر التربة والمياه والأسمدة، مختبر مكافحة الآفات الزراعية، مختبر الزراعة النسيجية.